في الطاقة والانسجام


تُحيط بنا، وبكلّ شيء حولنا، قوى من "الإلكترومغناطيسيّة". ويعني هذا وجود دائرتين؛ من المغناطيس ومن الكهرباء، تُحيطان بنا بشكل "حقل للطاقة". وهذه طاقة فريدة، وطاقة توازن أساسيّة في الطبيعة، مثل "قانون الجاذبيّة". ويعود اكتشافها إلى معادلات العالم ماكسويل (Maxwell)، ما أدّى إلى الحصول على "مُولّد للكهرباء"، وشاحن، وتيّار لا ينقطع، أي حصلت البشرية على طاقة دائمة، لا بل وطاقة قادرة على تحريك كل ما حولها من الأشياء والأدوات، وهو من أعظم الاختراعات. وبتأسيس شركة "جنرال إلكتريك" (GE)، قيل إنّ الكهرباء ستكون رخيصة جدا، لدرجة أنّ الأغنياء فقط هم من سيشتري الشمع. ثمّ أضاء العالم بديمقراطيّة الرؤية المشتركة مرة واحدة وللأبد. اضافة اعلان
وفي الواقع اليومي، نجد العديد من الأوصاف التي تُشير إلى إدراكنا لوجود حقل الطاقة من حولنا، من مثل القول: إنّه يُشعل الغرفة والجمهور؛ إنّها تُضيء المكان؛ له وجه مُضيء؛ لقد انجذبنا إلى الحديث؛ تكهرب الجو؛ النجم ضارب؛ إنّه فريق يُحرّك الجبال؛ هي بيئة جاذبة/ أو طاردة... وغير ذلك من الأوصاف التي تفسر عملية الشدّ والجذب، والردّ والصدّ، والتصادم والتقاطع عبر التيار.
وفي عوالم أخرى موازية، تكون لحقل الطاقة مساراته الفريدة والخاصّة به. ففي الأدب هي الهارمونيا، وفي الأديان هي المحبّة، وفي الاقتصاد هي العمل، وفي علم الاجتماع هي الطاقة المتوالدة من خلال عمليّة الربط ومن الترابط، أمّا في السياسة فهي طاقة الحُكم أو التحكّم التي ستسعى إلى تحقيق أهدافها الخاصّة، مدفوعة برؤيتها الخاصّة نحو طاقة المكان والإنسان بحملهما وبأحمالهما!
لقد استوقفتني التصريحات الأخيرة حول أسباب التعديل الوزاري؛ إذ استخدمت مصطلحات بإشارات قويّة، جاءت مثل سابقة لفظيّة، إن جاز التعبير، في أدبيّات إدارة الموارد العليا للدولة الأردنيّة؛ من مثل أنّ التعديل حدث لغاية تحقيق "التجانس". وبمفهوم المخالفة، كانت هناك حالة من عدم التجانس. والتفسير العلمي لها يكون إمّا لانعدام الطاقة أو انقطاعها، أو لضعف في التيّار أو عمليات الشحن وفي الشاحن، أو بسبب التقاء الموجب بالموجب عكس ضرورة تأمين قُطبين مُختلفين؛ أحدهما سالب والآخر موجب، كأساس هو "غير مُتجانس" لكنه ضروري لإنتاج الطاقة! وعليه، نستغرب أن يكون "إحداث التجانس" بين موارد بشريّة مُختلفة هو المطلب، أو غاية للتشكيل أو للتعديل، بعكس قانون إنتاج الطاقة! وأيضا لأنّ العلماء هم المختلفون وهم الإشكاليون، كما الأذكياء هم المشاغبون. ولم يبرأ من تلك التُهم أيضا أي من قادة التغيير!
ومن ثم، أجد أنّه وبالنظر إلى كفاءة أعضاء الفريق الاقتصادي المُنصرف، ومن بينهم من ما يزال يبحث في الحلول الناجعة في مسائل صعبة وفي ملفّ الطاقة؛ وبالنظر إلى بعض التعقيد على أرض الواقع عندما يختلط الاقتصادي بالسياسي بالاجتماعي بالتفاصيل، فإن الاستنتاج العلمي المتوافر وراء خروج شخصيات اقتصادية متنورة وذات فكر ووزن اقتصاديين ثقيلين، مثل الدكتور جواد العناني والدكتور يوسف منصور، هو باختصار أن "الجو  مكهرب"، وهذا كل ما في الأمر!