لا جديد في المكائد ضد الإسلام والمسلمين

11
11

أسامة شحادة

إن العداء للإسلام والمسلمين لم ينقطع منذ اللحظة الأولى، وهو من طبيعة الرافضين للإسلام طيلة تاريخ البشرية، وقد بيّن ذلك ورقة بن نوفل كما ذكرتُ في الأسبوع الماضي حين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الخبرة التاريخية تؤكد أن الأنبياء يتعرضون للعدوان من مخالفيهم فقال: "لم يأتِ أحد بمثل ما جئت به إلا عُودي" رواه البخاري.اضافة اعلان
وهذا العداء والعدوان للنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام والمسلمين لم يقتصر على كفار قريش بل شمل حتى اليهود والنصارى القريبين والبعيدين وتورط به القادة الدينيون والسياسيون، وكان من أهم أدواتهم في ذلك المنافقون، والذين كانوا وما يزالون أخطر أدوات أعداء الإسلام في تنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم ضد الإسلام والمسلمين.
وما يزال كثير من المكائد والمؤامرات التي جرت في العهد النبوي تتكرر عبر تاريخ الإسلام بنفس نوايا الغدر والكيد والحقد مع تبدل الأسماء والشخوص وهذه بعض النماذج منها:
1 - بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وفشل مشركو قريش في اغتياله ومنع تكوين مركز قوة له، لم يستسلم قادة المشركين، ولعلمهم بحقد عبد الله بن أبيّ بن سلول على النبي صلى الله عليه وسلم بسبب أنه كان يجهز نفسه ليكون زعيما وملكا على الأوس والخزرج ولكن دخول الأنصار في الإسلام قضى على هذا الحلم.
فراسل كفار قريش ابن سلول وهدّدوه بالحرب إذا لم يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم أو يخرجه من المدينة، وفعلا حاول ابن سلول فعل ذلك، فتصدى لهم الرسول صلى الله عليه وسلم وفضح مخططهم وبيّن له وللمشركين ممن معه خطورة طاعة قريش وإشعال حرب أهلية، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم، وإخوانكم" فتفرقوا، رواه أبو داود وصححه الألباني.
وكم تعاني بلاد ومجتمعات المسلمين من بلاء بسبب هؤلاء الحالمين بالسلطة والنفوذ، والذين في سبيل ذلك يرضخون للتهديدات الخارجية أو الوعود المعسولة بالدعم والتمكين، ثم لا يتورعون عن الانقلاب أو إشعال الحروب الأهلية ثم تكون النتيجة خرابا عاما ودمارا شاملا للدولة والمجتمع وتبعية وارتهان قراره للخارج.
2 - أبو عامر عمرو بن صيفي أحد وجهاء الخزرج وكان قد تنصّر في الجاهلية، لكنه لم يقبل ويؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم كما فعل سلمان الفارسي والذي كان نصرانيا أيضا!
ولم يكتفِ أبو عامر بعدم الإيمان بالإسلام والرسالة المحمدية بل قام بتحريض كفار قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في المدينة وذلك بعد انتصارهم في يوم بدر يوم الفرقان، وكان يزعم أن غالبية أهل المدينة سيتبعونه إذا وجدوا قوة تحميهم! وفعلا نجح في إخراج قريش وحلفائها لغزو المدينة في معركة أحد، ولذلك كان يلقب بأبي عامر الفاسق.
وقام أيضا بحفر عدة حفر ككمائن لجيش المسلمين، وقد وقع في إحدى الحفر النبي صلى الله عليه وسلم وجرح في وجهه الشريف بسبب ذلك، وقد مات أبو عامر على كفره، والعجيب أن ولده كان مؤمنا صادق الإيمان وهو حنظلة الشهيد "غسيل الملائكة"!
ولليوم يوجد من الوجهاء وأصحاب النفوذ من يزعجه صفاء الإسلام فيأخذ يحرض الأعداء على بلده وأهله سواء بتصريحاته وكتاباته أو مواقفه وسياساته في الداخل أو الخارج، ويدّعي أن الجماهير تنتظر إشارته!!
3 - وحدة المسلمين وتآلفهم على تنوع قبائلهم وأعراقهم وألوانهم وألسنتهم مما يغيظ الأعداء لليوم، ولذلك مخططات التقسيم والتفتيت لا تتوقف تحت عناوين حقوق الأقليات أو حماية الإثنيات أو حق التعددية وتقبل الآخر، لكن هذا مقبول ومطالب به إلا إذا كان لصالح المسلمين فلا، فها هو ترامب يفرض قبول يهودية دولة الصهاينة كشرط للسلام! وها هم المسلمون في كل مكان تُنتهك حقوقهم سواء كانوا عرقية كالإيجور الآراكانيين أو كانوا أقلية كالحال في الهند أو كانوا مهاجرين كما في أوروبا!
عموما؛ هذا التفريق لوحدة الصف المسلم بدأ حين رأى شاس بن قيس -وكان شيخا يهوديا- بعض المسلمين من الأوس والخزرج في مجلس تحفّه الطمأنينة والمحبة فغاظه ذلك، فأرسل إليهم شابا يهوديا وأمره أن يحرّش بينهم بذكر أخبار وأشعار يوم بعاث حين تَقاتل الأوس والخزرج قبل الهجرة بثلاث سنوات، وفعلا نجحت المكيدة ونفخ اليهودي والشيطان الفتنة بين الأوس الخزرج وتواعدوا على القتال! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم وخاطبهم: "يا معشر المسلمين، الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم".
واليوم تشكل وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة جدا لليهود وأعوانهم في التحريش بين المسلمين، سواء على مستوى الصراع بين الدول والشعوب والمسلمة، أو على مستوى الصراع بين الأقوام المنتسبة للإسلام كالعرب والترك، أو على مستوى المذاهب والجماعات والمناهج، أو على مستوى الرياضة وغيرها.
وكثير ممن يشعل فتيل هذه الصراعات هم (ذباب إلكتروني يهودي) وسلاحهم الإشاعة والكذب، وللأسف فإن كثيرا من المسلمين -أفراد وجماعات ودول- أخذت بهذا النهج الخبيث!
وهناك يهود آخرون من شدة وقاحتهم لا يخفون هويتهم فتجد معرفاتهم الإلكترونية صريحة في كونهم يهودا، فيثنون على جهة عامدين لشحن الجمهور ضدها، ويسبّون جهة أخرى عامدين لحشد الناس لتأييدها، على غرار جنة الدجال وناره، حيث جنته النار وناره الجنة!
وأبشع من ذلك كله ما قامت به قناة الجزيرة على وجه الخصوص من مساعدة اليهود على اختراق عقول المسلمين بفتح المجال لهم ليروجوا لباطلهم عبر منبرها، وتتعاظم جريمة الجزيرة حين تتعمد إحضار خصم ضعيف أمام اليهودي المدرب والمحترف في ترويج الباطل، وهي لعبة الإعلام الأساسية في توجيه وتضليل الجماهير!
4 - وعقب غزوة تبوك وحين قاطع المسلمون ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم بلا عذر، أرسل ملك غسان -وكان نصرانيا- رسالة إلى أحدهم قال فيها: فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالْحق بنا نواسك.
لكن كعب بن مالك رضي الله عنه لم ينسق مع هذه المكيدة وألقى الرسالة في النار.
وحين تفكر في هذه الحادثة تتساءل كيف وصل الخبر لملك غسان؟ هل تطوع المنافقون بإيصال الأخبار؟ هذا الاهتمام بكعب هل ينبع مِن حرصٍ على العدل والحق؟ فلماذا يهتم بكعب الشاب القوي فحسب ويهمل هلال بن أمية العجوز والضرير ومرارة بن الربيع العمري.
أما في زماننا فهذه الحادثة توضح لنا لماذا يستقطب الغرب المعارضين في بلادنا لينعموا عندهم بالحماية وهم لا يعارضون إلا كون بلادنا رهينة وأسيرة للبلاد التي تحميهم هم وتنفق عليهم من أموال الضمان الاجتماعي التي تجمع من الضرائب التي تشكل بها الجيوش لحربنا!
وهذه القصة تفسر تحول مواقف كثيرين من كونهم من حماة الإسلام وأبنائه ليصبحوا من أعوان الشيطان وأنصاره.
إنها مكائد خصوم الإسلام والمسلمين نفسها منذ البداية، والمسلم الواعي هو من يحذر أن يكون طرفا فيها أو يكون أداة لها.