"غرب" المعايير المزدوجة‏

Untitled-1
مواطنون يتفقدون موقعا قصفته الطائرات الإسرائيلية في قطاع غزة - (أرشيفية)

بروفو سوبيانتو‏‏‏‏ - (‏‏الإيكونوميست) 2024/4/27
ترجمة: علاء الدين أبو زينة 

 

كيف يكون تدمير مدينة غزة أقل استحقاقًا للإدانة من تدمير ماريوبول؟ كيف يكون الهجوم على بوتشا أسوأ من الهجوم على مستشفى الشفاء؟ كيف يكون قتل المدنيين الفلسطينيين أقل استحقاقًا للإدانة من قتل المدنيين الأوكرانيين؟‏اضافة اعلان
                       *   *   *
‏في 9 نيسان (أبريل)، عشية عطلة عيد الفطر، نفذ سلاح الجو الإندونيسي عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية في غزة. ومن الناحية العملية، كانت هذه المساعدات مجرد قطرة في محيط الرعب والحرمان الذي تحولت إليه غزة مؤخرًا. ومع ذلك، حملت هذه البادرة قيمة رمزية كبيرة لشعب إندونيسيا، ولي شخصيا بصفتي رئيسه المنتخب: كانت رسالة حزن وألم مشتركين، وتضامن ودعم، لإخواننا وأخواتنا في غزة.‏
‏على مدى الأشهر الستة الماضية، شاهدنا في رعب بينما تتعرض غزة وشعبها لحملة قاسية من العقاب الجماعي، في انتهاك للقوانين والأعراف الدولية. وكنا نأمل ونصلي بأن تتوقف معاناة غزة -على الأقل خلال شهر رمضان المبارك- لكنها لم تتوقف.‏
‏وكان الشهر الفضيل مختلفا جدا هذه المرة بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم. كان هناك حزن ثقيل في قلوبنا لأننا كنا نعرف ما يمر به إخواننا وأخواتنا في غزة. وكانوا في عقولنا وقلوبنا وصلواتنا كل يوم.‏
منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، سمعت حججا تحاول دعم الحرب في غزة، كرد فعل مبرر على هجوم "حماس". وكان ما حدث في ذلك اليوم مروعا. وأنا أشعر حقا بما يشعر به كل الإسرائيليين الذين فقدوا أحباءهم. لكنني لا أستطيع حتى أن أرى كيف يمكن لأحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) أن تبرر ما يحدث في غزة منذ ذلك الحين.‏
‏كيف يمكن أن أفعل؟ كيف يمكن لأحد أن يبرر قتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، غالبيتهم الساحقة من النساء والأطفال؟ كيف يمكن لأي شخص أن يبرر مستوى الدمار والمجاعة والحرمان الذي تعرض له الأبرياء في غزة، في حملة يعتقد المليارات حول العالم أنها انتهكت كل قانون واتفاقية دولية تحمي المدنيين في أوقات الصراع؟
أقول هذا كمسلم. أنا الرئيس المنتخب الفخور للبلد الذي يضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم. إن سكان غزة هم إخوتنا وأخواتنا في الدين. ومع ذلك، أقول هذا أولاً وقبل كل شيء كإنسان. ليس عليك أن تكون مسلمًا لتشعر بألم غزة. وليس عليك أن تكون مسلما لتشعر بالغضب مما يحدث هناك.‏
‏ومع ذلك، من الواضح أن الغضب لا يشعر به الجميع. عندما غزت روسيا أوكرانيا، قاد الغرب حملة الإدانة العالمية. ودعا العالم إلى التنديد بروسيا باسم حقوق الإنسان والقانون الدولي. ولكن اليوم، تَسمح نفس البلدان بصراع دموي آخر، هذه المرة في غزة.‏
كيف يكون تدمير مدينة غزة أقل استحقاقا للإدانة من تدمير ماريوبول؟ كيف يكون الهجوم على بوتشا أسوأ من الهجوم على مستشفى الشفاء؟ كيف يكون قتل المدنيين الفلسطينيين أقل استحقاقًا للإدانة من قتل المدنيين الأوكرانيين؟‏
‏يشعر المزيد والمزيد من الناس في إندونيسيا وجميع أنحاء العالم، في الجنوب العالمي وفي الغرب أيضًا، أن فشل الحكومات الغربية في الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب يشير إلى أزمة أخلاقية خطيرة. وإلا كيف يمكن تفسير هذه المعايير المزدوجة، حيث يطلب منا أن يكون لدينا مجموعة من المبادئ لأوكرانيا وأخرى للفلسطينيين؟‏
قبل عام تقريبًا دعوت إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا. وقد دعوت إلى وقف إطلاق النار لنفس الأسباب التي أدعو إليه فيها في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة. دعوت إلى وقف القتال لأن المدنيين الأبرياء يدفعون الثمن بأرواحهم. لأن الأرواح وسبل العيش يتم تدميرها؛ لأن حروبًا بهذا الحجم لا تؤثر فقط على البلدان والأشخاص المعنيين، ولكن يمكن أن تنتشر لتبتلع مناطق وقارات بأكملها.‏
‏لقد دعوت إلى وقف إطلاق النار ليكون ذلك تمهيدًا لسلام دائم، لأنني كمسلم وإندونيسي أؤمن بالسلام والتعايش والاعتدال والوئام. إن هذه القيم توجد في الحمض النووي لبلدنا وشعبنا. وهي بالنسبة لنا مهمة عندما يكون أولئك الذين يعانون أوروبيين كما هي عندما يكون الضحايا آسيويين أو أفارقة. وهي ذات صلة بنفس القدر سواء كان المتضررون مسيحيين أو مسلمين أو يهودًا.‏
إلى جانب العديد من البلدان الأخرى، بذلت إندونيسيا قصارى جهدها لمساعدة سكان غزة على البقاء. ولكن مهما كانت المساعدات التي نقدمها، ومهما كانت عمليات الإنزال الجوي أو القوافل التي يمكننا إرسالها، فإنها غير كافية.‏
يجب أن نتحد لإنهاء هذه الحرب على الفور. لكننا يجب ألا نتوقف عند هذا الحد. إذا كنا لا نريد لدورة العنف والمعاناة أن تتكرر بانتظام دراماتيكي، كما حدث في الجزء الأكبر من العقود الثمانية الماضية، فعلينا أن نعمل معًا لحل الصراع من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل القائمة.‏
‏*برابوو سوبيانتو‏‏ Prabowo Subianto: وزير الدفاع والرئيس المنتخب لإندونيسيا.‏
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The West of double standards