خبراء: فرض ضريبة المبيعات على مستلزمات الإنتاج مسمار أخير في نعش القطاع الزراعي

مزارع يرش مزروعاته في منطقة الأغوار - (تصوير: محمد أبو غوش)
مزارع يرش مزروعاته في منطقة الأغوار - (تصوير: محمد أبو غوش)

عبدالله الربيحات

عمان - فيما كشف وزير الزراعة خالد الحنيفات عن توجه رسمي لشمول مدخلات الإنتاج الزراعي بالضريبة العامة على المبيعات، حذر خبراء زراعيون من أن فرض الضريبة "سينعكس سلبا على القطاع ومختلف القطاعات الأخرى كونه مولدا لها".اضافة اعلان
وكان الحنيفات كشف خلال مؤتمر صحفي أول من أمس، عن توجه رسمي لشمول مدخلات الإنتاج الزراعي بالضريبة العامة على المبيعات، مؤكدا أن "الوضع الاقتصادي يلزم جميع القطاعات بتحمل مسؤولياتها حماية وحفاظا على الوطن".
وأضاف أن القطاع سيتأثر بتعديل ضريبة المبيعات على مستلزمات الإنتاج الزراعي المعفاة من الضريبة بنسبة صفر %، بحيث يتم تعديلها إلى "4 % أو 16 % حسب الظروف".
وفي هذا الصدد، بين مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران أن القطاع الزراعي "لم يعد يحتمل المزيد من تدميره، والقانون الجديد، فيما يخص العمالة الوافدة، ما هو إلا أساليب طاردة للاستثمار في القطاع وهجرته".
وطالب الحكومة بأن "تحتذي حذو الدول التي تهتم بالقطاع الزراعي وتهتم بصادراتها، إذا علمنا أنه خلال ثلاثة الأشهر الماضية كانت نسبة الزيادة في النمو في هذا القطاع أكثر من 5 %، واحتلت المركز الثاني في الصادرات، وبالتالي يجدر الاهتمام به ودعمه، بدلا من فرض ضرائب ورسوم، بل يجب أن تكون هناك إعفاءات وحوافز للتصدير الزراعي، أسوة بدول الجوار".
وأكد أن "انهيار القطاع الزراعي سيؤثر سلبا على مختلف القطاعات، لأنه مولد لها، سواء التجارية أو الصناعية أو الخدماتية، ناهيك عن أنه سيؤدي إلى خلل في منظومة الأمن الغذائي إذا أصبحت التشريعات والقوانين طاردة للاستثمار في القطاع، إضافة إلى زيادة نسبة البطالة والفقر".
من جهته، قال رئيس جمعية اتحاد مصدري الخضار والفواكه سليمان الحياري، إن "القرار سيؤثر سلبا، لأنه سيرفع تكلفة الإنتاج، ما يؤدي إلى مواجهة المزارعين صعوبة بالاستمرار في الإنتاج"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "سيعمل على هجرة الزراعة، والإضرار بالاقتصاد الوطني بشكل عام، وهذه خطوة سيئة إذا تم فرض ضرائب على مدخلات الإنتاج الزراعي، وهو ما يسمى بالقاتل الاقتصادي للمواطن".
وبين أن "رفع ووضع ضرائب على المدخلات الزراعية مخالف لكل التوجهات السابقة التي كانت تتبناها الحكومة بإعفاء مدخلات الإنتاج، سواء الزراعية أو غير الزراعية، لتحفيز الاقتصاد الوطني والنهوض به، وهذا ما يؤدي إلى زيادة تكلفة العمل الزراعي، التي سيتحملها المواطن".
نقيب المهندسين الزراعيين محمود أبو غنيمة، بين من جهته أنه "قبل فترة قليلة لا تتعدى سنتين، كان هناك توجه لدى الحكومة برفع الضريبة على القطاع الزراعي لبعض المنتجات، فجرى حراك ودراسات بينت حجم الضرر الذي سيلحق بالقطاع، فقامت الحكومة بإلغاء جميع الإجراءات وإعادة الأمور كما كانت عليه".
وبين أن "ظروف القطاع الزراعي الآن في أسوأ مراحله وأصعبها حتى عن السابق، وبالتالي يأتي هذا القرار كآخر مسمار يدق في نعش القطاع، لأن الوضع لم يعد يحتمل، وستكون انعكاساته كارثية".
وأضاف أبو غنيمة أن "رفع الضريبة على مدخلات الإنتاج سيؤدي إلى ثقل يتكبده المواطن"، مبينا أن القطاع "يعاني من تحديات صعبة يحتاج إلى يد حنون ترفعه لا إلى يد تصفعه".
وأكد أن "الموسم الزراعي الحالي تأخر، والسبب يعود إلى شحة الزراعة"، مبينا أن "المواطنين متخوفون من القطاع الزراعي، ولا يملكون الأدوات للإقدام على الزراعة، فكيف سيكون الأمر إذا وجهت ضربة أخرى؟".
أما نقيب التجار ومنتجي المواد الزراعية صالح ياسين فأوضح أن "حجم الديون للشركات الزراعية في السوق المحلي تتجاوز 450 مليون دينار، وهي أكبر جهة داعمة لقطاع المزارعين"، مبينا أنه "تم إصدار بيان مشترك بين نقابة تجار ومنتجي المواد الغذائية وبين التجار الزراعيين، لصالح القطاع الزراعي، كونه يعاني من مشاكل كبيرة".
وقال إن "محدودية الصادرات الخارجية وعدم توفر العمالة الوافدة، وتوقف الصادرات منذ العام 2011، شكلت مخاطر وخسائر كبيرة على المزارعين، وانعكست على الشركات الزراعية المزودة للمزارعين بمستلزمات الإنتاج، وبالتالي ناء كاهل الشركات بديون من البنوك ومؤسسات الإقراض، فما بالك إذا تم فرض الضريبة؟".
وأكد عدم توفر السيولة الكافية لدى الشركات لدفع ما يترتب عليها، نتيجة فرض هذه الضرائب، وبالتالي سيتم الإحجام عن الاستيراد، ما يؤدي إلى نقص في كميات الأسمدة والبذور والمعدات الزراعية في الأسواق، الأمر الذي يسفر عن ارتفاع أسعارها، وهو ما يزيد الأعباء على المزارعين.
وحذر الحكومة من "الإقدام على مثل هذه التوجهات التي ستؤدي إلى تدمير القطاع، خصوصا في حال عدم إقدام الشركات على الاستيراد، وتسريح العديد من المهندسين والعاملين فيها، وكذلك المصانع الزراعية".
وكانت نقابتا تجار ومنتجي المواد الزراعية والمهندسين أصدرتا بيانا أوضحتا فيه أن "الحكومة تتوجه لشمول مدخلات الإنتاج الزراعي بالضريبة العامة على المبيعات، ولا يخفى على أحد الكوارث المتتالية التي يعاني منها هذا القطاع المهمش، من مشاكل التسويق والمديونية والعمالة وغيرها".
وأشار البيان إلى أنه "إذا ما تم تنفيذ هذه التوجهات، فستكون المسمار الأخير في نعش القطاع الزراعي وضد التوجهات الملكية بضرورة دعم القطاع الزراعي، لما له من دور في الأمن الغذائي والمجتمعي، وأن النقابتين تريان أن هذه التوجهات من قبل الحكومة تعتبر تراجعا عن تعهداتها السابقة للقطاع بعدم المساس بمدخلات القطاع الزراعي".
وأضاف "وتؤكد النقابتان أن ذهاب الحكومة لفرض أي ضريبة جديدة أو إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لمدخلات القطاع الزراعي، هو ذهاب بالطبقة المسحوقة إلى الهاوية، فإننا، وفي حال استمرت الحكومة بهذا النهج، فإن النقابتان ستتخذان إجراءات تصعيدية، وبما يتناسب مع هذا الأمر".