هايل.. مولود الخداج الذي بدأ حياته بـ"الحجز التحفظي"

WhatsApp Image 2024-03-21 at 2.01.38 PM
مستشفى الجامعة الأردنية - (أرشيفية)

الأغوار - ليست الحالة الأولى، كما أنها لن تكون الأخيرة، قصص الحجز على المرضى ومنع إخراجهم قبل دفع قيمة فاتورة العلاج أو تقديم ضمانات بسدادها، مسلسل مستمر، تكتب سيناريوهات حلقاته بين أروقة المستشفيات، منها الحكومية والأخرى خاصة، مسجّلة تجاوزات يصعب توثيقها، بينما كل ما يمكن إثباته، لا يتعدى أحاديث يرويها أصحاب تجارب عايشوا الوقائع ودفعوا الثمن. 

اضافة اعلان


في قسم الخداج في مستشفى الجامعة الأردنية، وبعد أن أكمل المولود هايل علاجه بالكامل وفق ما أخبره الطبيب المشرف على حالته لذويه، وحان موعد إخراجه للقائه بوالديه وشقيقته التوأم، تقف قيود الإجراءات المالية المتبعة كجدار فاصل، تمنع هذا اللقاء، وتجبر ذويه على قبول بقاء هايل لمزيد من الوقت في المستشفى، مع تقديم الرعاية الصحية الخاصة، ولكن تحت بند ما يمكن تسميته بـ "الحجز التحفظي". 


تعود القصة إلى التاسع والعشرين من شهر شباط (فبراير) الماضي، عندما قررت الطبيبة المشرفة على حالة هايل الذي كان يتعافى بقسم الخداج، أن بإمكانه الخروج بعد تحسن حالته الصحية، وعند ذهاب والده الذي يقطن بالشونة الوسطى للمضي بإجراءات إخراجه، ولدى وصوله إلى قسم المحاسبة فوجئ بوجود مطالبة مالية قيمتها 1658 دينارا، وأن عليه الدفع أولا قبل إخراج المولود. 


عند هذا الفصل من القصة، لم تكن المصيبة قد وقعت بعد، فوسط لهفة الوالد على إخراج مولوده، سارع إلى جمع ما أمكن من المبلغ ليعود في السادس من آذار (مارس) الجاري، لاخراج هايل، غير أن الصدمة الأكبر كانت عندما أبلغه المحاسب بأن المبلغ المترتب عليه هو ثمانية آلاف دينار، ولدى سؤاله عن السبب أخبره "أن تأمينه الصحي وقت وجود مولوده في قسم الخداج كان منتهيا، وتم احتساب كلف العلاج عن الفترة ما بين انتهاء التأمين وتجديده على نفقته الخاصة".


يقول أحمد والد الطفل هايل لـ "الغد"، "وُلِد هايل مع شقيقته التوأم بحالة طارئة في أحد المستشفيات الخاصة، وجرى لاحقا نقله إلى مستشفى الجامعة الأردنية وشقيقته إلى مستشفى حكومي آخر لكون حالتها الصحية كانت أفضل".

 

ويتابع: "تم إدخال المولود إلى قسم الخداج بالمستشفى بتاريخ 29/ 11 /2023، وحينها تقدمت ببطاقة التأمين الصحي سارية المفعول لقسم المحاسبة لضمان تغطية كلف العلاج".


ويضيف "راجعت قسم المحاسبة بالمستشفى بتاريخ 29/ 2 /2024، لدفع الحساب وإخراج ابني، إلا أن المحاسب أبلغني بأني مطالب بمبلغ 1658 دينارا، ولم أكن أملك ذلك المبلغ حينها فطلبت منه إمهالي حتى أتمكن من جمع المبلغ وقد تمكنت خلال أسبوع من جمع 900 دينار كدفعة من المبلغ على أن أتعهد بالالتزام خطيا بسداد بقية المبلغ لاحقا، وبقي هايل في المستشفى خلال هذه المدة رغم أن الطبيب المشرف كان أكد أن بإمكانه الخروج". 


ويقول، "عند عودتي إلى المستشفى لإخراج ابني طلبوا مني مراجعة قسم المحاسبة لأتفاجأ بأن المبلغ المطلوب يزيد على 8 آلاف دينار، والسبب أن التأمين كان قد انتهى خلال فترة تلقي ابني العلاج، ما رتب علي كامل أجور العلاج والإقامة في الخداج والكلف الأخرى". 


ويردف، "اسودت الدنيا بعيني، فمنذ أكثر من ثلاثة شهور ونحن ننتظر أن نقوم باحتضان طفلنا، وأهلكنا التعب طوال هذه المدة جراء الذهاب والإياب والانتظار لساعات"، مشيرا إلى "أن والدته في حال يرثى لها، فقد أمضت الشهور الثلاثة وهي تتنقل لإرضاع ورعاية الطفلين كلاً في مستشفاه والآن وبعد أن منّ الله علينا بشفاء طفلينا نحرم من ضمهما واحتضانهما معا قبل دفع فاتورة العلاج".


عند هذا الحد من تفاصيل قصة المولود هايل، اختلطت الأوراق، بين إدارة مستشفى أصرت على اتباع الإجراءات، وبين تأمين صحي يؤكد أن الخطأ سببه الأب الذي لم يراجع لتجديد تأمينه وبين والد مصدوم، أكد مراجعته أكثر من مرة لتجيد تأمينه غير أنهم أخبروه بوجود إشكالية بين التأمين الصحي والهيئات المستقلة التي يعمل بإحداها.


هايل الآن خرج من المستشفى، ولكن بشروط قد تضع والده لسنوات تحت ظروف مالية صعبة، فوفق والده، "فإن إدارة المستشفى كانت تواصلت معه وأخبرته أن بإمكانه دفع المبلغ المتوفر معه وإخراج ابنه، على أن يتعهد خطيا بسداد باقي المبلغ". 


اللافت، أن اتصال المستشفى مع والد هايل، جاء بعد يوم واحد من محاولة "الغد" التواصل مع إدارتها للاستفسار عن قصة الطفل، وما إذا كانت المستشفى تمنع إخراجه قبل دفع كامل فاتورة علاجه. 


مصدر مطلع في مستشفى الجامعة أوضح أن تأخر خروج الطفل من المستشفى كان نتيجة عدم تعاون والده الذي رفض التوقيع على ضمانات لدفع باقي المبلغ المترتب على علاج ابنه، مضيفا أنه جرى التواصل مع ذوي الطفل بتاريخ 17 /3 /2024، وتم تسليمه لهم بعد توقيع والده على تعهد بدفع باقي المبلغ.


في مقابل تحميل المستشفى مسؤولية تأخير إخراج الطفل لوالده الذي رفض بالبداية التعاون والتعهد بسداد المبلغ، ينفي مدير إدارة التأمين الصحي في وزارة الصحة الدكتور نائل العدوان وجود أي مشكلة في تجديد بطاقات التأمين الصحي للموظفين، قائلا لـ "الغد"، "أي تأخير في عملية التجديد مرده تأخر الموظف نفسه بالسير بإجراءات التجديد".     


والد هايل أعاد التأكيد أنه حاول مرارا القيام بتجديد بطاقة التأمين الصحي بعد انتهائها، إلا أن إدارة التأمين الصحي رفضت بحجة وجود إشكالية مع عدد من الجهات الحكومية ومن ضمنها الهيئة الحكومية التي يعمل بها، لافتا إلى أنه وبعد محاولات كثيرة استطاع الحصول على بطاقة تأمين مجددة بتاريخ 6/ 3 /2024، ولكن بعد فوات الأوان.


وينوه أنه ومنذ بدء عمله كموظف في الهيئة يتم اقتطاع مبلغ التأمين الصحي شهريا دون توقف حتى خلال الفترة التي تم فيها رفض تجديد بطاقة التأمين، متسائلا "ما ذنبي أن أتحمل وجود إشكالية بين التأمين الصحي والهيئة؟ وما ذنب ابني الذي أبصر النور ولم يرى أسرته إلا بعد اشتراطات مالية قد تضعني في مأزق حرج لعدة سنوات قادمة؟. 


في كتاب حصلت "الغد" على نسخة منه مؤرخ بتاريخ 19/ 5 /2022، يفيد بأنه "بناء على تقرير اللجنة المشكلة بتاريخ 28/ 6 /2020 والمشكلة لغايات التأكد من التزام الجهات الحكومية المستقلة من اقتطاع الاشتراكات الخاصة ببدل التسكين وتحويلها لصندوق التأمين الصحي قرر وزير الصحة تشكيل لجنة لمتابعة مدى قانونية اشتراك موظفي الهيئة بالتأمين الصحي وإعداد تقرير وتوصيات".


معنيون في الهيئة التي يعمل فيها والد هايل، اكتفوا بالقول "لم يتم إبلاغنا بالسماح بتجديد التأمين الصحي للموظفين"، في تلميح إلى وجود إشكالية سابقة بين الهيئة والتأمين حول تجديد الاشتراكات لموظفي الهيئة والتي على ما يبدو دفع ثمنها المولود هايل ووالده. 

 


 الفاتورة النهائية لعلاج الطفل هايل في قسم الخداج - (الغد)

 

اقرأ أيضا:

  بلديات الأغوار الوسطى.. واقع خدمي مترد يعيق دورها التنموي