"الاستراتيجيات": توقعات الإيرادات في 2022 طموحة

001
001

عمان-الغد- في ضوء إقرار مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، لمشروع قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية للسنة المالية 2022 تمهيدا لإحالته إلى مجلس الأمة لاستكمال إجراءاته الدستورية، أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تحليله السنوي للموازنة العامة، الذي يهدف من خلاله إلى وضع موازنة 2022 في سياقها الاقتصادي الأردني، والتعليق عليها، وتقديم بعض الاقتراحات التي تهدف إلى تحسين بعض بنودها بما يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.

اضافة اعلان


واستعرض المنتدى، في بداية التقرير، بعض المشاهدات حول أداء الاقتصاد الأردني خلال الأعوام الماضية، مشيراً إلى أن الأردن وخلال الفترة 2010-2019، قد حقق معدلات نمو متواضعة.

كما أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4 % و2.9 % و3.0 % في الأعوام 2021-2023 على التوالي، وذلك بعد أن تراجع الاقتصاد الأردني بما يعادل -1.6 % في العام 2020.


وفي هذا السياق، بين المنتدى أن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الفترة 2010-2019 لم تسهم كثيرا في تخفيض معدلات البطالة. بل على العكس، ازدادت النسبة من 13.5 % خلال الربع الثالث من العام 2010 إلى 19.1 % خلال الربع الثالث من العام 2019. ومع تعمق الآثار الاقتصادية للجائحة، ازدادت نسبة البطالة لتصل الى 23.9 % خلال الربع الثالث من العام 2020، رغم انخفاضها إلى نسبة 23.2 % في الربع الثالث من العام 2021.

معتبراً أن هذه النسبة مرتفعة بشكل استثنائي ومقلق، خاصة عند النظر إلى معدلات البطالة بين الشباب وفئة المتعلمين من الإناث بالتحديد. مبيناً أنه من المتوقع أن تبقى معدلات البطالة مرتفعة (رغم الانخفاض الذي حصل خلال الربع الثالث من هذا العام) ما لم يحقق الاقتصاد الأردني مستويات غير مسبوقة في النمو الفعلي.


وفيما يتعلق بالسياسة المالية، أشار المنتدى إلى أن العجز في الموازنة العامة ما يزال مستمرا ومنذ عقود؛ حيث كانت الإيرادات العامة على الدوام أقل من النفقات، ولم يتبدل هذا الحال في الأعوام الأخيرة (2016-2019). بل على العكس من ذلك، فقد تسببت جائحة كورونا بانخفاض حاد في الإيرادات العامة غير الضريبية، وازدياد في عجز الموازنة الى الناتج المحلي الإجمالي من 3.3 % في العام 2019 الى 7 % في العام 2020.


وأشار تقرير المنتدى إلى أن النفقات الرأسمالية لم تشهد أي تحسن على إجمالي النفقات العامة خلال الأعوام الماضية، بل إن النسبة قد استمرت بالانخفاض عن مستواها في العامين 2016 و2017. وقد انعكس هذا الانخفاض بشكل سلبي على الناتج المحلي الإجمالي. في حين حافظت النفقات الجارية -التي تمول في العديد من بنودها بعض الاستهلاكات غير الضرورية-على مستواها خلال الأعوام الماضية.


وفيما يخص ملاحظات المنتدى حول بنود مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2022، بين المنتدى أن موازنة العام 2022 توسعية الى حد ما، نظراً للتوقع بزيادة الإنفاق العام بنسبة 8.1 %، وهي نسبة أعلى مما كانت عليه في العام 2021 (معاد تقديره)، أو حتى في الأعوام 2017-2019. كما أن النفقات الجارية من المتوقع ارتفاعها من 8,789.6 مليون دينار في العام 2021، الى 9,116.8 مليون دينار في العام 2022 أو بنسبة 3.7 %. كما أن النفقات الرأسمالية من المتوقع أن تزداد من 1,080.1 مليون دينار (معاد تقديره) في العام 2021 الى 1,551.4 مليون دينار في العام 2022، أو بنسبة 43.6 %، مشيراً إلى أن ذلك مؤشر إيجابي فيما يخص أولويات الإنفاق.


ولتمويل الزيادة في مجموع النفقات العامة في الموازنة، تتوقع الحكومة أن ترتفع إيراداتها المحلية من 7,301.2 مليون دينار الى 8,064.0 مليون دينار في العام 2022 أو بنسبة 10.4 %؛ حيث اعتبر المنتدى أن هذه النسبة طموحة وقد لا تتحقق في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي.

علاوة على أن موازنة العام 2022 تعتمد على زيادات مماثلة في جميع مصادر الإيرادات الضريبية، مثل ضريبة الأفراد وضريبة حساب المساهمات الوطنية وبيع العقار، وضريبة الشركات المساهمة وغيرها؛ حيث إنه من المتوقع أن تزداد الإيرادات الضريبية من الأفراد أو القطاع الخاص (باستثناء الشركات المساهمة والمشاريع الكبيرة) مثل المقاولين والأطباء، والمحامين وغيرهم، من 70 مليون دينار في العام 2021 الى 80 مليون دينار في العام 2022.


وبالنسبة للعجز في الموازنة، أوضح المنتدى أن جائحة كورونا قد تسببت في ازدياد عجز الموازنة العامة من 1,058.3 مليون دينار في العام (2019) الى 2,182.4 مليون دينار في العام (2020).

وفي حين أن عجز الموازنة في العام 2021 أقل من مستواه في العام 2020، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع مرة أخرى، ولو بنسبة قليلة (1.6 %)، في العام 2022، مشيراً إلى أن العجز المتواصل في موازنات الحكومة (قبل وبعد المنح الخارجية) قد أدى الى ازدياد فوائد الدين العام من 1.243 مليار دينار في العام 2020 الى 1.452 مليار دينار في العام 2021 (إعادة تقدير)، وانخفاض بسيط بنسبة 1.7 % ليصل الى 1.428 مليار دينار في العام 2022.

وفي هذا السياق، بين المنتدى أن فوائد الدين العام شكلت حوالي 13.5 % من إجمالي النفقات العامة في العام 2020.


وأشار المنتدى إلى أن الموازنة للعام 2022 لم تأت بأي أمر جديد؛ حيث ما تزال الإيرادات من ضريبة المبيعات هي المصدر المهيمن على الإيرادات الضريبية. كما أن الموازنة ما تزال تعتمد على المنح الخارجية؛ حيث من المتوقع أن يشكل هذا المصدر 10.5 % من مجموع الإيرادات المحلية. علاوة على أن بعض البنود مثل (الرواتب، والتقاعد، والفوائد) ما تزال تشكل النسبة الأعلى (84.1 %) من إجمالي النفقات الجارية.


وفيما يخص مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية، أوضح المنتدى أن مشروع قانون موازنة العام 2022 قد قدر إجمالي إيرادات الوحدات الحكومية في 2022 بنحو 860.5 مليون دينار مسجلاً بذلك انخفاضاً عن مستواه المعاد تقديره في العام 2020 بنحو 99.9 مليون دينار، أو ما نسبته 10.4 %.

ويعزى السبب الرئيسي وراء هذا الانخفاض إلى انخفاض إيرادات شركة الكهرباء الوطنية من 125.4 مليون دينار في العام 2020 الى -29.1 مليون دينار في العام 2021 (إعادة تقدير)، وإلى -211.5 مليون دينار في العام 2022، مبيناً في هذا النطاق أن الخسائر المتراكمة لشركة الكهرباء الوطنية قد ازدادات من 4.920 مليار دينار في العام 2019 الى 4.982 دينار في العام 2020، والتي من المتوقع لهذه الخسائر أن تزداد أيضا في العام 2021.


أما بالنسبة للنفقات العامة لموازنات الوحدات الحكومية، فقد قُدر إجمالي النفقات العامة بنحو 1,513 مليون دينار للعام 2022 مقابل 1,325 مليون دينار معاد تقديره للعام 2021، أي بارتفاع بنحو 188 مليون دينار أو ما نسبته 14.2 %. وتشكل النفقات الجارية من مجمل النفقات في العام 2022 حوالي 1,009 مليون دينار، أو ما نسبته 66.6 % من مجمل النفقات بالمقارنة مع 948.5 مليون دينار معاد تقديره في العام 2021؛ أي بارتفاع مقدراه حوالي 88 مليون دينار وبنسبة 6.4 % تقريباً. هذا وتشكل النفقات الرأسمالية من مجمل النفقات في العام 2022 حوالي 504.6 مليون دينار، أو ما نسبته 33 % من مجمل النفقات مقارنة مع 376.2 مليون دينار معاد تقديره للعام 2021؛ أي بارتفاع مقداره نحو 128.4 مليون دينار، أو ما نسبته 34 % تقريباً.


وقد بين المنتدى أن الموازنة العامة، وبالرغم من اعتبارها توسعية الى حد ما، إلا أنها تحتوي على العديد من البنود "الإيجابية"، ابتداء من قائمة بالمشاريع الرأسمالية "الجديدة"، ومن أهمها نفقات المشاريع الممولة من المنح (80 مليون دينار)، والنفقات الصحية لجائحة كورونا (110 ملايين دينار)، ودعم برنامج التشغيل الوطني (80 مليون دينار)، وبرنامج دعم وتطوير الصناعة (30 مليون دينار)، إضافة إلى المشاريع "قيد التنفيذ" بين القطاعين العام والخاص (60 مليون دينار)، وانتهاء بتخصيص موارد إضافية للحماية الاجتماعية من خلال صندوق المعونة الوطنية؛ حيث ارتفعت النفقات من 148.4 مليون دينار في العام 2020 الى 204 ملايين دينار (معاد تقديره)، وإلى 244 مليون دينار في موازنة العام 2022.


وفي هذا السياق، أوضح المنتدى أن هذه الإجراءات بلا شك ستزيد من مستويات العجز في الموازنة العامة، وهذا ليس بالأمر الجديد، حتى وإن تمكنت الحكومة من تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والترشيد في الإنفاق العام. إلا أنه وفي ظل الظروف الحالية، لا بد من تقبل ازدياد العجز في الموازنة العامة، ومستويات الدين العام من أجل تحقيق انتعاش اقتصادي لتحريك عجلة الاقتصاد بعدما تسببت جائحة كورونا بنوع من الركود الاقتصادي.


واستعرض المنتدى، في تقريره، جملة من التوصيات لتحسين الأداء في السياسة المالية، مؤكداً أنه يجب العمل على المدى الطويل على توفير خدمات عامة "كافية" و"بكفاءة" لخدمة الاقتصاد الوطني والمواطن الأردني والقطاع الخاص مع ضرورة الحفاظ على نسب معقولة في مستوى العجز في الموازنات ومستويات الدين العام، وإلا فإن السياسة المالية ستصبح مصدرًا لعدم استقرار الاقتصاد الكلي. وهذا يتطلب ضرورة إعادة النظر في العديد من الأمور المالية مثل العمل على زيادة الجهد الضريبي وهو نسبة الايرادات الضريبية الى الناتج المحلي الإجمالي، حيث تتراوح في الأردن بين 15 % و16 %، وهي نسبة تعد منخفضة إذا ما قورنت مع معظم دول العالم وخاصة المتقدمة منها.

مؤكداً في هذا السياق ضرورة إيلاء الحكومة هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحقه لما له من أبعاد مهمة في تعزيز قدرتها على تحقيق الاستقرار في أداء الاقتصاد الوطني من خلال تبني سياسة مالية عصرية، وزيادة مشاريعها الرأسمالية والتركيز فيها على تقديم السلع والخدمات التي طالما حلم المواطن الأردني بها.


كما شدد المنتدى على ضرورة تعديل الاختلالات في الإيرادات الضريبية نظراً لأن الإيرادات من ضريبة المبيعات تشكل حوالي 70 % من إجمالي الإيرادات الضريبية. وهي حقيقة تستوجب التعديل والعلاج من أجل تحقيق تنويع أفضل في مصادر الإيرادات الضريبية، وتحقيق مستوى أعلى من العدالة في توزيع الضرائب وخاصة في ظل الضريبة العامة على السلع والخدمات (المبيعات)، التي تعد ضريبة "أعلى" على الأقل دخلاً، من ذوي الدخل العالي أو المرتفع نسبة الى دخلهم.


وركز المنتدى على ضرورة الاستمرار بالعمل على رفع كفاءة تحصيل الضرائب من فئة "الأفراد" كون فئة "الموظفين والمستخدمين" تسهم في إجمالي الإيرادات الضريبية بمبالغ أعلى من فئة "الأفراد" أو القطاع الخاص (باستثناء الشركات المساهمة والمشاريع الكبيرة) مثل المقاولين والأطباء، والمحامين، وأصحاب المطاعم، وأصحاب المتاجر، وأصحاب المدارس الخاصة، وآخرين، وهو ما يعكس خللاً في الجهد الضريبي ومدى عدالته.


وأوصى المنتدى أيضاً بالحفاظ على الدقة في "تنبؤ الإيرادات الضريبية وغير الضريبية"، والعمل على تجنب إخضاع شركات القطاع الخاص وبمختلف أنواعها (المساهمة وغير المساهمة) الى معدلات ضريبية متفاوتة نظراً لأن معدل الضريبة على هذه الشركات متباين دون وجود أسس ومعايير واضحة، حتى أن بعضها قد يخضع للإعفاءات الضريبية دون أسباب وجيهة.


كما أكد المنتدى أهمية العمل على تقييم كفاءة الإنفاق والإطار المؤسسي من خلال تعزيز وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية للمساهمة في وضع أولويات الإنفاق، بحيث يتم الانتقال الى ما يعرف بمبدأ "الموازنة المستجيبة لحاجات وأولويات المجتمعات المحلية" التي يفترض ان تخدمها النفقات العامة، إضافة إلى الربط بين الضرائب المحصلة ونوعية الخدمات التي يقدمها القطاع العام، وذلك في القطاعات الأكثر أهمية بالنسبة لدافعي الضرائب مثل البنية التحتية، والتعليم، والصحة. كما أوصى بضرورة تبني الحكومة لسياسة شاملة ومعاصرة لتطوير قطاع الطاقة بشقيه الطاقة التقليدية والمتجددة من أجل رفع كفاءة هذا القطاع لما له من أثر مهم على باقي القطاعات الاقتصادية وكذلك الدين العام.

إقرأ المزيد :