الناتج المحلي الإجمالي: ضرورة الفهم لاتخاذ القرار

يُعد الناتج المحلي الإجمالي أحد المفاهيم الأساسية في الاقتصاد، حيث يُستخدم لقياس حجم النشاط الاقتصادي لدولة أو منطقة خلال فترة زمنية معينة.

اضافة اعلان


ويعكس الناتج الإجمالي القيمة الاقتصادية للسلع والخدمات المنتجة داخل الاقتصاد خلال فترة زمنية محددة، وهو مؤشر مهم يساعد في فهم صحة الاقتصاد وتطوره. تتبع عملية احتساب الناتج المحلي الإجمالي عدة خطوات أساسية.


فيجب ابتداءً تحديد الفترة الزمنية المراد قياسها، وهذه عادة تكون سنة واحدة. تُجمع خلال هذه الفترة جميع الأنشطة الاقتصادية المختلفة التي تتم داخل البلد أو المنطقة، سواء كانت إنتاج سلع أو تقديم خدمات. الخطوة التالية تتضمن تحديد القيمة السوقية لجميع هذه السلع والخدمات.

 

يتم ذلك عادة باستخدام الأسعار الحالية للأصناف المختلفة. ولكن في بعض الحالات، يمكن استخدام أسعار ثابتة لفترة زمنية معينة لتجنب التأثيرات الناتجة عن التضخم أو التراجع في قيمة العملة. بعد تقدير القيمة السوقية للسلع والخدمات، يُجمع إنتاج جميع القطاعات الاقتصادية مثل الزراعة، والصناعة، والخدمات. هذا يشمل الإنتاج الناتج للقطاع الخاص والحكومي. ثم، يتم حساب القيمة المضافة في الاقتصاد. تُمثل القيمة المضافة الفارق بين إجمالي الإنتاج والمدخلات التي تم استخدامها في الإنتاج، مثل المواد الخام والأجور. هذا يُظهر القيمة الفعلية التي تمت إضافتها إلى المواد الخام لإنتاج السلع والخدمات.

 

لاحقًا، يتم تجميع الناتج المحلي الإجمالي باستخدام إما الطريقة الإنتاجية أو الطريقة الدخلية أو الطريقة النفقية. تعتمد الطريقة الإنتاجية على جمع قيمة جميع السلع والخدمات المنتجة، في حين تعتمد الطريقة الدخلية على جمع جميع الدخل الوارد للفاعلين الاقتصاديين.

 

أما الطريقة النفقية، فتعتمد على جمع الإنفاق النهائي للمستهلكين والحكومة والاستثمار. وقد قدم الدكتور حيدر فريحات مدير دائرة الاحصاءات العامة مداخلة مهمة على مجموعة المرصد الاقتصادي الأردني أشار بشكل تفصيلي لطرق الاحتساب الاقتصادية المتبعة في دائرة الاحصاءات وهي الطرق العلمية المعروفة والتي أوجزها د. فريحات بالنقاط الثلاث التالية:

 

1- الطريقة الأولى: هي مجموع القيم المضافة التي تولدها الأنشطة الاقتصادية المحلية، وتقاس القيمة المضافة لكل نشاط من خلال طرح قيمة السلع والخدمات المستخدمة في العملية الإنتاجية (الاستهلاك الوسيط) من قيمة إجمالي الإنتاج.

حيث يقاس الإنتاج لكل نشاط حسب طبيعة النشاط ففي الزراعة يقاس كمجموع للسلع المنتجة خلال السنة ويعبر عنها بإجمالي قيمة المخرجات (السلع الزراعية) + قيمة الزيادة في المخزون (الأشجار والثروة الحيوانية) حيث أن هذه الزيادة في قيمة الشجرة أو الماشية تعتبر إنتاجا وتكوينا رأسماليا.

 

بنفس الطريقة أيضاً في قطاع الصناعة حيث يتم حساب الإنتاج كمجموع قيمة المبيعات مضاف له التغير في المخزون من السلع المنتجة والسلع قيد التشغيل، أما في قطاع الخدمات فتقاس مباشرة كقيمة لمجموع الإيرادات التشغيلية، أما في قطاع التجارة فتقاس كمجموع المبيعات مطروحاً منها قيمة المشتريات بغرض البيع - التغير في المخزون من السلع المشتراة بغرض البيع.

 

في قطاع البنوك فإن الإنتاج الرئيسي يقاس من خلال قياس الخدمة المحتسبة على الفوائد المفروضة على القروض استناداً إلى الفرق بين سعر الفائدة على القروض - سعر الفائدة المرجعي مضروبا بقيمة القروض ويضاف لها قيمة الخدمة المحتسبة على الودائع وتقاس من خلال الفرق بين سعر الفائدة المرجعي مطروحا منه سعر الفائدة على الودائع مضروبا بقيمة الودائع وهناك معادلات خاصة لحساب قيمة الإنتاج على التأمين وغيرها من الخدمات كالخدمات الحكومية التي تقاس بمجموع التكاليف. وبعد حساب القيمة المضافة لكل نشاط يضاف له صافي الضرائب على المنتجات (الضرائب - الإعانات) بسبب أن القيمة المضافة على مستوى كل نشاط يحتسب بالأسعار الأساسية التي لا تتضمن الضرائب ويضاف لها قيمة الإعانات وذلك بسبب أن قيمة الضرائب على المنتجات هي إضافة على الاقتصاد ما كانت لتضاف لو لم تتم العمليات الإنتاجية.

 

2- الطريقة الثانية هي طريقة الإنفاق النهائي على السلع والخدمات (المحلية والمستوردة) مطروحا منه قيمة المستوردات وبالتالي نحصل على القيمة المضافة التي تم إضافتها إلى الاقتصاد. وأوجه الإنفاق النهائي هي الاستهلاك النهائي للأسر + الإنفاق النهائي للحكومة العامة+ التكوين الرأسمالي (تكوين رأسمالي ثابت + التغير في المخزون)+ الصادرات من السلع والخدمات وللحصول على إجمالي القيمة المنتجة من السلع والخدمات المنتجة محليا يتم طرح قيمة المستوردات من السلع والخدمات

 

3- الطريقة الثالثة يتم حسابها من خلال حساب العوائد التي يحصل عليها عوامل الإنتاج وهم العاملون في الإنتاج والدخل المتأتي لهم تعويضات العاملين والعامل الثاني من عوامل الإنتاج الحكومة بصفتها منظمة للعمليات الإنتاجية والدخل المتأتي لها عبارة عن قيمة الضرائب على الإنتاج والمستوردات، والعامل الثالث هو المستثمر والدخل المتأتي له هو عبارة عن فائض التشغيل (وهو قريب من الأرباح التشغيلية مفهوم المحاسبة التجارية) ختاماً، يُظهر الناتج المحلي الإجمالي واقع النشاط الاقتصادي داخل دولة أو منطقة معينة، فهو مؤشر حيوي يُستخدم لتقييم أداء الاقتصاد وتحديد الاتجاهات الاقتصادية على المدى الطويل والقصير، يُشكل فهم كيفية احتسابه أساسًا لاتخاذ القرارات الاقتصادية ووضع السياسات الاقتصادية مما يتطلب الفهم العلمي الدقيق لهذا المصطلح.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا