في زمن "كورونا".. تساؤلات تجتاحنا!

تجتاحنا تساؤلات عديدة، تنخر بعقولنا وترهب أرواحنا، ونحن نعيش "آفة العالم"، التي غيرت حياة البشرية، وتحكمت في مصائر الأوطان من جنوب الكرة الأرضية إلى شمالها، ونجحت بزرع الخوف بأشكاله كافة في نفوسنا، وأيقظت الرهبة والقلق ونحن نعايش مصيراً مجهولاً إلى الآن!اضافة اعلان
الخوف الحاضر مع ظهور وباء كورونا، لم نعتقد يوما أننا قد نختبر تفاصيله وآلامه ومعاناته وحتى شراسته، لطالما قرأنا في الروايات والكتب عن أوبئة أصابت البشرية بمقتل، لكن اليوم نعيش رواية مشابهة نشاهد أحداثها بأم أعيننا، وتملأ تفاصيلها قلوبنا حزناً ونشعر بحنين لمساحة الفرح المبهج الذي بات أقرب إلى خيالات نسرح معها لساعات وربما أيام، من دون أن نملك القدرة على إغلاق الكتاب والعودة لمتابعة عالمنا بضجيجه وبكل ما فيه؛ فنحن اليوم أقرب الى شخصيات هذه الروايات وأسرى لقصة مشابهة.
نحن جيل ربما لم يدرك المعنى الحقيقي لكل هذا الخوف والتهديد بالخطر، من آفة قد تدخل إلى بيوتنا في أي لحظة تضعنا في مواجهة مباشرة معها، ومع أحبائنا، مع كل تفاصيل حياتنا، لنقف بكل قوتنا عاجزين أمامها وأمام خبثها.
كنا نعتقد أن العلم والأبحاث المتطورة وأهم الاختراعات وعالم الذكاء الاصطناعي بكل صوره، والمليارات التي تدفعها دول عدة لتطوير كل مناحي الحياة وأحدث العلاجات الطبية والدوائية، وكل ما توصلت له البشرية؛ قادرة على حمايتنا من أي وباء طارئ يمكن أن يصيبنا، لكننا حتى الآن نشعر بالعجز التام، والخذلان، بأن كل ما سمعنا عنه لم يتمكن حتى الآن من إنقاذ أرواح آلاف الناس الذين غادروا الحياة وتركوا أوجاعا كبيرة برحيلهم.
أكثر من مليار شخص حول العالم يعيشون في حجر منزلي إجباري، فرضته الدول للحماية من فيروس قد يفتك بهم في أي لحظة، تركوا أعمالهم ووظائفهم، أقاربهم، وأحباءهم، وكل تفاصيلهم، للاختباء داخل غرف بزوايا محددة، لا يقوون حتى استنشاق الهواء النقيّ في شوارع بيوتهم القريبة.
كل واحد ممن فرضت عليه العزلة والحجر الإجباري، لا يرى أفقا واضحا لحياة بدأت ملامحها تتغير بصورة حقيقية، واختلف شكلها، وباتت الأمكنة باهتة والطرقات فارغة من مرتاديها، والمدن الجميلة الصاخبة، هادئة من كل شيء.
كلنا نتحايل على استفسارات من هنا وهناك، ربما ما يدعو لبعض الاطمئنان في دواخلنا أن ما يسري علينا يسري على غيرنا، وأننا نعيش ذلك "الهم والخوف" بصيغة الجماعة، فلا شيء بيدنا نفعله، سوى الانتظار إلى أي مصير سيقودنا ذلك الفيروس اللعين.
لكننا في لحظة، تداهمنا الأسئلة من كل حدب وصوب، ومهما تحايلنا لإخفائها، تظهر لا بل تتصدر علامات الاستفهام حول مستقبلنا المجهول، وطريقنا الغائم، وعلاقاتنا الإنسانية وسط هذا الظلام الذي نعيشه!
تجربة الحجر الصحي في المنزل ليست بسيطة أو هينة، فقد فتحت أمامنا مناطق مغلقة في دواخلنا لم نكن نفكر بها، فهل ستكون البشرية "عاجزة" أمام النجاة من "عزلة الحياة" وهل سيطول بنا الأمر إلى اللامجهول؟! هي تساؤلات مشروعة لكننا حتى الآن نعجز عن الوصول لإجابة واضحة لها!
هي استفسارات نوجهها لهذا الفيروس الشرس؛ أنت الذي "جمدت" كل شيء بلحظة، تحكمت في مصائر البشر، وأطفأت شعلة الحياة لديهم.. كم ستأخذ منا أناسا كانت أحلامهم ما تزال قيد التنفيذ، كم سيعاني الصغار والكبار من أوجاع هذا المرض الذي يفتك بأنفاسهم.. وبرئتين كانتا تستنشقان هواء الكون!
هل ستعطينا الفرصة لنعيش حياة تمنيناها يوما مع من نحب! هل سنعود لأعمالنا ووظائفنا التي كنا نضيق بها أحيانا، ونحن الآن نشتاق لها أكثر من أي وقت؟!
الأمل.. وإن كان ضوؤه خافتاً عصي على الرؤية، إلا أنه يزور أرواحنا من حين لآخر، ويذكرنا بحتمية الانتصار في معركتنا الصعبة، فالوباء لم يستطع أن يزعزع "إنسانيتنا" إنما زادنا تمسكا وقوة وصلابة، وبتنا نخاف على أحبائنا ونسترق كل لحظة، لقضاء الوقت معهم، أضعاف ما كنا عليه يوما!
أيها الوباء لا تفرح كثيرا.. النهايات لم تحن بعد.. لأننا بتنا نعشق تفاصيل في حياتنا لم تكن يوما ذات أهمية، ولم نكن نهتم بها حينما كانت ملك أيدينا..
سنعود حينما تفتح الحياة لنا أبوابها من جديد... سنعيشها من جديد، سنفرح بها ونشعر بقيمتها أكثر من أي وقت مضى!