مشكلة الفقر.. التحديات والحلول

الفقر هو تحد متعدد الأبعاد يؤثر على المجتمعات حول العالم، والأردن ليس استثناءً؛ حيث يواجه الأردن تحديات اقتصادية وقضايا مستمرة متعلقة بالفقر، تتطلب فهما دقيقا وعلميا وحلولا مستهدفة للحد من زيادة الفقر.

اضافة اعلان

 

أبرز تلك التحديات التي تواجه هذا الملف الضاغط، تفاوت الأوضاع الاقتصادية، فتفاوت الأوضاع الاقتصادية بين المناطق الحضرية والريفية يعد مؤشراً مهماً لعمق مشكلة الفقر في المجتمع وأحد التحديات المركزية في معالجة قضية الفقر، فتطور المدن الرئيسية وتقدمها، وتراجع المناطق الريفية، يشكلان تبايناً وقيودًا للوصول إلى الموارد والفرص، مما يعزز دورة الفقر.


التحديث الثاني الذي يرتبط بعلاقة سببية مباشرة مع مشكلة الفقر هو معدلات البطالة وفرص التشغيل في سوق العمل الأردني؛ حيث تسهم معدلات البطالة العالية -خاصة بين الشباب- إضافة إلى محدودية فرص العمل والتشغيل، بشكل كبير في منظومة الفقر. فعدم التواؤم بين الوظائف المتاحة ومهارات القوى العاملة يزيد من هذا التحدي، مما يؤدي ليس فقط إلى الضغط الاقتصادي، ولكن أيضًا إلى التحديات الاجتماعية والنفسية. أما التحدي الثالث، فيتمثل بالتفاوت في مجال ومستوى التعليم، فعلى الرغم من التقدم في التعليم في الأردن، مثلاً، ما يزال التفاوت قائماً، إن تقليل الوصول إلى التعليم عالي الجودة يعيق التنمية الاجتماعية ويعزز دورة الفقر بين الأجيال.


إن أبرز الحلول التي يجب تضمينها في السياسات الاقتصادية هي وجود وتفعيل الاستراتيجيات الشاملة للتشغيل والتوظيف؛ حيث تعد برامج وسياسات التوظيف والتشغيل ضرورية، وكان أثرها محدودا في سوق العمل الأردني للأسف، بالرغم من وجود أكثر من سياسة تتعلق بالتشغيل في الأردن. بالأساس، من المفترض أن تسهم تلك المبادرات بتطوير المهارات وخلق فرص عمل مستهدفة في التقليل من الفجوة بين الوظائف المتاحة ومهارات القوى العاملة، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي.


من المهم أيضاً النظر الى الاستثمار في التعليم، كاستثمار حقيقي يعزز رأس المال البشري ويرفع ويحسن من الأداء الاقتصادي، فنظام تعليمي قوي يعد جزءا أساسيا من تخفيف الفقر. ضمان الوصول إلى التعليم ذي الجودة، خصوصا في المجتمعات المهمشة ومستوطنات اللاجئين، يزود الأفراد بالأدوات اللازمة للحصول على فرص عمل أفضل وتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.


كما يجب الالتفات للدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني من برامج وخطط هدفها توفير وتمكين الحماية الاجتماعية للمواطنين والشبكات الاجتماعية الداعمة لذلك. فتعزيز جهود هذه المؤسسات والشبكات الاجتماعية الداعمة أمر ضروري لتوفير الإغاثة الفورية للفئات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، وتنفيذ برامج ومشاريع صغيرة ومتوسطة، وتقديم المساعدات العينية، ورعاية صحية ميسرة يمكن أن توفر الحماية ضد التأثيرات الضارة للفقر.


طبعاً، يبقى الحديث التقليدي المتعلق بأهمية تحسين وزيادة الإنتاجية في الاقتصاد وانعكاس ذلك على معدلات النمو الاقتصادي والتوسع في الإنتاج، وبالتالي خلق المزيد من فرص التشغيل والعمل، هو حديث أساسي، وقد أجابت عن تفاصيله كاملة رؤية التحديث الاقتصادي للسنوات العشر المقبلة، فتعزيز التنمية المستدامة أمر أساسي لتقليل التفاوتات الاقتصادية. والاستثمار في قطاعات، مثل الزراعة والبنية التحتية والتكنولوجيا، يمكن أن يخلق فرص عمل ويعزز ظروف العيش العامة.


تتعدد وجوه الفقر بين مطلق ومدقع وغيرهما من مسميات وتصنيفات، مما يتطلب نهجا شاملا لتخفيف آثاره، ومعالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من خلال استراتيجيات تشغيل فاعلة ذات أثر مباشر تعمل على تشبيك التعليم والتوظيف والدعم الاجتماعي. يتطلب ذلك توحيد الجهود المشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأطراف الدولية، لفك طلاسم تعقيد الفقر وتسهيل الطريق نحو مستقبل أكثر تكافؤا.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا