في التحول أم الثورة الصناعية الرابعة؟

طرح بعض المنظرين مصطلح "الثورة الصناعية الرابعة" ليتم توظيفه لوصف رحلة التنمية والاقتصاد في الأردن كعنوان لمرحلة اقتصادية مقبلة أو لتحول كلي؟ وقد تداولت النخب التوصيف (وهو صحيح تماما بسياقه التاريخي الخاص) بلا تحفظ، كتلخيص للحال وللمسار لدينا، بمعنى أن الاقتصاد هو اليوم أمام ثورة، وأن تلك هي ثورة صناعية ورابعة بالتسلسل التاريخي للأحداث. لكن الناظر باقتصاد الأردن منذ بداية تشكل الثروات العامة في البلاد والتي نشأت من تعويضات وتمويل ودعم، ومن الملكيات والضرائب ومن الأعمار والتجارة والزكاة ومن صناعة محلية ومن قطاعات وخدمات، يلحظ نسقا واضحا ومشتركا طوال الوقت، وهو أنها تشكيلة حضرت عبر آلية "التطور الطبيعي" للأحداث وللمراحل ومن طبيعة وخيارات الناس أيضا (Organic Growth)، فلم يحدث لدينا بالواقع ثورة بالمعنى التحولي والشمولي إلا لمرة واحدة وكانت (من منظور اقتصادي بحت) ضد مصادرة المُلك والرزق وجوع الشعب، ما ينبئ بتكرار الحدث فقط أن تكررت الأسباب!. ثم ليتم إجراء القياس من دون تبيان الفارق برحلة الصناعة الأوروبية التي لم نقدم فيها (من العصر الحديث) أيا من اختراعات الصناعة، وهي بالتسلسل الزمني؛ صناعة التحكم بقوى الماء والبخار والفحم الحجري والتلغراف والفونوغراف والتلفون وآلة الخياطة والكابل والمحرك الكهربائي والديزل، ثم أول خط إنتاج للسيارات في هذا الترتيب التاريخي؟ وما تزال القياسات لدينا بفارق زمني كبير وبمرجعيات غير متطابقة مقارنة بين رحلة الصناعة في أوروبا ورحلة الإنتاج الخاصة التي مر بها اقتصاد الأردن. ولكن من الواضح عندنا أنه يوجد استحداث لمسارات وخيارات متنورة تستدعي تركيزا فائقا على فكر الفعالية وأدوات الإنتاج والعلوم وعلى الصناعة الرقمية كمدخل لاقتصاد مختلف عن كل ما سبق. وهنا، ولحسن الحظ المتأخر، ستتجاوز الأردن وستقفز عن كل مشكلات ومعطيات الصناعة السابقة! نحو علم الأرقام والبيانات، مستفيدة من برامج التكنولوجيا والشباب ومن التطبيقات وكل الأدوات المتوافرة بالسوقين المحلي والعالمي. هي البرمجيات التي ستتحكم بجودة العمل وبكفاءة قوى وأدوات الإنتاج وستقوم بتعديلها وبذلك ستكون نهضة بالمعلوماتية ابتدأت بخصوصية الأردن منذ الألفية الثانية، بتوقع أن الرؤية ثلاثية الأبعاد، ستحل محل خطوط الإنتاج البطيئة. المرحلة المقبلة ليست مشروعا أكاديميا للبحث، إنما مسار (Disruptive Tech) بقوى عمل تحمل أدوات إنتاج مختلفة تماما. الأردن على أبواب اقتصاد متحول ورقمي سيبدأ بالتبلور عبر التوظيف الأمثل للتكنولوجيا على مدى أجيال و"الديجتال" قادم فيه وبقوة. *خبيرة في تكنولوجيا المعلوماتاضافة اعلان