في الذكرى الأولى لقانون الدفاع.. تعمق لجائحة كورونا وديمقراطية تحت الحصار

هديل غبّون

عمّان – يصادف اليوم الأربعاء، الـ17 من آذار (مارس) 2020، مرور عام على صدور الإرادة الملكية السامية بتفعيل قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992، للمرة الأولى منذ إقراره، وهو القرار الذي نسبت به حكومة رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز آنذاك، لمواجهة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، التي ما تزال تعصف في البلاد.اضافة اعلان
ويعتبر الرزاز، أول رئيس وزراء في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، يطلب تفعيل العمل بقانون الدفاع، استنادا إلى المادة 124 من الدستور الأردني، لغايات مواجهة انتشار "كورونا"، بوصفها حالة طوارئ.
القانون الذي رافقه صدور 27 أمر دفاع و26 بلاغا، تمحور أغلبها حول تشديد الإجراءات المتعلقة بالصحة العامة، والتدابير الوقائية لمواجهة الفيروس، إلا أن حصة وفيرة من أوامره، حظي بها ملف الحياة السياسية والديمقراطية، بما في ذلك منع التجمعات والمظاهرات، وتعطيل إجراء انتخابات النقابات المهنية، وتعليق عقد الاجتماعات الداخلية للأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، بينما ترافقت لاحقا مع صدور تعليمات تتعلق بإجراء الانتخابات النيابية.
واستهلت الحكومة إجراءاتها بعد تفعيل قانون الدفاع بـ20 آذار، بفرض حظر شامل في البلاد بموجب أمر الدفاع رقم 2، وحتى إشعار آخر، قضى بمنع تنقل الأشخاص وتجولهم في كل أنحاء المملكة، وإغلاق جميع المحلات التجارية، مع فرض عقوبة بالسجن لمخالفة هذا الأمر، تبعه لاحقا أمر الدفاع رقم 3 بفرض عقوبات تفصيلية على مخالفات الحظر، تشمل عقوبات بالسجن والغرامات.
وفيما اعتبرت جهات حقوقية، أن ذلك الإغلاق، الذي استمر حتى الثالث من أيار (مايو) 2020، كان واحدا من أقسى الاغلاقات التي شهدتها دول العالم، جاء أمر الدفاع رقم 8 من الأوامر الأكثر جدلا، حيث تضمن بنودا تفصيلية تفرض على الأفراد الإفصاح عن الإصابات بـ"كورونا"، والخضوع لتعليمات لجنة التقصي الوبائي قبل مأسسة قاعدة البيانات لتنظيم رصد الحالات.
في حين شكّل البند الثاني من الأمر، وفقا لحقوقين، تضييقا إضافيا على حرية النشر والتعبير، إذ حظر النص إعادة نشر أو تداول أي أخبار حول الوباء من شأنها "ترويع الناس"، أو إثارة الهلع بينهم عبر وسائل الإعلام أو الاتصال أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وخلال ذلك، شهدت القرارات الرسمية حالة من التخبط في التعامل مع مرضى الفيروس، وفرضت إجراءات عزل لعدد من المناطق وغلق بعض المحافظات التي شهدت تصاعدا للمنحنى الوبائي، كما شهدت قرارات إدارية فرض عزل بنايات سكنية كاملة في بعض الأحياء، ضمن سلسلة إجراءات ارتجالية تلاشت لاحقا مع مأسسة ملف كورونا في وزارة الصحة.
وتبددت استحقاقات إجراء الانتخابات لـ7 نقابات مهنية استحق إجراؤها خلال فترة الحظر الشامل، أواسط العام الماضي2020، فيما تم منع النقابات المهنية ذاتها أيضا من عقد اجتماعات هيئاتها العامة وإجراء الانتخابات منذ مطلع العام الحالي، استنادا إلى أمر الدفاع 16 الذي صدر تأكيدا لقرارات إدارية حكومية بمنع إجراء الانتخابات، وتراجعت حكومة بشر الخصاونة الحالية أيضا، عن السماح للنقابات الصغيرة بإجراء الانتخابات العام الحالي، ليصبح عدد النقابات المهنية التي تلزمها القوانين إجراء الانتخابات، 11 نقابة.
وعلى مستوى الاحتجاجات ومنع التجمعات، فقد شهد ملف نقابة المعلمين تطورا غير مسبوق، بإغلاق النقابة وتوقيف أعضاء مجلسها في 25 تموز (يوليو) 2020، تبعه قرار قضائي بحظر النشر في قضية المعلمين.
ومنعت الحكومة، منذ ذلك الوقت، أي تجمعات أو تظاهرات أو وقفات احتجاجية بالمطلق، حتى على مستوى تحركات للأحزاب السياسية، وهو ما دفع المركز الوطني لحقوق الانسان بإصدار عدة بيانات، تؤكد رفض مصادرة حرية التعبير حتى وإن كان في ظل قانون الدفاع، استنادا إلى التوجيهات الملكية السابقة، التي أكدت أن يكون تطبيق قانون الدفاع في "أضيق نطاق ممكن وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية ويحافظ عليها ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير".
وكانت المحطة الأبرز سياسيا وديمقراطيا، ذلك الجدل المتعلق بالانتخابات النيابية، إثر قرب انتهاء عمر المجلس النيابي الثامن عشر،
لتصدر الإرادة الملكية بـ29 تموز (يوليو) 2020 لتحسم هذا الجدل بإجراء الانتخابات، والتي جرت في ظروف استثنائية، وتعليمات متواترة منعت المترشحين من إقامة مقرات انتخابية وأي تجمعات، وفرضت إجراءات صحية مشددة خلال يوم الاقتراع، لم تخل من جدل كيفية التعامل مع المحجورين صحيا.
وقبيل يوم الاستحقاق الانتخابي، العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عادت الحكومة لتفرض مزيدا من العقوبات المشددة بعد إنهاء الحظر الشامل، في أمر الدفاع رقم 12 على المنشآت والأفراد والمركبات، فيما فرضت مزيدا من القيود على التجمعات في أمر الدفاع رقم 16، الذي كان بداية لمرور المملكة بذروة الموجة الأولى لـ"كورونا".
وفي الإطار، منعت الحكومة بموجب أمر الدفاع 16، إقامة التجمعات بجميع أشكالها لما يزيد على 20 شخصا، بما في ذلك بيوت العزاء والأفراح والاجتماعات العامة، مع رفع العقوبات والغرامات المترتبة على المخالفين.
وشكّلت الانتخابات محطة مفصلية في المشهد السياسي، بين مؤيد ومعارض لإجرائها في ظل ظروف جائحة كورونا في البلاد، واعتبرت تقارير حقوقية دولية ومحلية أن الانتخابات، شهدت قيودا كبيرة على الدعاية الانتخابية للمرشحين، وأنه شابها "انتهاكات جسيمة"، وهو ما ورد في تقرير "حقوق الإنسان"، وتقرير مؤسسة بيت الحرية، الذي وصف الانتخابات بأنها ديمقراطية تحت الحصار، معتبرًا أن "شراء الاصوات بـ"انتخابات 2020"، كان أكثر شيوعا من (انتخابات 2016)"، قائلًا إن سبب ذلك يعود "جزئيا الى الوضع الاقتصادي السيئ بسبب الوباء".
وشهدت الساعات التي سبقت يوم الاقتراع الذي سجل تصويت 29.9 % فقط ممن يحق لهم الاقتراع، وما بعده، اختراقات واسعة لحظر شامل لمدة 3 أيام فرضته الحكومة منعا لحدوث تجمعات، وهو ما أطاح بوزير الداخلية السابق توفيق الحلالمة، حيث شهدت مناطق جغرافية مختلتفة من المملكة تجاوزات صارخة وتجمعات جماهيرية لأنصار مترشحين، تخللتها احداث شغب واستخدام لأسلحة نارية على نطاق واسع. وشهد العام الماضي وبداية العام الحالي، فترات متقطعة من فرض حظر الجمعة الشامل كل أسبوع، بعد انتهاء الحظر الكلي، حيث فرضت حكومة الرزاز حظرا شاملا يوم الجمعة لأشهر، وتبدلت خلالها ساعات الحظر الليلي.
ومنذ تولي حكومة الخصاونة سلطاتها الدستورية في تشرين الأول (اكتوبر) 2020، شهدت البلاد حالة من التذبذب في فرض الإجراءات المقيّدة، حيث أصدرت قرارا بـ20 من الشهر نفسه يقضي باستمرار تطبيق حظر الجمعة الاسبوعي حتى نهاية العام الماضي، ثم ألغته ـفي 15 كانون الثاني (يناير) الماضي، ليعود مجددا بـ26 الشهر الماضي وحتى إشعار آخر.
ومنذ تولي الخصاونة رئاسة الحكومة، أجرى تعديلان وزاريان أحدهما بسبب استقالة الحلالمة، والثاني موسع في اعقاب استقالة وزيري الداخلية سمير المبيضين والعدل بسام التلهوني قبل نحو أسبوعين فقط على خلفية ما قيل إنه مخالفتهما لتعليمات الشروط الصحية.
فيما فتحت حادثة مستشفى السلط الحكومي الجديد، التي راح ضحيتها 9 مرضى كورونا بسبب انقطاع مادة الأكسجين الجدل على تعديل ثالث، بعد استقالة وزير الصحة نذير عبيدات، وهي التي تبعها جملة من الاحتجاجات في الشارع خلال الأيام الماضية، أفضت إلى إصدار أوامر بمنع تلك الاحتجاجات، وذلك مع تفاقم مستويات انتشار "كورونا" واقتراب الاصابات من حاجز 500 ألف إصابة، وتسجيل نحو 5500 وفاة .