محارمة تنسج بمخيلتها ملامح لشخصيات وتنقلها في لوحاتها برشاقة

رشا كناكرية عمان- في غرفة صغيرة مليئة بالأوراق المتناثرة تمضي أسيل محارمة (21 عاما) وقتها لتخط بيدها رسومات لوجوه تحمل بين خطوطها ملامح وتعابير عميقة ومعبرة لأشخاص من وحي الخيال، ليشعر كل من يراها، وكأنها لأناس حقيقين. اعتادت محارمة منذ صغرها أن تقضي ساعات في مشاهدة الرسوم الكرتونية، إذ يستهويها ما تراه باستمرار وتركز على تفاصيل كل شخصية كرتونية، فلم يكن منها إلا أن توقف الصورة بإحدى اللقطات، لتنقل ما تراه من شخصيات على الورق بقلم وممحاة صغيرتين، فترسم وتمحي، لتتقن وتجسد ما تراه بأناملها الصغيرة. تضاعف الحس الفني مع محارمة، وزاد حبها للرسم مع مرور السنوات، فلم يفارق القلم يدها، وقررت أن تنمي موهبتها وتصقلها بشكل جدي وهي بعمر الـ15 عاما، إذ شعرت أنه من الضروري أن تنمي هذه الموهبة وتصقلها، لتجد مكانا لها بين الخطوط والألوان، فلطالما شعرت أنها طفلة مميزة برسوماتها، حتى في خطوط كتابتها التي لطالما كانت متناسقة وجميلة. وفق حديثها لـ “الغد”. تعددت المحاولات الاولى لمحارمة عبر رسومات بسيطة لتتطور بعد ذلك، مستخدمة الفحم والألوان الخشبية، واختارت أن تركز على فن “البورتريه”، لتتقنه وهي في عمر صغير. وجدت نفسها في هذا العالم، وتعلقت بالفن القائم على رسم الأشخاص مع محاولة إظهار المشاعر في ملامح الوجه وتعبيراته، خصوصا أن هذا الفن يعتبر معقدا نوعا ما لاعتماده على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه. رسمت صاحبة الموهبة، الكثير من الوجوه لتتقن هذا الفن، وكان والدها الذي توفي قبل أعوام أول الداعمين لها، إذ شعر بموهبتها ودائما ما كان يغرقها بالكلمات التشجيعية ليدفعها للاستمرار والتطور، متمنية أن تصل في المستقبل لمكان مهم وتضيء أكثر على اسمها. تقول، “يسمونني فنانة العائلة.. فدعم من حولي وإيمانهم بي سيوصلني لحلمي”. ووصفت محارمة مشاعرها وهي ترسم في غرفتها قائلة: “عندما أمسك أقلام الرسم أجد نفسي في عالم يشدني إليه”، مبينة أنها حينما تكون ضائعة ومشتتة، يعود لها الاتزان بمجرد ما تبدأ برسم أي شكل عابر يخطر في بالها، فهو طريقها ومهربها. ومع مرور السنوات التي نتج عنها العديد من الرسومات لوجوه مختلفة، أصبحت محارمة تميل للاحترافية والواقعية في لوحاتها، لذلك ركزت بأن يكون الشكل النهائي لكل لوحة، كمن ينظر إلى وجه حقيقي بتفاصيله وملامحه وتعابيره، وكأن المتلقي يرى رسمة طبق الأصل عن الواقع. وكانت محارمة أصغر مشاركة في معرض مختص “لتجسيد الأمراض النفسية” في الجامعة الأردنية عام 2018 وحينها كان عمرها (17 عاما)، وهذا كان أول معرض تشارك فيه برسوماتها، وتلقت ردات فعل جيدة، ومدحا وتشجيعا للاستمرار في هذا المسار، وبعد ذلك شاركت في معرض “هاشميات” في المركز الثقافي، الى جانب مشاركتها في العديد من المعارض في عمان. وشاركت محارمة في مسابقتين الأولى برعاية مؤسسة قادة الغد، وكانت تتكلم عن موضوع السلم المجتمعي، وحصلت على المركز الأول بالمسابقة في عام 2020، وأعادت هذه التجربة في عام 2022 ضمن مسابقة المكتبة الوطنية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ونالت المركز الاول كذلك. ومن جهة أخرى استغلت محارمة موهبتها في الحصول على مردود مادي، ففي 2019 بعد أن انتشرت رسوماتها طالبها بعض الأشخاص برسومات لهم، ودائما ما كانت تؤجل هذه الخطوة لحين الوصول لمستوى جيد في الرسم تكون به متأكدة وواثقة أكثر من موهبتها، خوفاً من أي خطأ قد يحبطها ويقلل عزيمتها. وفق قولها. وبعد أن تمكنت من الرسم بشكل أفضل، أقدمت على هذه الخطوة وكان الإقبال جيدا وحصلت على مرود مادي، وعملت على إنشاء صفتحها الخاصة على الانستغرام لاستقبال الطلبات. وتؤكد محارمة أن “السوشيال ميديا” كان لها دور كبير في المساعدة على نشر رسوماتها، وفي التشجيع على الاستمرار بموهبتها من خلال الدعم الذي تلقته من تعليقات المتابعين لصفحتها، فهو يعطيها الحماس ويشعرها بقيمة الانجاز الذي تقوم به. وفي الوقت الحاضر تتخصص محارمة في الفنون البصرية في الجامعة الأردنية، رغبة منها في دعم موهبتها بالجانب الأكاديمي من خلال الدراسة وفهم كافة تفاصيل التخصص، لصقل موهبتها والإلمام التام بكافة جوانب الفن من الناحية الثقافية والفنية. وقبل الجامعة، التحقت محارمة بأحد المعاهد الفنية المتخصصة في الرسم لمدة شهر لتكون أكثر دقة واحترافية، واستطاعت بهذه المدة القصيرة أن تتقن رسوماتها أكثر، كما اشتركت في معهد آخر لتعلم الرسم الزيتي رغبة منها في تعلم أساسيات هذا الرسم بالشكل الصحيح. الشغف هو من دفع محارمة للاستمرار في هذا المكان الذي تستمتع به فهو منطقة الراحة لها، وتطمح في المستقبل أن تضع بصمتها الخاصة في المجتمع برسوماتها، وأن تفتتح أول معرض خاص بها، وتشارك في معارض خارج الأردن. ومن جهة أخرى لدى محارمة موهبة في مجال تصميم الأزياء وتطمح أن تدخل عالم هذا الفن في المستقبل، إذ لديها الكثير من “السكتشات” التي تريد أن تصممها لنفسها، وفي حال وجدت ردات فعل جيدة ستفكر بالمضي بهذا المشروع والتوسع. ما تزال محارمة في بداية مشوار تسجيل اسمها في عالم الفنون، وفق قولها، فهي تخطه بشغف وإيمان، وتطمح بأنها ستصل للمكان الذي تصبو له في يوم ما، وسيصبح لها “بصمة فنية”. اقرأ المزيد: اضافة اعلان