لماذا لا يهتم الشارع بالتغيرات الحكومية.. كيف كنا وأين أصبحنا؟

كانت التغيرات الحكومية حدثا مهما ينشغل به الشارع قبل النخب؛ فالكل ينتظر من سيرأس الحكومة الجديدة ومن سيكون في طاقم الرئيس الجديد. كان هناك جمهور مع بقاء نفس الحكومة؛ ولسان حالهم يدافع ويقول ان الحكومة حققت نجاحاً في مشروعها الصحي او التعليمي، ولكن حدث تراجع في الإصلاح الإداري أوالحريات مثلاً. وهناك فريق آخر ينتظر تغيير الحكومة؛ ولسان حاله يقول ان المرحلة بحاجة لتقارب من المعسكر الغربي مثلا أو فتح قنوات مع دول الجوار الخليجية او المعسكر الشرقي، وان رئيس الحكومة الموجود لا يحقق المطلوب عند هذه الجهات ونحتاج إلى رئيس جديد لديه قنوات معهم. كل هذه النقاشات كنت أسمعها سابقاً في غالبية الجلسات -حتى العائلية منها-؛ فالأب مع التغيير والأبناء في الجامعات مع بقاء الامور على ما هي عليه، وأبناء القرية أو المخيم أو حتى الصالون السياسي في المدن ينتظرون حضور نائبهم أو أحد أقاربهم من المسؤولين لكي يشرح لهم أين تتجه بوصلة الحكومة وما هي توجهاتها في القطاعات الخدمية والاقتصادية وما هو موقفها من قضايا المنطقة والقضايا الاقليمية. الجميع كان يعلم غالبية الوزراء عند خروج أسمائهم على شاشة التلفزيون الأردني في أخبار الثامنة، وإذا دخل وزير جديد للحكومة كان الكل يتوقع انضمام هذا الشخص مسبقًا وذلك من خلال عمله وادائه الذي أهله لكي يصبح وزيرًا. « لكن» كل ذلك تغيير…! فبالرغم من انتشار التلفزيون والراديو وكذلك السوشال ميديا وسهولة وصول المعلومة، وخروج أعداد من المحللين السياسيين على القنوات المحلية والعربية والعالمية « إلا» ان الاهتمام تراجع، وأصبح تغيير وزير او حكومة لا يتابعه الشارع ولا يناقشه أصلاً! وإذا سألت الناس: من هو وزير الوزارة الفلانية يصمت ويقول «لا أعرف» ويضيف «لست مهتمًا اصلاً من يكون»! وإذا مرّ وزير أو دخل محلا لشراء حاجة فإن غالبية الموجودين لا يميزون ان هذا وزير! السؤال؛ لماذا تغيير مزاج الشارع الأردني واصبح لا يهتم بالتغييرات الحكومية والسياسية؟ الجواب على هذا السؤال يمكن تلخيصه في عدة نقاط: فالحكومات المتعاقبة نفسها ساهمت بشكل مباشر في الوصول لهذه النتيجة؛ وعود لا تُنفذ، وتعيينات حسب القرب من المسؤول، وترقيات ومناصب حسب الواسطة والشللية والمحسوبية ليست مبنية على الكفاءة، كذلك عدم وجود مشروع للحكومة تدافع عنه وتشرحه للناس، ولا ننسى الأخطاء الإدارية الكارثية التي حملت الخزينة ملايين الدنانير لم يستفد منها أحد. كل هذه الأسباب، مع تراجع الدخل وتآكل الرواتب وعدم وجود فرص عمل أدت جميعها وبشكل شمولي إلى انشغال الناس في لقمة عيشهم وابتعادهم عن السياسة وعدم اهتمامهم بما يحدث حولهم من تغيرات سياسية. لذلك مطلوب من الحكومات – الحالية والقادمة- تغيير الصورة النمطية والاشتباك مع الناس ودعم مشروع الدولة الذي أطلقه جلالة الملك بمساراته الثلاثة، كذلك اختيار الاشخاص الأكفاء مبتعدين عن الشللية والمحسوبية لشغر المواقع الحكومية. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان