ماذا يعني تخفيض تعرفة كهرباء الفنادق في الأردن؟؟

م.هالة الزواتي

طالعتنا الصحف الأسبوع الماضي ببشرى تخفيض تعرفة الكهرباء للفنادق في المملكة وتطبيق تعرفة الكهرباء الصناعية على قطاع الفنادق بدل التجارية في ظل ما يشهده قطاع السياحة من ركود أثر على دخل الفنادق التي ما تزال تعاني من الضرائب وارتفاع اسعار الكهرباء وانخفاض مبيعاتها وغيرها من الأمور.اضافة اعلان
وكخطوة لدعم القطاع؛ قامت الحكومة بتخفيض سعر الكهرباء للفنادق من حوالي 18 قرشا لكل ك.و.س (وهو ليس مبلغا ثابتا وانما يعتمد على عدة امور ولكنه المعدل) الى 9 قروش؛ اي بتخفيض مبلغ 9 قروش لكل ك.و.س.
وذلك ابتداء من شهر أيار(مايو) 2015 وحتى نهاية عام 2016.
وكما ذكرت الحكومة في تحليلها؛ فإن ذلك يعني دعم من الحكومة بمبلغ 28 مليون دينار سنويا ؛ وبلغة أخرى؛ فإن ذلك يعني زيادة مديونية شركة الكهرباء الوطنية بمبلغ 28 مليون دينار سنويا خلال فترة التخفيض!
وفي الفترة الماضية لم يتبق فندق في الاردن الا وبدأ بالتفكير بتركيب نظام لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة لتزويد استهلاكه من الكهرباء في ظل ارتفاع اسعارها؛ حيث أن توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة يكلف وبشكل عام حوالي 8 إلى 10  قروش لكل كيلو واط ساعة وعلى طول فترة المشروع وهي من 20 إلى عاما.
بعض الفنادق وصل الى مرحلة شراء ارض لإقامة المشروع والبعض الاخر وصل لمرحلة تأمين التمويل واحالة العطاء لتوريد وتركيب الأنظمة.
اليوم وبعد صدور قرار تخفيض اسعار الكهرباء للفنادق، ماذا يعني ذلك ؟؟؟
أولا : لم يعد هناك جدوى للفنادق لتركيب الطاقة المتجددة فشراء الكهرباء من الشبكة سيكلف 9 قروش وتوليدها من أنظمة الطاقة المتجددة سيكلف نفس المبلغ تقريبا و لكن بفارق مهم ، الكهرباء من الشبكة لن تكلف الفنادق قرشا واحدا تكلفة رأسماليه ولن تضطر الفنادق لامتلاك محطات لتوليد الكهرباء وتشغيلها وتأمينها وتمويلها وحراستها و...الخ .
ثانيا : كل الفنادق التي باشرت بمشاريع الطاقة المتجددة واشترت اراضي و بدأت بتنفيذها تضررت كثيرا.
ثالثا : زيادة المديونية على الأردن من خلال دعم الكهرباء للفنادق (عن كل كياو واط وبسعر النفط الحالي 6 قروش لكل كيلو واط يستهلك وبالتالي 28 مليون دينار سنوي كما صرحت الحكومة واذا زاد سعر النفط سيزيد هذا المبلغ)
رابعا : خسارة مشاريع كانت مؤكدة لإنتاج الطاقة الخضراء في المملكة والتي كانت ستحول الفنادق من مستهلكين معتمدين على دعم الحكومة الى مستهلكين منتجين لكل استهلاكهم ؛ أي لديهم اكتفاء ذاتي.
المقصود هنا هو ليس معارضة لدعم الحكومة لقطاع الفنادق وجميعنا يعلم الوضع الاقتصادي للفنادق وحاجتها للدعم، ولكن هذا القرار كان يجب ان يرافقه قرار يعزز ويدعم كل من بدأ أو يرغب بالبدء بتركيب انظمة طاقة متجددة من الفنادق، وذلك مثل ان تدفع الحكومة ولمدة 3 او 4 سنوات لمالك النظام 6 قروش عن كل كيلو واط ينتجه وبذلك وبدلا من ان تدفع الحكومة الدعم لثمن الكهرباء (مصاريف تشغيلية) يتم دفعها دعما لنظام الطاقةالمتجددة (مصاريف رأسمالية)  ولمدة قصيرة (4 سنوات) وهي المدة التي يتوقع لمثل هذه المشاريع  ان تسدد خلالها ثمن انظمة الطاقة المتجددة التي تحتاجها.
بعد ذلك؛ تستمر هذه الانظمة بتوفير الكهرباء للفندق ولمدة 20 عاما وبتكلفة تشغيلية بسيطة جدا.
وبالتالي تساهم الحكومة بالاستثمار في انظمة تخفف العبء عنها وعن المستهلكين من الفنادق مستقبلا.
كما انه من المهم أيضا أن تشدد الحكومة على أن دعمها للكهرباء للفنادق خلال
الـ 20 شهرا القادمة ،يهدف الى إعطائهم فرصة لتوفيق أوضاعهم وذلك قبل نهاية عام 2016 وبأنه لن يتم تمديد هذه المدة وبالتالي ستسعى جميع الفنادق وفي هذه الفترة الى تركيب أنظمة الطاقة المتجددة .
ولكن بتطبيق القرار كما جاء عليه؛ نكون كمن يعاقب المجتهد ويكافئ الكسلان، فمن بدأ بتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة من الفنادق يعض أصابعه ندما ومن لم يحرك ساكنا ... وصله الحل ، نحن نكافئه بالدعم !!
ولم اتطرق الى العديد من المنافع التي سيحققها الأردن على صعيد المصلحة العامة مثل  زيادة نسبة الطاقة المحلية المنتجة وتعزيز امن الطاقة وإيجاد نشاط اقتصادي حيوي سيؤدي لخلق العديد من فرص العمل وتخفيض فاتورة الطاقة والمديونية والذي يصب في تحسين الناتج المحلي الاجمالي وتعزيز مصداقيه الحكومة واتباع رؤية واضحة ثابتة والابتعاد عن التخبط في صنع القرارات وبالتالي تحسين المناخ الاستثماري في الاردن .
الفكرة المطروحة هنا هي ما يمكن تسميته "دعم مستدام" وليس "دعم دائم" ، وهذا ما يجب ان تبدأ دولة مثل الأردن بالتفكير بتطبيقه.
وبدلا من أن تسعى الحكومة الى دعم السلعة او الخدمة (وهي هنا الكهرباء) يجب ان تدعم ما يمكنه توفيرها بطريقه مستدامه (وهو هنا انظمة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة)، وهكذا يكون الدعم المالي من الدولة لفترة قصيرة ولكن وبعد رفع الدعم يستمر توفير الخدمة بأسعار مناسبة للمستهلك وبما يتماشى مع توجهات الدولة (أردن اخضر ، اقتصاد مستدام، طاقه محلية ...الخ) تماما مثل دعم عائلة فقيرة بتوفير التعليم والوظيفة لاحد افرادها بدلا من توفير مواد تموينية بشكل مستمر.
فلندعم قطاع السياحة ولندعم الفنادق ولكن ليكن تفكيرنا وحلولنا متكاملة وليست على حساب مؤسسات اخرى وليست على حساب قطاعات أخرى، ولنوجه الدعم الى حلول خلاقة تساعد الوطن والمواطن على المدى البعيد.
والحل موجود وهو حل مناسب لجميع الاطراف.