حمارشة مهندسة تتحدى بإعاقتها الحركية الصعاب وتعبد طريقها بالنجاح

Untitled-1
Untitled-1

ربى الرياحي

عمان- بالإرادة والإصرار والرغبة في صنع حاضر يرضي تطلعاتها؛ عرفت ميسون حمارشة كيف تعبد طريقها نحو التميز والنجاح بحماسها وحبها الشديد لأن تكون امرأة ذات كيان مستقل.اضافة اعلان
استطاعت أن تحقق الكثير من طموحاتها وتتغلب على إعاقتها، وآمنت بنفسها وبحقها في أن تكون المسؤولة على قراراتها. شخصيتها القوية وإحساسها بأنها قادرة على الوصول إلى أهدافها وتصميمها على خوض كل ما هو صعب، كلها عوامل أسهمت في دخولها مجال الهندسة والعمل على خدمة فئة ذوي الإعاقة من خلال تقديم التسهيلات البيئية لهم لكي يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي.
إصابتها بشلل الأطفال منذ أن كانت صغيرة لم يمنعها أبدا من أن تحلم وتخطط لمستقبلها، ولم يحل بينها وبين قرارها في أن تكون جزءا أساسيا من التغيير، مصرة بذلك على رؤية كل ما هو إيجابي.
تقول ميسون "إن مرحلة الدراسة وجدت عندها رغبة في اختبار كل شيء والتعايش مع إعاقتها والسير بخطوات واثقة لا تعرف التردد"، مبينة أن الصعوبات التي واجهتها زادتها قوة وإصرارا ومكنتها من أن تبحث عن النقاط المضيئة في حياتها، مستندة بذلك على ما لديها من طاقة وجلد.
تبين ميسون أن وجودها في بيئة مدرسية غير مهيأة، أعاق حركتها بعض الشيء، لكنه في الوقت نفسه أعطاها حافزا لتبدع وتكون جديرة بحياة فرضت شروطها عليها.
هي ولأنها تميل بطبيعتها لكل ما هو صعب ومميز وفيه تحدٍ لإمكاناتها، أرادت أن تختار تخصص التمريض في الجامعة الأردنية. رغبتها في أن يكون الواقع منصفا معها خاليا من العراقيل تبددت أمام التدخل غير المباشر من قبل الجهة المسؤولة عن التسجيل، وكان الاعتراض المبطن قائما على المتاعب المرافقة لهذه المهنة واعتمادها الكبير على الحركة السريعة والتنقل من مكان لآخر.
تعرضها لهذا الموقف أكسبها صلابة فوق صلابتها وجعلها أكثر تمسكا بقرارها بأن تختار تخصصا صعبا تثبت من خلاله قدراتها فوقع اختيارها على الهندسة المدنية.
ميسون رفضت أن تتنازل عن حلمها وتستسلم لسلبية الواقع ووعورة طرقاته، فاستحقت أن تكون صورة مشرقة عن كثيرين وثقوا بطموحاتهم وعرفوا كيف يخطوا النجاح تلو النجاح.
إيمانها بأن الشخص هو وحده المسؤول عن تكوين انطباعات الآخرين عنه، دفعها لأن تنظر إلى إعاقتها من الجانب الإيجابي، وتسمح لمن حولها بتقييمها من هذه الزاوية باعتبار الإعاقة من وجهة نظرها لم تكن يوما حاجزا بينها وبين محيطها ولن تكون كذلك أبدا.
أما في ميدان العمل، فقد برزت ميسون كامرأة تعرف ماذا تريد وماذا لديها من مؤهلات كانت قادرة على تنحية إعاقتها جانبا والتعامل مع واقعها بالشغف الذي تحمله في داخلها والمحرض على أن تظل مندفعة تبحث عن التميز دائما وتراهن على سباقاتها مع الحياة لتستطيع أن تكون منافسا قويا في وجه الأزمات.
تقول إن مهام ووظائف كثيرة أوكلت إليها أثناء مسيرتها العملية البداية كانت عملها في شركة هندسية خاصة مدة تسع سنوات حصلت خلالها على فرصة تعيين في دائرة الأراضي والمساحة، لكنها بالرغم من ذلك أبت إلا أن تتمسك بوظيفتها في القطاع الخاص حتى جاءتها فرصة أخرى وهي التعيين في وزارة الأشغال وهناك أيضا تمكنت من أن تثبت نفسها بجدارة وتقوم بعملها على أكمل وجه.
وتشير إلى أنها كانت كغيرها تخرج إلى الميدان، وتتنقل بين المحافظات رافضة أن تعفي نفسها من أي مهمة، ولم تتذرع يوما بإعاقتها ولم تحاول اتخاذها كحجة تستعطف بها من حولها، بل على العكس أصرت على أن تعيش تجربتها بما فيها من معاناة.
وتذهب إلى أن الصعوبات التي واجهتها في العمل الميداني، هي تخصيص سيارات عالية للكشف، الأمر الذي جعل صعودها ونزولها منها عقبة اجتازتها لأنها أقنعت الجميع بأنها أهل للثقة تحب عملها جدا وتؤمن بأن لكل مجتهد نصيبا.
عطاؤها لم يتوقف عند هذا الحد، بل استمر ليشمل فئة تنتمي إليها وتدرك جيدا مدى احتياجها لأن تكون الطرق والأبنية مهيأة أمامها تتواءم مع ظروفهم الخاصة، وتساعدهم على أن يكونوا جزءا من المجتمع يستطيعون التحرك بسهولة وحرية وبدون الاعتماد على أحد.
عملها في المجلس الأعلى لشؤون المعوقين وقيامها بمهام مدير مديرية الوصول والتصميم الشامل أعطاها الفرصة لكي تسهم في خدمة الأشخاص من ذوي الإعاقة من خلال تقديمها التسهيلات البيئية اللازمة والإشراف على تنفيذها طبقا للقانون.
ميسون اليوم وبعد أن تقاعدت، تتجه لتكريس طاقاتها وخبراتها في العمل التطوعي وتحرص على أن تبقى حاضرة تواصل طريق اختارته، لتؤكد انتصارها وتحملها كل المصاعب.
هي وبعد قائمة طويلة من الإنجازات تقرر أن تبرهن للعالم بأسره أن الإعاقة لا تتعارض أبدا مع النجاح وأن هناك الكثير من الطاقات لم يكشف عنها الستار حتى الآن بحاجة فقط لمن يتبناها ويخرجها للنور.
شاركت ميسون كعضو في جمعية "أنا إنسان" و"مؤسسة الأردن"، وتسلمت رئاسة قسم كرة الطاولة للأشخاص من ذوي الإعاقة، كلها ضمن أعمال تطوعية تحاول من خلالها رفع الوعي بحقوق فئة ذوي الإعاقة وتمكينهم من أخذ مواقعهم داخل المجتمع بعيدا عن فكرة الاستعطاف التي يلجأ إليها البعض.