محاكمات شاهد هندي: كيف علق رجل مسلم في كابوس قانوني‏ (3-2)

نزار أحمد (يمين) في شوارع نيودلهي - (المصدر)
نزار أحمد (يمين) في شوارع نيودلهي - (المصدر)
‏‏‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة راهول بهاتيا‏* - (الغارديان) 2/3/2023 كاد نزار أحمد أن يقتل في أعمال الشغب في دلهي. ولكن، عندما أصبح شاهدًا في قضايا في المحكمة ضد الجناة المزعومين، أدرك أن ذلك لم يكن سوى بداية مشاكله.‏ * * * لم يشعر نزار أحمد بالضغط الذي يثقله عند تقديم الأدلة للشرطة فقط. قال إن مستشارًا محليًا من حزب "بهاراتيا جاناتا" اتصل به ليسأله عما إذا كان قد تعرف على أحد معارف المستشار وحدده كمشارك في أعمال الشغب. وبعد بضعة أشهر من حوادث الشغب، عندما عاد أحمد إلى منزله القديم مع فريق من المحققين والطب الشرعي الذي سيقيم الأضرار، هدد أقارب رجل آخر اتهمه أحمد بالمشاركة في الشغب بقتله هو وأطفاله. واتصل آخرون ليسألوا عما إذا كان قد ذكر أسماءهم في إفادته، أو ليقترحوا عليه أن يغير رأيه. وفي أيار (مايو) 2020، أخبر أحمد الشرطة أنه لم يعد يشعر بالأمان. لكنهم تجاهلوه. ومر عام قبل أن يأمر القاضي بمنح أحمد حماية الشرطة.‏ ‏ التقدم كشاهد في الهند هو عمل من أعمال البسالة المفرطة، وربما الجنون، لأن الشهود يكونون هم أنفسهم خاضعين للمحاكمة. في العام 2009، حاول أستاذ جامعي يدعى جي. إس باجباي تقييم التجارب الحية للشهود الهنود. وأجرى باحثوه مقابلات مع 798 شاهدًا على مجموعة متنوعة من الجرائم الجنائية، بما في ذلك السرقة، والشروع في القتل والاغتصاب. ووضع التقرير أرقامًا لما كان يُشتبه بأنه واقع الحال مسبقاً: أنه من الشائع أن يعود الشهود إلى المحكمة ما يصل إلى ست مرات للإدلاء بشهاداتهم، وأن أكثر من ثلثي الشهود الأكثر فقرًا تعرضوا للاعتداء. وقال ربع الشهود إنهم يخشون مضايقات الشرطة، ويعتقد ما يقرب من الثلثين أن الشرطة تواطأت مع المتهمين بطريقة ما. ويخاطر الشاهد في الهند كثيرًا، بينما يعرف كل الوقت أنه لا يوجد أي ضمان على الإطلاق بأن شهادته، التي تتم فلترتها من خلال النظام القانوني الملتوي في الهند، سوف تؤدي في النهاية إلى تحقيق العدالة.‏ ومع ذلك، كان أحمد يحلم بالمثول أمام المحكمة وشرح ما أصبح يعرفه الآن عن بلده: أن السم قد انتشر في عروق الهند. لقد صدمته معرفة أن جيرانه ربوا رجالاً قد يكونون قادرين على النهب، أو حتى القتل. قال لي ذات مرة: "كل شخص، حتى أولئك الذين عرفتهم منذ زمن، يبدون متغيرين بعض الشيء". تساءلت عن كم من هذا المشهد المظلم شكله التدفق اليومي لمقاطع الفيديو التي أرسلها له الأصدقاء والأقارب على تطبيق "واتساب". خلال الوقفات في محادثاتنا، كان يتصفحها: مقاطع فيديو لخطب ضد المسلمين؛ مقاطع لحفارات ميكانيكية تقوم بتسوية منازل المسلمين ومحلاتهم التجارية بالأرض. كانت مقاطع الفيديو مثل محادثة صامتة تدور بين أصدقائه وأقاربه، شيئاً يشبه تبادل النظرات المسترَقة عندما لم تكن الكلمات ممكنة. وسط هذا التدفق من مقاطع الفيديو كانت رسائل أعيد توجيهها تحمل شعارات ملهِمة. قالت إحداها: "عصر العدالة هو عصر لا تكون فيه حاجة إلى شهود".‏ عندما زرت أحمد في منزله الجديد في مصطفى آباد ذات صباح في أواخر نيسان (أبريل) 2022، بعد نصف عام من لقائنا الأول، وجدته خاويًا. كان قد تمكن من إعادة بناء عمله بالقروض، لكنه لم يكن كما اعتاد أن يكون من قبل. كان أحمد متكئًا على الحائط أسفل ضوء فلوريسنتي، وبدا منهكًا. "أرسلَ لي ابن أخي مقطع فيديو الليلة الماضية"، قال، وأعطاني هاتفه. كان مقطعًا قصيرًا: كان شاب مفتول العضلات يناشد "إخواني وأخواتي الهندوس" ليجمعوا الأسيد والأسلحة والدفاع عن أنفسهم في 2 أيار (مايو)، وهو التاريخ الذي سيحل فيه عيد المسلمين. قال أحمد: "يا له من شيء كبير ليقوله المرء. إخبار الناس بإبقاء الأسلحة جاهزة. يا له من شيء كبير لقولِه". تحدث كما لو أن الشعور طاقة مهدرة. بدا أنحف مما تذكرت، وكانت مشيته أبطأ. ازدادت حالة إصابة الظهر التي عانى منها أثناء هروبه سوءًا، ولم يتمكن من العثور على طريقة مريحة للجلوس أو الوقوف.‏ في الأسابيع والأشهر التي تلت، أرسل لي رسائل في جميع ساعات النهار والليل. "‏‏بهاي‏‏"، كتب. أخي. "أخي، ستدفع البلاد ثمن هذا، والناس يموتون جوعًا. بدلاً من هذا، يجب علينا جميعًا مساعدة بعضنا بعضا والعيش بسلام وبشكل قانوني". لقد أراد، أكثر من أي شيء آخر، أن يخبره أحد من أين أتت كل هذه الكراهية له ولجنسه.‏ ‏ربما، كما ظنّ، ستأتي إجابة مُرضية من أحد القضاة.‏ * * * في أيار (مايو) 2022، تبعتُ أحمد إلى المحكمة رقم 71 في الطابق الخامس من مجمع محكمة كاركاردوما في شرق دلهي. كان المبنى هيكلاً هائلاً، تمكن رؤيته من على بعد أميال. وعن قرب، كانت واجهاته مغطاة بملصقات لمحامين يخوضون الحملة لانتخابات نقابة المحامين المحلية. وكان أحمد قد استُدعي للإدلاء بشهادته في قضية رفعتها حكومة دلهي ضد 14 من مثيري الشغب المتهمين بقتل تسعة مسلمين بعد أن قاموا بفحص أوراق هويتهم. وصل عند الساعة 9 صباحًا، يتبعه شرطي أعزل كان هناك لحمايته.‏‏ حتى الآن، كان أحمد على ألفة مؤلمة بقاعات المحاكم في دلهي. منذ بدء جلسات الاستماع في أواخر العام 2020، تم استدعاؤه مرات عدة، فقط لينتهي به الأمر إلى الانتظار من دون حدوث شيء. وقد استغرقت العملية وقتًا طويلاً لدرجة أن القاضي الحالي أصبح ثالث قاض ينظر في القضية، بعد أن نُقِل أول قاضيين. وكان أحد القضاة السابقين، فينود ياداف، قد ميز نفسه بإعلان انتقاده العلني لبطء وعدم كفاءة تحقيق شرطة دلهي. لاحظ في إحدى الحالات: "لم أتمكن من إقناع نفسي بفعالية ونزاهة التحقيق الذي تم إجراؤه في هذه المسألة". ‏‏وكتب في مرة أخرى‏‏: "حالة الأمور هذه مؤسفة للغاية"، بعد أن فشلت الشرطة في استجواب ثلاثة أشخاص اتهمتهم بارتكاب جرائم. ومثل هذا النقد المباشر للسلطة نادر جدًا في الهند لدرجة أن موقعًا إخباريًا قانونيًا احتفل بملاحظات القاضي بعرضها بطريقة مميزة في شكل قائمة.‏ ‏ بغض النظر عن عدد الساعات التي قضاها أحمد في المحكمة، ظلت العملية القضائية غريبة وشديدة الوعورة عليه. في المحكمة في ذلك اليوم من شهر أيار (مايو)، رافقه صديق له، ساجار، وهو رجل صغير ممتلئ الجسم كان يعمل أحيانًا في أفلام في مومباي، من أجل تقديم الدعم المعنوي. (في مناسبات أخرى أحضر أحمد أصدقاء مختلفين. مرة واحدة فقط في خمس زيارات للمحكمة رأيته وحده). وبين الحين والآخر أثناء الإجراءات، كان أحمد ينظر حوله باحثًا عن ساجار أو عنّي، يبتسم ابتسامة صغيرة قلقة، ويومئ برأسه.‏ ولكن، ‏بعد أن تحمل عنَت التأجيل تلو التأجيل، ما يزال أحمد متشبثًا بالأمل. كان هذا في صميم كل ما فعله: أخبره تفاؤله أنه إذا استمر في المثول أمام المحكمة، فإنه سوف يُخجل القانون في النهاية ويدفعه إلى عمل شيء. الإيمان بأن المحرك سيدور إذا أدار المفتاح مرة أخرى. وعندما كان أحمد بعيدًا قليلًا بحيث لا يسمع، قال لي ساجار، الذي كان يعرفه منذ سنوات: "لن تجد رجلاً أكثر شجاعة".‏ كانت قاعة المحكمة صغيرة، بطول 10 خطوات من طرف إلى آخر، مليئة بالكراسي المغطاة بغلاف بلاستيكي ممزق. ومع قدوم الشرطة والمحامين، أصبح المكان أكثر ازدحامًا. كانت هناك فتحات لتكييف الهواء فوقنا، ولكن من دون تكييف. دارت أربع مراوح علوية ببطء. وعلى رأس الغرفة، على منصة مرتفعة خلف حاجز من زجاج شبكي، قام الكتبة بتنسيق المستندات بهدوء على حواسيبهم. وخلفهم، على منصة أعلى، كان كرسي القاضي بولاستيا براماتشالا. كان ما رفَع الكرسي، أكثر من موقعه المرتفع؛ أكثرَ من شعار "الإمبراطور أشوكا" وعبارة "الحقيقة وحدها تنتصر" خلفه مباشرة، هو وجود منشفة بيضاء ملفوفة فوقه -إحدى مزايا السلطة في بلد رطب هو توقع التمتع بظَهر جاف. ‏ بعد دقائق قليلة من الساعة 10، وصل القاضي، واستقام أحمد في مقعده. كان براماشالا رجلًا أصلع بنظارة، وتحدث بسلطة كاملة. وعندما رأى أحمد كيف خاطب القاضي الشرطة بصرامة، شعر بالتفاؤل. ابتسم لي كما لو أنه يقول: ‏‏هل رُزقنا بواحدٍ جيد؟‏‏ في مرحلة ما أعلن أحد المحامين أنه سيقدم مذكرة شفهية بدلاً من مذكرة مكتوبة. "أنا لست إلهًا، ولست أكبر. يجب أن ألتزم بالقانون، وكذلك أنت"، أجاب براماشالا بهدوء. ومنح المحامي 10 دقائق لطباعة مذكرته.‏ ‏ عند الساعة 2:15 بعد الظهر، قيل لأحمد أن يكون مستعدًا للإدلاء بشهادته. تم إحضار المتهمين الذين كان يعرف بعضهم منذ أن كانوا أطفالاً، إلى منصة المدعى عليهم -حاجز خشبي مقوّس، بارتفاع الخصر، يمكن أن ينزلق على الأرض. طلب محام من أحمد أن يأتي إلى المقدمة. ولكن قبل أن يتمكن من البدء في الحديث، سأل القاضي براماشالا الادعاء عن بعض اللقطات التي تم تخزينها على ما يبدو على قرص مضغوط. وأعرب عن رغبته في معرفة ما إذا كانت الأدلة المسجلة عليه ضرورية للقضية. قال الادعاء إنها كذلك. "إذن لماذا هي ليست هنا؟" سأل براماتشالا. أجاب الادعاء بأنهم أضافوا وثيقة إلى الملف. لم يعرف أحد ما الذي يعنيه هذا. ضغط القاضي أصابعه على شفتيه ونظر إلى الشرطي والادعاء. "أخبراني"، قال بأدب لدرجة إن حواسّي تنبهت، "كيف ينبغي أن نمضي قدما؟ أخبراني".‏ ‏ لم يأتِ رد. التفت القاضي إلى أحمد وسأله بهدوء عن كم من الوقت انتظر للإدلاء بشهادته. أجاب أحمد: عامان. وعندئذٍ اعتذر القاضي عن إبقائه منتظرًا، وهو تصرف متعاطف بشكل غير اعتيادي في قاعة المحكمة، وأكد له أنه سيحصل على فرصته قريبًا. وأعطى جماعة الادعاء 10 أيام لتجميع أدلتهم.‏ ‏ ابتسم أحمد بخفوت، وطوى يديه، وغادر. كان راضيًا عن هذه النتيجة.‏ قال: ‏"براماشالا أدّبهم‏‏. الآن سيكونون جيدين. سيتعين عليهم أن يفعلوا ما يقوله". صحيح، كان ذلك تأجيلً آخر، لكنه سجَّل هذه الحقيقة بهدوء، كما لو أنه يراقب أقدار شخص آخر، وليس أقداره هو.‏ * * * بعد أربعة أيام لاحقًا، في صباح يوم سبت، عاد أحمد إلى محكمة براماشالا للإدلاء بشهادته في قضية مختلفة تتعلق بأعمال الشغب. وبينما كنت أنتظره في الخارج، امتلأ الممر برجال مسلمين قالوا إنهم اعتقلوا خطأ خلال أعمال الشغب. "كنت أقف هناك فقط"، قال رجل يعمل في محل لغسل الملابس. كان متهمًا في ثماني قضايا شغب. "لا يوجد شيء. لا صورة ولا دليل". هذا الرجل أيضًا تم استدعاؤه إلى المحكمة مرارا وتكرارًا. بالقرب منه، قال صبي يعمل في لصق البوسترات على الجدران من أجل لقمة العيش، بحزن، إنه متهم في 13 قضية. وأخبرني هؤلاء أن المحاكم ستقرر ذنبهم من عدمه، ولكن صحيح أن المسلمين كانوا عنيفين أيضًا، موضحين أن البديل عن الدفاع العنيف عن النفس هو الموت شبه المؤكد.‏ عندما تم استدعاء أحمد بعد الساعة العاشرة بقليل، قام من كرسيه ومشى إلى مقدمة الغرفة. ولكن، مرة أخرى، كان هناك نوع من الخطأ الإجرائي، وكان لا بد من تأجيل القضية. ومرة أخرى، اعتذر براماشالا للشاهد. ضغط أحمد راحتيه معًا على صدره تعبيرًا عن احترامه للقاضي وتنهد عندما أدار ظهره.‏ ‏ في الخارج، التقى بمحام يعرفه وسأله عن أجره كشاهد. (يحق للشهود الحصول على مبلغ ضئيل من المال يدفع لهم عند مثولهم أمام المحكمة). قال المحامي: "ستحصل على أجرك في المرة المقبلة".‏ ‏ "ما أزال آتي إلى هنا مرة تلو المرة"، قال أحمد، محبطًا. "لم أتمكن من الإدلاء بشهادتي".‏‏ بدا أن المحامي، الذي كان أصغر سنًا بكثير من أحمد، يجده مزعجا. وقال: "لا يجب أن تتوتر بشأن هذا الأمر. إنك تأتي إلى المحكمة فقط عندما يتصل بك. دع الرجل الآخر هو الذي يتوتر. اذهب الآن".‏ خارج مجمع المحكمة، بينما كان أحمد ينتظر سيارة الأجرة، قال: "لا أعرف ما الذي يحدث. أريد أن أدلي بشهادتي، ولكن يبدو أنهم لا يريدون ذلك. إذا لم تأخذ الشهادة، فسيكون الأمر كما لو أن أعمال الشغب لم تحدث أبدًا".‏ ‏ في تلك اللحظات، شعر أحمد أن بلاده لا تحكمها مجموعة من القوانين المكتوبة، وإنما مجموعة غير مكتوبة من القواعد التي لم تتم مشاركتها معه أبدًا. وكان وصول القاضي براماشالا قد أشار إلى إمكانية بداية جديدة، ومحاولة صادقة للوصول إلى الحقيقة. لكن التأجيلات التي لا نهاية لها للمحاكمات حولت الجرائم الأخيرة إلى جرائم بعيدة، وجعلت الذكريات هشة، مما أضعف عزيمة الشهود.‏ ‏ وصلت سيارة الأجرة، وأعلن سائقها على الفور أن منزل أحمد يقع في مكان عميق جدًا داخل مصطفى آباد بالنسبة لسيارته. لا يهم ما يقوله قمر اصطناعي في السماء أنه ممكن، كانت الطرق ضيقة للغاية وكانت سيارته باهظة الثمن. وأوضح السائق أنه سيُنزل أحمد عند الجسر على حافة مصطفى آباد. ومن هناك عليه أن يتدبر أمره. كانت المسيرة نصف ساعة سيرًا على الأقدام. أراد أحمد الاحتجاج للحظة، لكن الشعور غادره بالسرعة نفسها. قدم السائقون كل أنواع الأعذار عندما كانت الوجهة منطقة مسلمة. عانقني بخرَق ودخل السيارة بابتسامة صغيرة.‏ * * * تحدثنا مرة أو مرتين في الشهر، وأحيانًا أكثر عندما نكون في المدينة نفسها. كانت عناوين المحادثات متفاوتة، تتراوح من جملة مرتجلة عن التخلص من البطالة إلى استعارة عن الأشجار المقتلعة من الجذور، ووصلت في النهاية إلى التأكيد أن السياسيين كانوا يعيقون عمل الشرطة. وقبل أن أتمكن من إكمال التعبير عن فكرة، كان عقل أحمد يطفو في مكان آخر. كانت الكلمات تخرج من فمه، والأمثال والفلسفات جاهزة لكل لحظة.‏ ‏ في بعض الأحيان، كان يقع في شباك اليأس. كانت صلواته ودعواته من أجل المساءلة وسيادة القانون ووضع حد للكراهية غير العقلانية تذهب بلا استجابة. لقد اختفى البلد الذي وُعد به وكان يحزن على هذا الوعد الذي لم يتم الوفاء به. وفي أوقات أخرى كان يمتلئ بالتفاؤل المفاجئ، حين كان يفكر في مدى ضآلة الجهد المطلوب الذي يمكن أن يُبذل لتقديم المذنبين إلى العدالة. وقال: "يحتاج الأمر فقط إلى خمسة أشخاص آخرين مثلي يقفون ويرفعون الصوت. تخيل ما يمكن أن يتغير"!‏ ‏ في الأيام الأخيرة من تموز (يوليو)، جاء دوره أخيرًا للإدلاء بأقواله كشاهد في القضية التي تم تأجيلها طويلاً. عندما وصلتُ إلى المحكمة، لاحظت أن القاضي براماشالا كان يحاول إطلاق لحيته، تترك شعره يطول قليلاً في الخلف. ولم يتغير أي شيء آخر. ما يزال براماشالا يقضي معظم اليوم في تعليم المحامين ورجال الشرطة عن فشلهم في القيام بما كان ينبغي القيام به، وهم حاولوا استرضاءه. (سألت محامي دفاع جنائي عن آرائه بشأن القاضي. وكان رده مقتضبًا. "إنه نزيه").‏ خلال إحدى الاستراحات في ذلك اليوم، أخبرني ثلاثة محامين شباب في الصف الخلفي قصصًا تآمرية عن أحمد. قال أحدهم بصوت منخفض إن أحمد حصل على ما يعادل 20 ألف دولار من حكومة دلهي ومنظمة دينية إسلامية لتوريط موكله.‏ ‏ زعم أن الأمر برمته كان مؤامرة لتشويه سمعة عضو في مجلس حزب "بهاراتيا جاناتا". وعندما سألته كيف عرف ذلك، أخبرني بأن لديه أدلة. "على الورق؟" سألت. قال: "إنك تسمع أشياء"، ورمقني بنظرة العارف.‏ ‏ كان المحامون تواقين إلى استجواب أحمد وتحدي شهادته. قال أحدهم: "أخبرت موكلي أنني سأسلخ جلده". وأجاب آخر لا يريد أن يغلبه زميل: "سوف أحوله إلى دمية من الخِرق". صفقا كفيهما وضحكا، متأكدين من أنهما وجدا ثغرة في الشهادة التي أدلى بها أحمد للشرطة. (يُتبع)‏ ‏*راهول بهاتيا Rahul Bhatia: صحفي وزميل في معهد رادكليف للدراسات المتقدمة في جامعة هارفارد. شارك في تأسيس منصة الصحافة Peepli.org‏. *نشرت هذه القصة الإخبارية تحت عنوان: The trials of an Indian witness: how a Muslim man was caught in a legal nightmare اقرأ أيضا في ترجمات اضافة اعلان

محاكمات شاهد هندي: كيف علق رجل مسلم في كابوس قانوني (1 – 3)‏

[caption id="attachment_1318059" align="alignnone" width="950"] نزار أحمد (يمين) في شوارع نيودلهي - (المصدر)[/caption] [caption id="attachment_1318062" align="alignnone" width="950"] هنود يحتجون على نشر خطاب الكراهية ضد المسلمين - (أشيفية)[/caption]