تعرفة الكهرباء واكتشاف الذرّة

تسابق عدد من أعضاء مجلس النوّاب بإطلاق تصريحات حول تقرير لجنة فواتير الكهرباء بأن التعرفة الكهربائيّة تتضمن قروض الشركات واستثماراتها وبالتالي تتحملها جيوب المواطنين. النوّاب وهم يطلقون هذه التصريحات الشعبويّة يوظفونها الآن لأغراض انتخابيّة يعتقدون أنهم اكتشفوا صناعة الذرة، فأي سلعة تباع أو خدمة تقدم تتضمن كلف الاستثمار والنفقات الرأسماليّة والتمويل والتشغيل وكل ما ينفق يتم احتسابه في دراسة التكاليف لتحديد ثمن تلك السلعة أو الخدمة، والمستثمر الذي يأتي للاستثمار لا يأتي لخدمة علم كما يعتقد البعض، فهو يأتي لتحقيق الأرباح والتي أيضا يتم تحميلها على تعرفة الخدمة والسلعة المباعة، وإلا لماذا سيأتي؟، وهذا موجود في كل الأعمال والأنشطة الاقتصاديّة، الصغيرة منها والكبيرة، وهذا هو الحال في التعرفة الكهربائية، فالاستثمار في إصلاح الشبكات والخطوط وتحديثها وغيرها كلها أنشطة تحتاج إلى أموال ضخمة للاستثمار فيها، وهذه الشركات تلجأ للتمويل من البنوك عن طريق القروض المختلفة، وبالتالي تكون ضمن دراسات الجدوى للمستثمر، وهذا معمول به في كل العالم وليس في الأردن. الهجوم على شركات الكهرباء وتشويه صورة المستثمرين يعدان نوعا من العصيان المدني تقوده فئات لأغراض الإساءة لبيئة الأعمال في الأردن والمشاغبة وزعزعة الاستقرار الاقتصاديّ، علما أن المالك الرئيسي للشركات الكهربائية العاملة في المملكة هو الشعب نفسه من خلال ملكية صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعيّ التي تصل الملكية في بعض الشركات لأكثر من 75 بالمائة موزعة في ثلاث شركات توزيع للكهرباء في المملكة تقوم بتوزيع وبيع الطاقة للمشتركين ضمن مناطق عمل جغرافية محددة، وتعمل بموجب رخص ممنوحة لها من هيئة الطاقة، وتلتزم الشركات بتحقيق معايير أداء لتقديم الخدمة للمشتركين، بالإضافة إلى تحقيق نسب فقد كهربائيّ يتم تحديدها من قبل الهيئة، وفي حال إخفاق شركة توزيع الكهرباء في تحقيق أي من المعايير المحددة من الهيئة، فتكون هذه خسائر مباشرة من أرباح الشركات مهما بلغت قيمتها، وتلزم شركات التوزيع بتمويل مشاريعها بتمويل ذاتي منها لغايات التوسّع في الشبكات وصيانتها وتخفيض الفقد وتحقيق معايير الأداء والخدمة المقدمة للمشتركين، وتخضع هذه الاستثمارات لموافقة الهيئة قبل البدء بتنفيذها، وفي حال لجوء الشركة للاقتراض فتتحمل الشركات فوائد القروض من أرباحها مباشرة ولا تنعكس على أسعار الكهرباء. أما فاتورة طاقة الكهرباء الشهريّة فتشتمل على قيمة كمية الاستهلاك للطاقة الكهربائية، وقيمة فرق أسعار الوقود -التي تستحق على الاستهلاك المنزليّ في حال زيادة الاستهلاك على 300 ك.واط.س- وأجرة العداد الشهريّة وهذه تخص شركة الكهرباء، في حين يتم تحصيل رسوم التلفزيون بمبلغ دينار واحد لصالح وزارة المالية، وفلس ريف واحد عن كل كيلوواط مستهلك لصالح مشروع كهربة الريف، بالإضافة إلى رسوم النفايات التي تقوم شركات الكهرباء بجمعها لصالح البلديات/أمانة عمان. أما بخصوص الفقد الكهربائيّ فهو جزآن: الجزء الأول هو الفقد الفنيّ الذي يشكّل الجزء الأكبر من الفقد، والمعروف بأن النظام الكهربائيّ في أي دولة يوجد فيه فقد كهربائيّ لجزء من الطاقة المنقولة للمشترك، وهذا الفقد جزء من الخصائص الفيزيائية لمكونات الشبكات (الأسلاك والكوابل) والمحولات نتيجة مرور التيار الكهربائيّ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤه، مع الإشارة إلى أنه وعند نسبة فقد معينة تكون تكاليف الاستثمار لتخفيض الفقد عن هذه النسبة أعلى بكثير من قيمة التخفيض المتحقق. أما الجزء الثاني، وهو الفقد غير الفنيّ، فهو نتيجة الخطأ في القراءات أو أنظمة القياس أو نتيجة العبث في التيار الكهربائيّ، وهنا لا يتم تحميل الفقد الكهربائيّ والسرقات الكهربائية للمشتركين، بدليل أن التعرفة الكهربائيّة المحددة للمشتركين ثابتة منذ أكثر من أربعة أعوام. نعم التعرفة الكهربائية مرتفعة في الأردن مقارنة بدول المنطقة، والذي يريد أن يطالب بتخفيضها فليتوجه للحكومة لتخفيض فرق أسعار الوقود المثبت على سعر بترول عال مقارنة بسعره الراهن، ومراجعة اتفاقيات الطاقة المختلفة، حينها سيلمس المواطن انخفاض أسعار الكهرباء، وهنا أساس المشكلة.اضافة اعلان