عين سارة: نبض الحياة في وادي الكرك وتدفق في زمن الجفاف

عين سارة: نبض الحياة في وادي الكرك وتدفق في زمن الجفاف
عين سارة: نبض الحياة في وادي الكرك وتدفق في زمن الجفاف

 هشال العضايله

  الكرك –  تقع عين سارة في اسفل الجبل الذي بنيت عليه مدينة الكرك وقلعتها التاريخية، وتعد إحدى أقدم عيون الماء وأغزرها في المملكة وهي كذلك تعتبر نبض الحياة في وادي الكرك الممتد حتى اطراف البحر الميت حيث تغذي مياه عين سارة مئات البساتين والمزارع المنتشرة على جانبيه خلال انحدارة نحو البحر الميت. ولعين سارة علاقة حميمة مع أبناء الكرك فهي المتنفس الوحيد للمحافظة؛ حيث تستمر السهرات على العين حتى ساعات المساء، اضافة الى ان ماءها يمثل عصب الحياة لوادي الكرك الذي يزود المحافظة بما تحتاجه من الخضروات والفواكة.

اضافة اعلان

   وتعود تسمية عين سارة بهذا الاسم حسب الروايات الشعبية التي يتوارثها أهالي الكرك بسبب مرور سارة زوجة ابراهيم الخليل عليه السلام من هذه المنطقة ووقوفها على هذه العين وشربها منها ومنذ ذلك الحين سميت باسمها. وما يؤكد هذه الروايات ان العين لم تعرف بأي اسم آخر غير هذا الاسم الذي هي عليه.

   ولفترة قريبة كانت عين سارة المزود الوحيد للمياه لكل انحاء مدينة الكرك حيث التدفق المستمر والدائم خلال فصول العام والنوعية الجيدة للمياه. ويشير مدير ادارة مياه الكرك مالك الرواشدة ان"مياه عين سارة من افضل عيون المياه في المحافظة وأكثرها تدفقا طوال العام. حيث يتدفق من العين ما معدله "500 " متر مكعب في الساعة". اضافة للعديد من عيون المياه الصغيرة حوله.

   ولشدة ارتباط عين سارة بالذاكرة الشعبية كونه دليل الخصب والحياة فقد تغنى أهالي الكرك في أناشيدهم بالعين وقالوا فيه" كرك .. كرك ..كركنا .. وعين سارة ميتنا" حيث أوجد أهالي المدينة رابطا أزليا بين الكرك: المدينة والتاريخ وبين عين سارة, هذا الحبل السري الممتد من اسفل جسد الجبل الذي تتربع عليه المدينة وقلعتها الى الحقول والبساتين التي تغذي الكرك بإنتاجها الغني والوفير من المحاصيل المختلفة.

   وعين سارة حاضنة قصة الحياة وبداياتها الاولى حيث تشهد العين قصة أحد أهم طقوس الزواج في الكرك والتي تجري بطريقة شعبية وهي غسيل"صوف" فراش الزوجية قبل الزواج. حيث تأتي عائلات الزوجين بمشاركة الزوجين والضيوف الى عين سارة حاملة معها الصوف وتقوم بغسلة على العين وسط زغاريد النساء وأهازيج الرجال ولعب الاطفال وعبثهم في الماء. ويقيم اهل العريس وليمة على العين لكل المشاركين في غسيل الصوف وتمتد طقوس غسل الصوف احيانا لأكثر من يوم وحسب قدرة اهل العريس المالية. وما زالت هذه الطقوس موجودة حتى الآن.

   وفي عين سارة توجد العديد من الأمكنة التي تشكل جزءا مهما من طبيعة المكان وجزءا أصيلا من تكوينه مثل"المصطبة" وهي مكان يقع قريبا من نبع العين الرئيسي وهي عبارة عن تجويف صخري تعلوه اشجار كثيفة تظلل المكان وتتدفق اعلاه عين صغيرة تحدث رذاذا يضفي طابعا خاصا للمكان، ولذلك كانت المصطبة مكانا يتسابق اليه المصطافون من ابناء الكرك في الصيف. اضافة للعديد من الاماكن الجميلة على جانبي السيل الممتد الى اسفل وادي الكرك حيث برك المياه العديدة والتي تتجمع فيها الاسماك والتي يقوم الاهالي باصطيادها. وقد كانت مياه العين تستخدم في قديم الزمان في العديد من النشاطات مثل طحن الحبوب حيث توجد بقايا مطحنة قديمة في أعلى العين.

  اما اليوم فإن عين سارة بالاضافة الى أهميتها في تزويد البساتين والمزارع بمياه الري فإن اهميتها الرئيسية في الجانب السياحي والترفيهي فقد بنت بلدية الكرك على العين متنزها بات مقصدا للعديد من العائلات في الكرك وعلى الرغم من ذلك فإن المنطقة لم تعرها المؤسسات المعنية  ولفترات طويلة سابقة الاهتمام الذي تستحقة مثل الاهتمام بنظافة المكان والعناية به كمرفق سياحي مهم. في حين شهدت الفترة الأخيرة بعض الاهتمام من وزارة السياحة ومؤسسة إعمار الكرك حيث تجري الآن اعمال صيانة وتطوير وتوسعة لمنطقة عين سارة وما حولها وتجري عملية تأهيل للمنتزه ليكون بمواصفات سياحية تلبي حاجات السياحة الداخلية والخارجية.