التميمي وجدية "التهديد الأميركي"

لم أستغرب أن يلجأ 7 أعضاء في «الكونغرس» الأميركي إلى أسلوب التهديد بقطع المساعدات الأميركية عن الأردن في حال لم تقم عمان بالاستجابة للطلب الأميركي بتسليم المواطنة الأردنية الأسيرة المحررة أحلام التميمي للسلطات الأميركية التي وجهت لها تهمة المشاركة في تفجير مطعم إسرائيلي العام 2001 قتل فيه أميركيان.اضافة اعلان
فهذا الأسلوب (التهديد) ليس غريبا عن الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولا عن نوابها وشيوخها، فهذا الأسلوب يتم استخدامه دائما للضغط لصالح الكيان الصهيوني ولتمرير سياساته الخطيرة والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن الإدارة الأميركية الحالية استخدمته على نطاق واسع لدعم سياسات كيان الاحتلال، وأقرت الكثير من القرارات والخطوات التي تخدم الاحتلال وعلى رأسها قطع التمويل الأميركي عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وقطع التمويل عن السلطة الفلسطينية.
لذلك، فإن تهديد 7 نواب من الحزب الجمهوري بقطع المساعدات الأميركية عن الأردن في حال لم يسلم أحلام التميمي يدخل في هذا السياق، فبعد أن صادقت محكمة التمييز الأردنية في شهر آذار (مارس) 2017 على قرار لمحكمة الاستئناف يقضي بعدم تسليم التميمي لواشنطن، لم يعد للإدارة الأميركية واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية إلا أسلوب التهديد والوعيد بقطع المساعدات عن الأردن.
لقد رفض القضاء الأردني الطلب الأميركي بتسليم التميمي في 2017 والذي استند إلى معاهدة «تسليم المجرمين» التي وقعتها الحكومتان الأردنية والأميركية في العام 1995، ولكن هذه المعاهدة لم يصادق عليها البرلمان الأردني، ولذلك لا يمكن للقضاء تسليم أي مواطن أردني تتهمه واشنطن بـ»جرائم» على أساسها.
وفي ظل هذا الواقع، ولاستغلال الظرف الأردني الاقتصادي الصعب في ظل جائحة كورونا، لجأ هؤلاء السبعة نواب لأسلوب التهديد بقطع المساعدات الأميركية، وكأن قضية تسليم أو عدم تسليم التميمي قضية كبرى تستدعي مثل هذا الإجراء الخطير، حاصرين العلاقات الأردنية الأميركية في هذه الزاوية الضيقة.
وبحسب التقارير الإخبارية، فإن هؤلاء النواب مقربون من رئيس الإدارة الأميركية دونالد ترامب، ما يشي بأن التهديد قد يكون منسقا بينهما، لدفع الحكومة الأردنية لاستشعار مدى «خطورة وجدية» هذا التهديد حيث يريد مطلقوه أن يوصلوا رسالة إلى الأردن، أن الأمر لن يبقى في مجال التهديد، وإنما سيصل إلى التنفيذ.
ومع أن رسالة النواب السبعة، سلمت بحسب الأنباء الصحفية إلى السفير الأردني في واشنطن، إلا أنها تبقى في إطار «الخطوات غير الرسمية» والتي هدفها الضغط بإجراء قاس مع الإيحاء بأن تبنيه من الإدارة الأميركية وارد، «لعل وعسى يتلحلح الموقف الأردني ويستجيب للضغط بتسليم المواطنة التميمي».
ولكن، في مثل هذه القضايا، لا أعتقد أن الحكومة ستتأثر بمثل هذه الضغوط، فالقضاء هو الذي منع تسليم التميمي، ولا أعتقد أن الحكومة ستتجاهل هذه الحقيقة، وستحترم القضاء وقراراته حتى ولو تقدمت السلطات الأميركية بطلب جديد، فلن تتغير الوقائع، فالمعاهدة الأردنية الأميركية التي يمكن من خلالها تسليم التميمي غير مصادق عليها من البرلمان ولم يتغير أي شيء على هذا الصعيد.
كما أعتقد، أن الإدارة الأميركية لن تقبل بقطع مساعداتها للأردن لمثل هذا السبب، حتى ولو تم الإيحاء بذلك. صحيح أن هناك رعونة كبيرة في البيت الأبيض فيما يتعلق بكيان الاحتلال، ولكن قضية التميمي لا تستدعي قرارات كبرى كقطع المساعدات عن الأردن.