عندما يُهدد الرزاز

بعد نحو 15 شهرًا على تشكيل حكومته، ما يزال رئيس الوزراء عمر الرزاز، ليس فقط لا يستطيع تجاوز الامتحان تلو الآخر، حتى لا نقول "رسب"، وإنما أصبح يُهدد ويتوعد، بعد أن تجاوز مرحلة "العصبية" أو "النرفزة".اضافة اعلان
شيء عظيم أن يقوم رئيس وزراء بالأردن، بفرض شخصيته التي منحها إياه الدستور والقانون، من قبيل الولاية العامة، لكن أن يتم استخدامها في قضية تهم كل بيت أردني، وأقصد هنا قضية المعلمين وإضرابهم، فهذا ما كان لأحد أن يتوقعه، أو حتى يتقبله.
ولكي أكون منصفًا، حيث عندي أكثر من إشارة استفهام على ما يقوم به المعلمون، من إضراب مفتوح عن العمل.. وقد قلت في مقال سابق، بأن الحليم يصبح حيران في مثل هذه القضية.. فالأولى من وجهة نظري أن يقوم المعلمون لإيصال صوتهم ونيل ما يطالبون به بجعل الإضراب يوما واحدًا في الأسبوع أو كل أسبوعين مرة واحدة.. فهم بهذه الطريقة يفوتون الفرصة على المتربصين بمطالبهم أو يشككون فيها أو يوسمونهم بـ"الشيطنة"، وبالتالي المحافظة على حقوقهم وحقوق الطلبة.
لن يخرج الرئيس الرزاز، منتصرًا من هذه المعركة، إن جاز أن نسميها كذلك، ولسبب بسيط جدًا وهو أنه لا يجوز استعمال لغة التهديد والوعيد مع المعلم، الذي خرج أجيالًا قادت الدولة وما تزال وستبقى كذلك، خصوصًا وأنه كان من مؤيدي المعلمين في مطالبهم عندما كان يتربع على رأس وزارة التربية والتعليم.
لن أقول، بأن الرئيس الرزاز غير محظوظ، كما يروج محبوه والمقتنعون بأدواره.. فالأردنيون تعلموا منذ أعوام بأن الرهان على رجل خرج من رحم صندوق النقد الدولي "خاسر"، وما يدل على ذلك بأن الأوضاع من سيئ إلى أسوأ، وعلى كل الصعد، منذ اعتلائه كرسي "الدوار الرابع".
الرئيس الرزاز، خرج بمقابلة مطولة مع التلفزيون الأردني، ولسان حاله تهديد واضح للجميع بأنه "في حال إصرار نقابة المعلمين على المضي بالإضراب سيكون لكل حادث حديث"… إلا أنه لم يُفصح عما سيقوم به، أو لنقل أنه لا يستطيع، وإن كان لمح بطريقة أو أخرى إلى القضاء بقوله "هناك جانب قانوني في موضوع الإضراب".
يصر رئيس الوزراء على ربط حوافز المعلمين بمؤشرات قياس لأداء المعلمين، وانعكاس ذلك على الطالب والعملية التعليمية ككل.. لكنه تناسى بأن الأولى أن يطبق قياس الأداء على فريقه الوزاري، والمقربين منه في دائرة العمل، ثم ينتقل إلى المرحلة الثانية والتي تتعلق بتطبيق ذلك على موظفي القطاع العام كافة، ومن ضمنهم المعلمون.
منذ تكليفه بتشكيل الحكومية، في أوائل شهر حزيران 2018، وهو يتحدث عن "النهضة" ووضع خططا محددة، ومؤشرات قياس الأداء، إلا أنه لم يطبق أيًا منها حتى كتابة هذه السطور، ولا حتى استفدنا كوطن ومواطن من خبراته الاقتصادية، كما يروج لها مقربوه.
وللأمانة، نقول بأن هناك نقطتين إيجابيتين في مقابلته مع التلفزيون الأردني، أولهما تأكيد الرئيس الرزاز بأن حكومته تعمل على مشروع متكامل فيما يتعلق بالوضع المعيشي للموظفين وفي كل القطاعات.. لكنه لم يفصح عن ذلك شيئًا مفيدًا، وكأنه يريد أن يكسب الوقت فقط، أو لذر الرماد في العيون.
والنقطة الثانية، تتمحور حول قوله إننا "نحن نعيش في دولة قانون ومؤسسات".. دولة قانون على إضراب المعلمين، والمستضعفين، أما غير ذلك، فيتم غض الطرف.. وأكبر دليل على ذلك عمليات "التغول" التي تحدث على الدولة ومؤسساتها، ووجود كثير من الفاسدين يسرحون ويمرحون، ناهيك أصلًا عن عدم محاسبة العديد من الموظفين المقصرين تجاه مؤسسات الوطن.