الأميركيون يصرون أنها حرب دينية

يبدو أن العداء للإسلام والمسلمين، لم يعد مقتصرًا على من يُريد أن يتبوأ منصبًا في الولايات المتحدة الأميركية، إذ أصبح أيضًا سمة رئيسة، وشرطًا مهمًا، لمن يشغلون مناصب قيادية أو عُليا في مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية.

اضافة اعلان


المرء، أيًا كانت معتقداته أو أفكاره أو توجهاته، ليس بحاجة إلى كثير من الذكاء، أو إنهاك نفسه في البحث والدراسة والتمحيص، ليخرج بنتيجة مفادها بأن الحرب «الصهيو - أميركية»، على قطاع غزة، هي حرب دينية أو طائفية.. فالكثير من المسؤولين الأميركيين ورؤساء ومديري مراكز بحثية، يتعمدون بكل كبر وفجور، نعت الدين الإسلامي بـ»الإرهاب»، وأنه «مُتعطش للدماء»، ووصف الكثير من أتباعة بـ»الإرهابيين».


نقطة البداية «الحديثة»، كانت في العام 2003، أطلقها رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق، جورج بوش الابن، فقُبيل تنفيذ عملية احتلال العراق، صرح علنًا بأنها «حملة صليبية»، وبعدها بعقدين من الزمان، أكد وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، بكل صلف وعنجهية، «أتيت إلى هُنا (تل أبيب) ليس كوزير خارجية الولايات المتحدة، ولكن كيهودي»، ولطالما تفاخر بأنه يهودي الأصل.


وقبل أيام، كتب المُدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، مقالًا لا يقل عداء، عن تصريحات بوش الابن، وبلينكن، فيه ما فيه من الفجاجة والاتهامات الباطلة ضد الإسلام والمسلمين، «وأن الجانب الإسلامي يزيد عادة من حدة القتال خلال شهر رمضان».


ساتلوف، لم يرمش له جفن، عندما اعتبر شهر رمضان الفضيل «شهر حروب» المسلمين، وأخذ يستعرض الانتصارات التي حققها المسلمون في هذا الشهر، بدءًا من غزوة بدر، ففتح مكة و»رودس»، مرورًا بوصول المسلمين إلى ساحل إسبانيا، وانتصار طارق بن زياد على ملك إسبانيا، انتهاء بانتصار صلاح الدين على «الصليبيين»، والمماليك على التتار في معركة عين جالوت.


ساتلوف استعرض تلك المعارك، والتواريخ التي جرت فيها بالتفصيل، علمًا بأن الكثير من المسلمين لا يعرفون أوقات حدوثها. ولم يكتف بذلك فقط، لكنه ساوى بين الإسلام، دين الوسطية والاعتدال والمحبة والسلام، وبين تنظيم داعش الإرهابي، مُستشهدًا بأن الأخير «متعطش للدماء في شهر رمضان»، وتغافل عامدًا متعمدًا عن أن المسلمين جميعهم متيقنون مائة بالمائة بأن هذا التنظيم لا يمت بأي صلة للإسلام والمسلمين، ويُصرحون بذلك جهارًا نهارًا.


وقدم ساتلوف نصيحة، قائمة على الزور والبهتان، للحكومة الأميركية (الشيطان الأكبر)، بـ»عدم الضغط على إسرائيل، وتعليق الحرب، احترامًا لشهر رمضان».. ذلك قوله بملء فيه، إلا أنه غض طرفه عما أحدثته بلاده من دمار في العراق، إذ ما يزال العراقيون لحتى الآن يدفعوه ثمن جريمة الأميركيين في بلادهم.


ساتلوف لم يتطرق أبدًا إلى وحشية الجيش الأميركي، الذي جاء إلى العراق بحجة «نشر الديمقراطية»، كيف قصف ملجأ العامرية، حيث كان يختبئ فيه نساء وأطفال وشيوخ كبار بالسن، بلا أي مُبالاة.. ولم يُشر إلى همجية ذلك الجيش عندما كان يغتصب العراقية على مرأى ومسمع الكثير من الجنود.


ساتلوف، لم يذكر أبدًا كيف كان الجيش الأميركي لا يرقب إلًا ولا ذمة في المعتقلين العراقيين، عندما مارس أفراده «السادية» عليهم.. ولم يهتم أبدًا إلى قتل أطفال ونساء العراق، وكم عدد الأرامل، اللواتي خلفهن جيش «الديمقراطية» الأميركية.. وقبل ذلك ما فعله بأفغانستان وتدميرها، وسرقة ما فيها من خيرات، على رأسها «اليورانيوم».


ساتلوف، لم يذكر قيمة المساعدات المادية التي قدمتها بلاده إلى الصهيونية، ولم يتطرق أبدًا إلى الأسلحة التي تُزود بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، من أجل مجازر جماعية وإبادة بحق أهل قطاع غزة.


لكن، ولكي أغيظك أكثر يا ساتلوف، أن كُل الحروب التي ذكرتها في مقالك، كانت حروبا مفصلية بالتاريخ.. إلا أنه لم تُسجل حالة اغتصاب واحدة، أو هتك حرمة بيت، ولا تدمير منزل على ساكنيها، أو بيت عبادة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا