الزعبي يحاضر حول "الأدب الملتزم" في الثقافة العربية

1713791084144549400
أستاذ النقد الحديث في جامعة اليرموك، الدكتور زياد الزعبي
عمان- تطرق أستاذ النقد الحديث في جامعة اليرموك، الدكتور زياد الزعبي، إلى جوانب الالتزام في الأدب  وموضوعات تشغل الباحثين والنقاد منذ تشكلت نظرياتها المرتبطة بالواقعية الاشتراكية والفلسفة الوجودية، حيث مثلت آراء سارتر محورها وحددت عناصرها. وينظر إليها بوصفها موضوعات جديدة في إطار الأدب الحديث وسياقاته الاجتماعية والفلسفية.اضافة اعلان
وتوقف الزعبي في المحاضرة التي نظمتها اللجنة الثقافية في كلية الآداب والعلوم التربوية بجامعة فيلادلفيا، بعنوان "الأدب الملتزم"، أدارها رئيس جمعية النقاد الأردنيين الدكتور زهير توفيق، عند الإطار الثقافي العربي عبر امتداداته التاريخية وسياقاته السياسية والفكرية والفنية، سعيا إلى بيان حضور أو غياب الإلزام والالتزام فيه. 
تحدث المحاضر عن محاور رئيسية في موضوع قضية الأدب الملتزم، وهي كما يقول: "قراءة المصطلح ودلالاته في سياق الأدب العربي والابتعاد عن رؤية الموضوع في إطار التنظير الغربي لهذا المصطلح، الذي يربط عادة برؤية سارتر التي طرحها في كتابه ما الأدب؟ وهي رؤية تشكلت في إطار سياسي اجتماعي غربي مباين للبنية الثقافية والاجتماعية العربية، وهذا ما يدعوني إلى قراءة لهذه الموضوع بعيدا عن المنهجية الأكاديمية التي تحرص على الاقتباسات والتقميش والتوثيق". 
ذهب المحاضر إلى تأمل موضوع الالتزام من خلال المسار التاريخي للأدب العربي، الذي يمثل صورا حادة لهذا الموضوع في حدود المفاهيم التي يحملها هذا المصطلح المتولد في سياق ثقافي آخر. ولعل تعريف الالتزام في الأدب أنه الأدب المكرس للدفاع عن موقف سياسي أو ديني أو اجتماعي أو أيدلوجيا، معينة، يعني أن التاريخ أو الواقع الأدبي المتحقق يتجاوز فكرة التنظير الغربي، ويجعل منها رؤية متأخرة تاريخيا على نحو ينهض على أبعاد انتقائية مغلقة.
ويتحدث المحاضر عن حدود "الالتزام مصطلح"، مبينا أنه مصطلح فضفاض في مساراته التاريخية والثقافية، فلم يخضع لتحديد منطقي دقيق واضح على رأي المناطقة. وظل حاملا لرؤى وصور غير محصورة، فكل عمل أدبي يلتزم بقضية ما أو يعبر عنها، يوصف بالملتزم. وهذا ما جعل كل كاتب أو أديب يقيم أدبه ونصوصه وفق غاية ما يصنف نفسه، بأنه أديب ملتزم، وهذا ما جعل موضوع الالتزام موضوعا لا يحمل أو يمثل صفة خاصة، بل غدا تصورا مشاعا يمكن للأديب نفسه أن يدعيه أو يرفع شعاره، مما يقود إلى رؤية ترى في الأدب دوما عنصرا غير محايد، حتى وإن بدا للمنظرين بأنه لا يقع في إطار موضوع الالتزام.  
أما في التاريخي للأدب العربي، فقال الزعبي: "يمكن للباحث أن يتأمل ما يمكن أن يدعى التزام الأدباء أو الشعراء، لكن هذا الالتزام محكوم برؤية ذاتية تتعلق بالأفراد أو بالأشخاص أكثر من تعلقها بقضايا أو مواقف، حتى المواقف المتعلقة بالفرد أو الشخص. وهو ما يمكننا من إدراك أن شعراء القبائل، أو شعراء السلاطين، أو شعراء الطوائف، أو حتى الشعراء الصعاليك، كانوا جميعا ملتزمين مبينا، أن الأدب العربي الملتزم في صورته الواقعية الاشتراكية أو في الفلسفة الوجودية.
ويبين المحاضر، أن الالتزام في الأدب العربي الحديث المتعلق بالأنواع الأدبية ومدى استجابتها لموضوعة الالتزام، فالشعر الغنائي كما يرى سارتر لا يتجاوب مع الالتزام، وأن النثر كما يظهر في المسرح والرواية والمقالة يمثل الصورة الأبرز التي تعبر عن موضوع الالتزام.
وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن مدى صحة هذا الطرح النظري الذي يبعد بعض الفنون عن الاستجابة أو القدرة على تمثيل الالتزام، وهو تصور يخلف الوقائع التاريخية للفنون واستجابتها وقدرتها على تمثيل الأبعاد الدينية أو السياسية أو الأخلاقية، فنحن نعرف الكيفية التي التزم وفقها الفن التشكيلي والعمارة والموسيقا مثلا، بالتعاليم أو الرؤى الدينية، كما هي الحال في العمارة الإسلامية وفي الموقف الديني من الرسم الذي تحول إلى الزخرفة الهندسية. 
وخلص الزعبي، إلى أن الشعر الغنائي يمكن أن يكون ذا علاقة وثيقة بفكرة الالتزام شريطة التأثير في الجمهور على نحو يشكل لديه رؤية وموقفا من قضية ما. وهنا يمكن أن نقف على أعمال محمود درويش وبدر شاكر السياب وأمل دنقل ومظفر النواب على سبيل المثال، لبيان حضور الالتزام أو غيابه لديهم، وهم جميعا شعراء غنائيون. وتشكل القضية الفلسطينية محورا رئيسا عند هؤلاء الشعراء باستثناء السياب. فإلى أي حد كان التزام هؤلاء الشعراء فاعلا في تكوين موقف عام من هذه القضية في أبعادها المتعددة: قداسة الأرض، والقيمة الإنسانية، وحقوق الشعب.