"معدل مراقبة المياه الجوفية" يثير مخاوف استنزافها

87
87

إيمان الفارس

عمان - عززت تعديلات شملتها مسودة النظام المعدل لنظام مراقبة المياه الجوفية لسنة 2022 ونشرها ديوان التشريع والرأي، أول من أمس، من مخاوف أن يؤول إقرارها لمزيد من ضخ كميات المياه الجوفية واستنزافها بشكل أكبر.اضافة اعلان
ورغم أن مسودة النظام المعدل لنظام مراقبة المياه الجوفية، ما تزال قيد الدراسة، إلا أن شمول بعض بنوده على تعديلات بخصوص منح كميات مياه مجانية من دون مقابل، وإن كانت وفق أحكام وشروط محددة، لن يصبّ في تحقيق وقف نزف تلك المياه التي تعاني استنزافا كبيرا.
ومثار هذ القلق؛ يتسق مع ما أبداه خبير في قطاع المياه، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"الغد"، حيال عدم انسجام تحقيق الهدف الرئيسي من نظام مراقبة المياه الجوفية، والرامي لوقف نزفها والذي يصب في مصلحة الأمن المائي الأردني، وسط تحديات الضخ الجائر للأحواض المائية الجوفية، حيث أدى إلى نضوب معظم تلك الأحواض وتملحها.
وتأتي أهمية المياه الجوفية وضرورة المحافظة عليها كونها تزود حوالي 54 % من الموازنة المائية وخاصة قطاع مياه الشرب.
وأشار الخبير المائي إلى أن المخاوف من انعكاس تلك التعديلات على زيادة الضخ الجائر للمياه الجوفية، تتمثل في مساهمتها برفع كميات الضخ، وخاصة من حوض الأزرق، لا سيما وأن معظم المياه المستخرجة من الحوض هي بموجب إجازات استخراج لآبار حوض الأزرق المخالفة.
وقال: "كونها منحت كمية مجانية إضافية بلا مقابل في أحد تعديلات النظام المقترحة؛ فذلك يعني المزيد من الضخ، كما أن السماح لآبار الزراعة والصناعة والسياحة ببيع المياه، يعني ضخ كميات إضافية زيادة على كمية الاستخراج الحالية المتعلقة باحتياجاتهم الخاصة".
ونصت المادة (6) من النظام المعدل لنظام مراقبة المياه الجوفية للعام 2022 على تعديل المادة (11) من النظام الأصلي، وذلك بإضافة هذا النص "على الرغم مما ورد في الفقرة (أ) من هذه المادة يجوز للمجلس، بناء على تنسيب الأمين العام، الموافقة لصاحب البئر المرخصة الصناعية والإنتاجية والسياحية والجامعات الخاصة ببيع المياه بواسطة الصهاريج أو الأنابيب، على ألا تزيد المسافة على ألف متر، وأن تستوفي السلطة مبلغ 500 فلس لكل متر مكعب كأثمان المياه".
وتعقيبا على ذلك، اعتبر المختص في مجال المياه، أن السماح لأصحاب الآبار الصناعية والسياحية والزراعية ببيع المياه للمواطنين، يساهم بزيادة تجار المياه، وجعل المياه سلعة كما تطالب بعض الجهات المانحة.
وانتقد الخبير في قطاع المياه التعديل الذي أوردته مسودة النظام المعدل لنظام مراقبة المياه الجوفية لسنة 2022 في المادة (18)، والذي عدّل المادة (38) من النظام الأصلي لتكون على هذا النحو: "الآبار الزراعية التي تم منحها إجازة استخراج بكميات محددة فإن تلك الكميات تكون بدون مقابل، وما تجاوز الكمية المحددة المجانية يحدد الثمن 60 فلسا للمتر المكعب الواحد".
وبين في هذا الخصوص، "أن ذلك يعني زيادة الكميات المجانية للآبار المخالفة التي حصلت على إجازة استخراج وليس رخصة"، موضحا أنه ما كان يتم سابقا، هو قيام أصحاب هذه الآبار بدفع أثمان مياه اعتبارا من ضخ أول متر مكعب، بينما بموجب هذا التعديل؛ يتم منحهم كميات مجانية وبعدها يتم الدفع.
وأبدى تخوفه في هذا السياق من حيث ان هذا المصدر الاستراتيجي الهام للأردنيين وقطاع مياه الشرب "يتم التعامل معه بهذه السهولة، في ظل ازمة مياه قادمة لم نر منها الا الفصل الأول".
وأضاف أن "استرضاء فئة بعينها على حساب مصلحة الأردنيين كارثة كبيرة، ولا يجوز تسهيل وضع أصحاب الآبار المخالفة تحت أي ذريعة او ضغط أصحابها الذين قاموا باعتصامات في مبنى وزارة المياه والري وبدعم من بعض أصحاب الآبار"، مؤكدا أن :الحل يكمن في ردم هذه الآبار ودفع اثمان المياه إذا اردنا المحافظة على استمرارية هذه المياه العزيزة لنا وللأجيال القادمة، وحتى لا نكون تحت رحمة الآخرين وخاصة مياه الشرب".
وشملت مسودة النظام المعدل لنظام مراقبة المياه الجوفية تعديلات فنية أخرى تتعلق بإجراءات الترخيص والحفر والحفارات والمراقبة بشكل عام.
وتواجه قضية المياه الجوفية بشكل عام تحديات ترتبط بعدم رغبة الغالبية بمعرفة المزيد عن مشاكل نضوب المياه الجوفية كونها، أي المياه الجوفية، غير مرئية بالعين المجردة، بالإضافة لكون أمرها فنيا في غاية التعقيد يصعب فهمه من قبل معظم السياسيين، وبالتالي تتجنب بعض الحكومات، الخوض بتفاصيلها، لاسيما وأن أثر نضوبها بعيد المدى.
وتعود الأسباب الحقيقية وراء مشكلة الضخ الجائر للأحواض المائية والتي تم استغلالها بشكل كثيف، للضخ بمعدلات عالية، ما أدى إلى هبوط مستمر في المناسيب عندما تتجاوز السحب الآمن، وبالتالي يحدث تدهور في نوعية المياه.
وأدى منح رخص آبار بشكل عشوائي سابقا ولغاية العام 1992 دون دراسة إمكانيات الطاقة التخزينية لكل حوض مائي، واستغلال أصحاب الآبار الزراعية المياه الجوفية بكميات تفوق بكثير ما مسموح به حسب رخص الاستخراج، لتفاقم استنزاف المياه الجوفية.
وإذا تم التقيد برخص الاستخراج، فإنه سيتم توفير ما معدله 130 مليون متر مكعب سنويا، والحفر غير المشروع للآبار في كافة مناطق المملكة، وعدم تفعيل القوانين والأنظمة الخاصة بالآبار ومراقبة المياه الجوفية من قبل بعض الحكومات وغض الطرف عن المخالفات، وفق تصريحات سابقة لخبراء مختصين في مجال المياه.
ويتجاوز الضخ الجائر من الآبار الجوفية في المملكة، نحو ثلاثة أضعاف كمية السحب الآمن منها، وقدرها 270 مليون متر مكعب.