غيلسنكيرشن من مدينة اللهب إلى مدينة الشمس

 غيلسنكيرشن (المانيا) - حتى عقود قليلة ماضية .. تركت نفايات الفحم وعوادم الافران العملاقة آثارا عميقة في سكان مدينة غيلسنكيرشن الالمانية أحد أكبر مدن التعدين والمناطق المنتجة للصلب في حوض نهر الروهر.

اضافة اعلان

ومن بين جماهير فريق شالكه 04 (التابع للمدينة) الرائعة كانت هذه الفئة من رجال العمل الشاق تحت الارض الذي يقتاتون منه والذي أكسبهم لقب "الحفارين".

وذلك في إشارة إلى الحفارات التي يستخدمونها في شق الصخور بحثا عن الفحم الناعم الثمين حتى يصل يوم الاحد أخيرا اليوم المقدس المخصص لشالكه بخطوطه الزرقاء والبيضاء والمخصص للسجق المشوي المغطى بمسحوق الكاري فوق جبل من البطاطس المقلية إلى جانب كميات غزيرة من مشروب البيرة التقليدي.

في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي كان نحو نصف مليون من عمال المناجم يستخلصون ما لا يقل عن 124 ألفا و600 طن من الفحم الناعم من المنطقة. الا أن زمن"الذهب الاسود" ولى مع مجيء الفحم الصلب الرخيص من الخارج.

وساهمت هذه الواردات في القضاء على صناعة التعدين القوية التي حولت غيلسنكيرشن من مستوطنة صغيرة عام 1150 إلى مدينة عملاقة نجحت في الصمود لعقود طويلة بفضل الحاجة إلى مصادر الطاقة إبان الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

ولكن سرعان ما عانى الآلاف من البطالة والعزلة.. ثم تغير هذا الوضع خلال السنوات الاخيرة بالمدينة مع وصول تعدادها إلى أكثر من 300 ألف نسمة أطلقوا على مدينتهم اسم "مدينة الألف حريق" بسبب أفرانها التي لا تعد ولا تحصى.

أما اليوم فيمكن أن يطلق على غيلسنكيرشن اسم "مدينة الألف شمس". فبعد انقضاء العصر الذهبي للفحم .. وضعت غيلسنكيرشن رهانها على الوقت وأصبحت مركزا للانتاج والبحث في الطاقة الشمسية.

وتستخدم الشمس مصدرا للطاقة في ستاد غيلسنكيرشن المبهر الذي مازال يعرف باسم "أرينا أوف شالكه" برغم تغيير اسمه الرسمي إلى "فيلتينز أرينا" منذ أن أصبح مصنع الجعة "فيلتينز" هو الراعي الرئيسي له.

ويوجد الاستاد في وسط المدينة بين مدينة غيلسنكيرشن القديمة وضاحية"بوير" الخضراء. ويسع الاستاد 48 ألف متفرج.

وتعد غيلسنكيرشن أحد معاقل كرة القدم في ألمانيا فقد أحرز شالكه لقب مسابقة دوري الدرجة الاولى الالماني سبع مرات وحقق عدة نجاحات على المستوى الدولي. فكل من يحب كرة القدم سيشعر وكأنه في وطنه في غيلسنكيرشن.

كما أن المدينة تضم العديد من الاماكن الشيقة لزيارتها مثل قلعة لويتينجهوف التي بنيت عام 1308 ويحيط بها خندق مائي. أو قصر بيرغ بالاس الذي أنشئ عام 1264 وجرى تجديده على الطراز الباروكي والكلاسيكي الجديد في القرن السابع عشر. أما قصر هورسذت بالاس فهو مثال أولي لطراز عصر النهضة في المنطقة.

وبرغم أن بعض المناطق الاخرى قد تعتمد على جذورها الرومانسية ما خلف وراءها قلاع القصص الخيالية فإن غيلسنكيرشن لديها "جذور صناعية" وهي ما يتألف منها تاريخ المدينة. لذلك فإن من أهم المزارات السياحية بغيلسنكيرشن هي المناجم التي تحولت إلى متاحف الآن.

ونظرا لانتمائهم الشديد إلى أصولهم فعندما يحين موعد الوجبات الغذائية لا يبحث أهالي غيلسنكيرشن عن الوصفات المثالية. فهم يفضلون الوجبات التقليدية مثل "السماء والارض" وهو طبق يتكون من البطاطس والتفاح ولحم الخنزير المقدد والبصل.

وبالقرب من ستاد المدينة تصطف الطوابير الطويلة على مطعم "يانسن" الصغير الذي يقدم "أفضل بطاطس مقلية" حسبما يقول أحد المشجعين. وتقدم البطاطس مع الكاتشاب والمايونيز والبصل النيء. أما بالنسبة للمشروبات فلا يوجد أفضل من البيرة المحلية.