أوباما وعدسات التصوير

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو - (ا ف ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصافح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو - (ا ف ب)

هآرتس

باراك ربيد

4/3/2014

كان من الصعب ألا ننتبه إلى الفرق الكبير بين الانتقاد اللاذع الذي وجهه رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في المقابلة الصحفية مع جفري غولدبرغ التي نشرت في ظهر يوم الاحد، وبين المديح الذي غمر به أوباما رئيس وزراء اسرائيل في التصريح المشترك أمام عدسات التصوير في بداية لقائهما – بعد ذلك بـ 24 ساعة بالضبط.اضافة اعلان
فوجئ نتنياهو حينما هبط في يوم الاحد في واشنطن مباشرة إلى العناوين الصحفية التي صدرت عن أوباما، فهو لم يتوقع ان تبدأ زيارته للولايات المتحدة على ذلك النحو. وكان مستشاروه في الايام الاخيرة يشيعون جوا هادئا بل قالوا انهم لا يتوقعون أي ضغط اميركي في الموضوع الفلسطيني.
كان ينقص فقط كما هي الحال في برنامج التوتر في القناة العاشرة ان ينتظر العريف عوفر شختر نتنياهو بقرب سلم الطائرة مع عدسة تصوير ويصرخ "كمين". ومن حسن حظ رئيس الوزراء ان التي انتظرت في منتهى السلم في قاعدة سلاح الجو اندروس بالقرب من واشنطن هي عدسات تصوير مكتب الصحافة الحكومي.
ما الذي حدث اذا في الـ 24 ساعة الاخيرة فجعل أوباما يلين كلامه؟ نقول اولا ان مقابلة غولدبرغ مع أوباما تمت في يوم الخميس الماضي قبل التصعيد في الازمة في أوكرانيا. لكن حينما نشرت في ظهر يوم الاحد كان آلاف الجنود الروس قد اصبحوا في شبه جزيرة القرم. فينبغي ان نفرض انه لو كان أوباما يعلم كيف ستتطور الامور لاختار ان يؤجل الهجوم وجها إلى وجه مع نتنياهو إلى موعد آخر.
لكن السبب الذي هو اكثر مركزية لتليين كلام أوباما كان رد نتنياهو على المقابلة الصحفية. ان رئيس الوزراء ومستشاريه لم يحبوا كثيرا كلام الرئيس الاميركي، هذا اذا لم نشأ المبالغة. وينبغي ان نفرض ان رسائل ما غاضبة نقلت إلى البيت الابيض. وفضل أوباما الذي احرز ما أراد ونقل رسائله إلى نتنياهو في المقابلة الصحفية، ان يخفض درجة الصوت ويمتنع عن مواجهة علنية اخرى مع رئيس وزراء اسرائيل امام عدسات التصوير.
لكن التغيير في كلام أوباما امس كان في الاسلوب اكثر مما كان في الجوهر. فحينما خرج المصورون والمراسلون وبقي الزعيمان مع عدد من مساعديهما في الغرفة المغلقة، التقى نتنياهو أوباما المقابلة مع غولدبرغ. وكان الانطباع ان صبر الرئيس الاميركي على التفاوض المرهق الذي يجريه كيري في وثيقة الاطار مع الاسرائيليين والفلسطينيين أخذ ينفد.
في حين كان كيري مستعدا للاستمرار وقتا طويلا آخر في لقاءات ماراثونية مع الطرفين لصوغ وثيقة متفق عليها، اصبحت مستشارة الامن القومي سوزان رايس ومستشارون آخرون لأوباما يعتقدون ان الحديث عن اضاعة وقت. وهم يرون انه يجب على الادارة الاميركية ببساطة ان تضع وثيقة على الطاولة مع المبادئ التي ينبغي بحسبها كما تعتقد الولايات المتحدة حل كل واحدة من القضايا الجوهرية، وان تجعل نتنياهو وعباس يقفان أمام حقيقة منتهية وان تطلب ان تعرف هل يقبلان الاقتراح أم لا.
حاول نتنياهو في اللقاء مع أوباما ان يقنعه بأن الفلسطينيين لا اسرائيل هم الذين يتحملون تبعة الجمود السياسي. وينبغي ان نفرض ان محاولات الاقناع بدأت قبل ذلك في لقائه مع كيري وبعد ذلك في لقائه مع نائب الرئيس بايدن. ويبدو ان هذه ستكون رسالته الرئيسة في خطبته في ايباك غدا.
بيد ان الاميركيين وسائر العالم لا يسرعون في الاقتناع. فتقرير المكتب المركزي للاحصاء الذي اظهر اكبر موجة بناء منذ عشر سنوات في المستوطنات يجعل أوباما يعتقد فقط انه على حق حينما عرف البناء في المستوطنات بأنه عمل "عدواني". ويعلم نتنياهو ان هذه هي نقطة ضعف اسرائيل المركزية لكنه لا يفعل شيئا لخوفه من التأثير السياسي لجماعة ضغط المستوطنين.
تزحزح نتنياهو شيئا ما في الحقيقة عن مواقفه وصار مرنا في بضع قضايا لكنه لم يخط إلى الآن خطوات تبين للمجتمع الدولي وللفلسطينيين انه جدي في مقاصده. وقد كشفت اشارة إلى ذلك حينما قال الرئيس أوباما امام عدسات التصوير ان نتنياهو اجرى لقاءات "نافعة" مع وزير الخارجية كيري في الموضوع الفلسطيني. وانحنى كيري الذي كان يقف على بعد امتار معدودة من هناك، نحو نائب الرئيس بايدن. وحينما كان يظن ان لا احد يسمع قال بلغة ساخرة: "أهي نافعة؟!".