هدر الطعام ومبالغة التسوق.. سلوكيات استهلاكية تتجدد برمضان

التسوق
التسوق

في كل عام، تتكرر سلوكيات هدر الطعام، بدءا من التهافت على الأسواق وتكديس المواد الغذائية، وصولًا إلى التنويع المبالغ فيه على موائد الإفطار. تلك الطقوس اعتاد عليها كثيرون، وفيها هدر كبير للأطعمة، حيث لا يُخطط البعض بشكل جيد لاحتياجاتهم من المواد الغذائية، مع سوء اختيار أوقات مناسبة التسوق.

اضافة اعلان


خولة العابد (49 عاما) تنتقد التهافت غير المبرر على المواد الغذائية والذي يتزامن مع بداية شهر رمضان ويستمر  لنهايته. تقول رمضان فرصة "لنشعر بغيرنا ونقدر ما عندنا من نعم، وليس للمبالغة وخاصة أن هذا العام جاء في ظروف صعبة جدا أوجدتها الحرب على غزة وحصار الأهل هناك".


 وتبين خولة أن تكديس المواد الغذائية والمرتبط بشهر رمضان عادة تثقل الجيوب وتجبر الكثيرين على شراء ما لا يلزمهم وتخزينه. تقول "هم كعائلة ينظرون لرمضان على أنه شهر الطاعات وأن اليوم فيه كأي يوم آخر بعيدا عن التكلف في الأطعمة فهو ليس ساحة للاستعراض كما يراه البعض". 


ويوافقها الرأي أبو جمال والذي يعتبر أن الإسراف استخفاف بالنعم وعدم مراعاة للمحتاجين، فالتسوق العشوائي "يُنسينا حقيقة أن هناك أشخاصا يعيشون بيننا، عاجزين عن تأمين أبسط الاحتياجات وهذا ما لا نريد الوصول إليه وتحديدا في شهر الخير، لذلك لا بد من وضع خطة للتسوق وتقنين المصاريف ضمن الاستهلاك الطبيعي بلا حرمان ولا تبذير". كما يشير لضرورة ضبط كميات الطعام والتقليل قدر الإمكان من أموال العزائم الكبيرة واستغلالها في الصدقات. 


ريما هي أيضا يستفزها منظر الطوابير والأزمات الخانقة والفوضى الكبيرة التي يحدثها الناس بمجرد دخول شهر رمضان فيزداد الطلب على كل شيء، مبينة أن غياب الوعي والتسوق في أوقات خاطئة وخاصة أثناء الجوع سببان يجعلان التكلف في رمضان ضيفا مقيما على الكثير من الموائد، لكن ما ينبغي إدراكه في هذا الوقت بالذات أن الأكل في الشهر الفضيل يكون أقل من الأيام العادية ولذلك مهم جدا أن نعد قائمة قبل الخروج للتسوق تضم فقط ما ينقص البيت  والالتزام بها. 


ومن جهتها تبين اختصاصية التغذية ربى العباسي أن أفضل وقت للتسوق في رمضان هو بعد الإفطار وذلك لأن الصائم عندما يتسوق خلال ساعات النهار قد يشتري ما يلزمه وما لا يلزمه وفي حال كان صعبا عليه فالأنسب له أن يتسوق في ساعات الصباح الأولى حتى لا يضطر للتسوق في وقت متأخر، وبالتالي قد تحكمه العاطفة بمعنى أن يقدم الرغبة على حاجته. 


وتشير إلى أن التسوق أثناء الجوع يتسبب في التكلف والإسراف والمبالغة وهذا ما يحدث تماما في شهر رمضان، إذ يغلب الإفراط على الكثير من تفاصيله أكثر من الأيام العادية بالرغم من أن ساعات الإفطار فيه قليلة مقارنة بالأيام الأخرى، إضافة إلى أن التسوق أثناء الجوع يدفعنا للمبالغة بشراء كل ما نراه حتى وإن لم نكن نحتاجه. 


ووفق العباسي، فإن هناك عائلات تأخذ أضعاف حاجتها غير مبالية بالأوضاع الصعبة التي يمر بها الكثيرون ولا سيما مع الحرب على غزة وتجويع أكثر من مليوني شخص وهنا لا بد من أن نتعود استشعار النعم بدلا من التكلف وعدم الإفراط باختيار الوجبات. وتنوه العباس إلى ضرورة اختيار الوقت المناسب للتسوق وأن يكون مرة واحدة في الأسبوع ووضع قائمة بالاحتياجات فقط لأن التسوق العشوائي يؤدي إلى تكديس المواد  الغذائية، وبالتالي تعرضها للتلف لكونها زائدة عن الحاجة. 


ورمضان بروحانياته يزيد من رقابتنا على أنفسنا والمهم في هذا الشهر أن نوازن بين الزهد وتلبية احتياجاتنا الأساسية لكن ضمن المعقول. 


ويرى الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة أن التهافت على الأسواق والمحال التجارية في رمضان من المظاهر المبالغ فيها إذ أن هناك من يراه طقسا من طقوس الشهر، لكنه في المقابل تصرف غير صحيح ويتسبب في أذية الآخرين وتحميل العائلات فوق طاقتها من النفقات. ويلفت إلى أن الخطأ الذي يرتكبه هؤلاء الأشخاص هو تحويل شهر الصوم والرحمة والتوبة لحالة من الفوضى وتضييع الوقت واقتصاره على الأكل فقط لدرجة التكلف والإسراف.


ويوضح مطارنة أن رمضان يحمل الكثير من القيم الإنسانية وهو فرصة لتعديل سلوكيات سلبية باتت اليوم عادات مؤذية، كما أن رمضان يعمق من التكافل الاجتماعي والترابط المعنوي بين الناس بحيث تنتشر المحبة والرحمة ويتحقق شيء من العدل فالكل سواسية أمام الجوع والعطش.


 ووفق مطارنة، فإن التكلف والتنويع في الأطعمة يجعل الإنسان غير مستشعر للنعم الموجودة لديه ويتسبب أيضا في أذيته صحيا، داعيا الجميع إلى الابتعاد عن الاستعراض والتباهي واستثمار الشهر بعمل الخير والتبرع وهذا ما نلمسه عند نسبة كبيرة من الناس والذين يتسابقون في توزيع الطرود الغذائية والأموال كما أن جزءا كبيرا من المساعدات يذهب لأهلنا في غزة نصرة لهم وللتأكيد على الأخوة بيننا دما وعقيدة وجغرافيا. 


ما يزال يغيب عن الأذهان أن رمضان شهر الصوم والتعبد، إذ يعلم الإنسان الزهد وتقدير كل ما هو موجود جاء ببساطته وروحانياته ليرسخ في النفوس التراحم والتعاطف وقيم العطاء والغاء الفوارق بين الناس ويوحد المشاعر. 


ووجهت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، من خلال حملة "لا تتسوق وأنت جائع " جملة من النصائح الإرشادية للمواطنين، من أجل تغيير وتعديل أنماطهم الاستهلاكية والشرائية.


ودعت الجمعية في بيان الاثنين، المواطنين لعدم شراء السلع بكميات تزيد عن الحاجة الفعلية لهم، والتأكد من تواريخ انتهاء الصلاحية قبل الشراء وجميع المعلومات المتعلقة ببطاقة البيان، ومقارنة أسعار المنتجات قبل الشراء واختيار الأقل سعرا.


كما دعت المستهلكين إلى الاحتفاظ بالفاتورة، ومقارنتها مع المشتريات للتأكد من صحتها، والاستفادة من سياسات الإرجاع والاستبدال واغتنام الفرصة في فترات الخصومات والعروض، والتأكد من مصداقيتها وعدم تخزين السلع بعشوائية.


ونصحت الجمعية المستهلكين بكتابة قائمة مشترياتهم مسبقا ومقارنتها مع الميزانية، والبحث عن البدائل للسلع مرتفعة الثمن. -(بترا)

 

اقرأ أيضاً: 

بكسة خير.. مبادرة عقباوية لوقف هدر الطعام وتوزيعه على المحتاجين

تعاظم المخاوف من زيادة نسب هدر الطعام مع قرب حلول رمضان

تقليص الهدر الغذائي.. أدوات وتحديات

955 ألف طن غذاء مهدور في الأردن سنويا