تشكيل لجنتين لحوكمة الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة

خبراء: تطبيق مفهوم مترابطة المياه والطاقة والغذاء والبيئة حبر على ورق

عامل يحصد القمح-(أرشيفية)
عامل يحصد القمح-(أرشيفية)

ما يزال تطبيق مفهوم مترابطة المياه والطاقة والغذاء والبيئة حبراً على ورق، إذ إنها لا تعدو كونها عناوين تُطلق في المؤتمرات المحلية، ولكن دون إنجازات محققة على أرض الواقع، وفق خبراء. 

اضافة اعلان


ولعل تفعيل مبدأ الاقتصاد الأخضر، ومأسسة عمل الوزارات في المشاريع التي تحقق الأمن الغذائي والمائي والبيئي والطاقة، يعد واحداً من بين الخطوات لتفعيل عمل المترابطة، وفق الخبراء.


بيد أن رئاسة الوزراء أصدرت موافقتها على إطار عمل تنظيمي نهاية العام الماضي، يهدف لحوكمة الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة وعبر تأسيس لجنتين لهذه الغاية.


ووفق تصريحات رسمية لوزارات المياه والري والبيئة والزراعة فإن هاتين اللجنتين شكلتا وتحت مظلة وزارة التعاون والتخطيط الدولي، بهدف العمل على مأسسة عملية الترابط، وتنفيذ الالتزامات الواردة في البرنامج التنفيذي المنبثق عن رؤية التحديث الاقتصادي، والتخطيط لمبادرات الترابط وإعداد التوصيات الفنية لتنفيذها".


وفي رأي المختص بالسياسات البيئة عمر الشوشان فإن "المترابطة ما زالت تطرح كعناوين في مؤتمرات وطنية، ولم تصل لأن تكون ممارسات على المستوى المؤسسي والتشريعي، وتنفيذ البرامج والمشاريع". 


كما أن "خطة التحديث الاقتصادي في محركاتها المتعددة تتطلب أن يكون هناك ترابط بين قطاعات المياه والغذاء والطاقة والبيئة، حتى تتمكن من تحقيق غاياتها على الأرض وبشكل مستدام"، بحسبه. 


وتابع قائلاً: "بلا أدنى شك أن هناك غيابا للتنسيق بين هذه القطاعات، وهذا ينعكس حتى في المؤشرات الدولية التي ترصد فيها أداء الدول في هذه القطاعات الحيوية".


وأكد الشوشان لـ"الغد" على أن "نموذج الترابط أصبح ضرورة وحلا إستراتيجيا في ظل التحديات المُناخية من جهة، ولتحقيق نتائج ملموسة في محور التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر الأردني من جهة أخرى". 


واعتبر أن إدارة هذه القطاعات في عقلية "الجزر المعزولة" سيضاعف من حجم التحديات المُناخية، ويحد من الفرص الاستثمارية في الاقتصاد الأخضر. 


وشدد على أن "الأردن يملك الأرضية المناسبة لتقديم نموذج يحتذى به في الترابط بين هذه القطاعات الحيوية، إذا أسسنا إلى طريقة تفكير جديدة، مع الايمان في نهج المترابطة كحل مستدام، وتحقيق الأهداف من كافة قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة".


ومن وجهة نظر رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والمياه والبيئة د. دريد محاسنة فإن "الأردن ما يزال بعيدا عن تطبيق مفهوم المترابطة، لأن وزارة المياه على سبيل المثال تستهلك ما يزيد على 300 مليون دولار كأثمان لاستخدامات الكهرباء التقليدية، في حين أن من بين 35 محطة تنقية واحدة فقط تعمل على الطاقة المتجددة".


ولا يقتصر الأمر على ذلك، بحد قوله بل إن "كافة المشاريع الزراعية في الأغوار تستهلك الطاقة التقليدية وليست المتجددة والنظيفة، في ظل عدم وجود إدارة ناجعة للمصادر المائية، واستخدام أساليب الري بعيداً عن التكنولوجيا الموفرة لكميات المياه".


وأضاف أن "المزارعين ما زالوا ينتجون المحاصيل الزراعية التي لا يوجد عليها طلب محلي بشكل كبير، مثل الموز والبطيخ والبندورة".


ومن أجل تحقيق مفهوم المترابطة وبشكل حقيقي وعلى أرض الواقع، أكد محاسنة  أهمية "الاعتماد على الاقتصاد الأخضر، وليس المبني على الضرائب، وصولاً الى التقليل من التكاليف المختلفة".


و"يعتبر الأردن من الدول الرائدة في مأسسة عمل الجهات الحكومية ذات العلاقة بمترابطة المياه والطاقة والغذاء والبيئة، والتي تمثلت بإنشاء لجنة وطنية لهذه الغاية"، وفق مدير عمليات الشراكة العالمية للمياه في الأردن د. غازي أبو رمان.


ولكن، ومن وجهة نظره فإن "إنشاء هذه اللجنة وإدارتها من جهة مانحة واحدة قد يحد من تفعيل عملها وبالشكل المطلوب، نظرا لاختلاف أولويات وتصورات المانحين عندما يتعلق الأمر بعمل المترابطة".


وأشار إلى أن "اللجنة خلت من عضوية القطاع الخاص والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدنية ذات العلاقة، رغم ما يمتلكه العديد منها من خبرات في مجال عمل المترابطة، بحيث اقتصرت على ممثلي الجهات الحكومية".


وبين أن "حوكمة وتأطير عمل اللجنة يعد شرطاً أساسياً لنجاح الأهداف التي شكلت من أجلها، ولتكون كذلك قراراتها ملزمة لكافة الجهات الحكومية ذات العلاقة".


وتعتبر الشراكة العالمية للمياه في الأردن من أوائل الجهات التي نفذت مشاريع ذات علاقة بالمترابطة، بحسب أبو رمان.
إلا أن "التحدي الذي يكمن بعد تنفيذ مثل هذه المشاريع عدم ضمان الاستدامة لعملها، بحيث عند انتهاء المشروع فإنها تترك لملاك الأراضي لتقرير مصيرها"، بحسبه.


ولعل في رأي أبو رمان "وجود اللجنة الوطنية سيساهم في ضمان الاستدامة للمشاريع المنفذة ضمن المترابطة، وتوجيه المانحين لدعم هذه الغاية تحديداً".


ومن بين الحلول كذلك "ايجاد مصدر للمعلومات لصناع القرار، والمانحين، ومن يرغب بتنفيذ مثل هذه الأنواع من المشاريع التي تقوم على فكرة المترابطة، تبعا له.


وشكلت لجنة تحت مظلة وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وبعضوية الأمناء العامين لوزارات المياه والري، والطاقة والثروة المعدنية، والبيئة، والزراعة، لضمان التنسيق فيما بين هذه الجهات بشأن تنفيذ المشروعات المستقبلية المتعلقة بالمترابطة، وفق أمين عام وزارة المياه والري د. جهاد المحاميد.


وبين أن "تشكيل اللجنة جاء بموجب إطار عمل تنظيمي مقترح لحوكمة الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة، كان صدر قرار سابق من رئاسة الوزراء بالموافقة عليه في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وتحت رئاسة وزارة التخطيط والتعاون الدولي".


ولفت لـ"الغد" أن "العمل في الإطار الذي صدرت الموافقة بشأنه في مراحله الأولى، والذي تكلل بإنشاء لجنتين".
وأكد أن "وزارة المياه عملت على تبني تطبيق مفهوم المترابطة منذ عامين تقريباً، ومن خلال العمل مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي".

 

ولفت إلى أن "تعدد الإستراتيجيات المتعلقة بعمل الوزارات فيما يتعلق بالمترابطة قد يخلق نوعا من الخلل في التطبيق، والذي لا يمكن أن يُحل الا من خلال تأسيس وزارة واحدة تضم الأربعة قطاعات". 


ولكن ولصعوبة تطبيق فكرة "إنشاء وزارة واحدة في الوقت الحالي تم اقتراح إنشاء اللجنة لتولي المسائل التنظيمية لحوكمة المترابطة". 


ويقضي إطار عمل حكومي تنظيمي لحوكمة الترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة إلى تأسيس لجنتين، أحدهما لمتابعة الترابط على مستوى الأمناء العامين، وبرئاسة أمين عام وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

 

فيما تتمركز مهام اللجنة الثانية بالشؤون الفنية لمتابعة الترابط، وبرئاسة مدير وحدة إدارة الاستثمارات الحكومية، وعضوية المدراء المعنيين بالوزارات المعنية.


ووفق وثيقة الإطار، الذي حصلت "الغد" على نسخة منه فإن "اللجنة الأولى تضم في عضويتها الأمناء العامين لوزارات المياه والري والطاقة والثروة المعدنية والزراعة والبيئة".

 

وتتلخص مهامها بـ"تحديد نطاق العمل والمهام الرئيسة المرتبطة بحوكمة موضوع الترابط للقطاعات المستهدفة، وتنفيذ التزامات الحكومة حيالها، بما في ذلك مأسسة عملية الترابط، وتنفيذ الالتزامات الواردة في البرنامج التنفيذي المنبثق عن رؤية التحديث الاقتصادي، واعتماد مؤشرات أداء لهذه الغاية".


وجاء في الوثيقة ذاتها "تستعين اللجنة المشكلة من الأمناء العامين بلجنة فنية برئاسة مدير وحدة الاستثمارات الحكومية، وعضوية المدراء المعنيين والخبراء المختصين، من وزارات المياه والري والزراعة والطاقة والثروة المعدنية والبيئة".


وتكون مهمة اللجنة "تحديد واقع الحال، والتخطيط لمبادرات الترابط وإعداد التوصيات الفنية لتنفيذها"
وبالإضافة الى ذلك تقوم اللجنة بـ"تقييم المبادرات المختلفة وتوضيح تأثيرها على القطاعات ذات العلاقة، وإعداد التوصيات اللازمة حيال ذلك، ولهذه اللجنة الاستعانة بالخبراء والمستشارين لأداء مهامها، وحسب الحاجة".


ووفق الإطار "تُسند الى قسم القطاعات المساندة في وحدة إدارة الاستثمارات الحكومية مهام سكرتاريا الترابط، والتي تتضمن إعداد محاضر الاجتماعات، واقتراح الاجراءات الأساسية الخاصة بعملية الترابط".


و"سيتم تشكيل فرق قطاعية حسب طبيعة المبادرة والمشروع بتوصية من اللجنة الفنية الى اللجنة على مستوى الأمناء العامين، لغايات تقديم التوصيات الفنية اللازمة لمأسسة عملية الترابط، وضمان تطبيق مفهومه على المبادرات والمشاريع ذات العلاقة".


وبحسب ما ورد في الإطار "يتم رفع توصيات اللجنة المشكلة على مستوى الأمناء العامين الى وزير التخطيط والتعاون الدولي، وبعد الموافقة عليها ليتم رفعها الى رئاسة الوزراء".


وتعتبر وزارة الزراعة من أهم عناصر الحوكمه في الترابط بين القطاعات المختلفة ذات الصلة، وفق الناطق الإعلامي فيها لورانس المجالي.


وأضاف لـ"الغد" أن "الوزارة تُنفذ العديد من المشاريع الإستراتيجية ذات العلاقة بالمترابطة، ومنها الاستثمار في حوض السرحان والحماد، وعبر توفير البنية التحتية، والتشاركية، والتنسيق مع الوزارات المعنية بتجهيز البنى التحتية للمستثمرين لزراعة المحاصيل الاقتصادية".


ولفت الى أن "هنالك بعض المحاولات التي كانت تقوم بها الوزارة في شأن الترابط والتشاركية مع القطاعات الأخرى".
ولكن ارتأت الوزارة، بحد قوله "بمأسسة عملية الحوكمه والترابط بين القطاعات المختلفة، لتتماشى والرؤية الاقتصادية في تحقيق الامن الغذائي، والتعاطي مع هذه المترابطة بجدية وفعالية".


ويعد الترابط ما بين قطاعات المياه والطاقة والبيئة والغذاء مفهوماً مطبقاً في الأردن، وعلى أرض الواقع، وفق مساعد الأمين العام للشؤون الفنية في وزارة البيئة د. جهاد السواعير.


ولفت الى أن "أهمية المترابطة تنعكس في وجود مشاريع زراعية على سبيل المثال تستخدم تقنيات توفير المياه، وأن تكون مستجيبة للمُناخ، وتقلل من البصمة الكربونية".


ومن بين هذه المشاريع المنفذة الأن "تركيب نحو 320 مضخة عاملة على الطاقة الشمسية للأغراض الزراعية في غور الأردن، والذي ساهم بتوفير جزء كبير من قيمة فاتورة الكهرباء". 


وشدد على أن "وزارة البيئة تُعني بشأن تطبيق المترابطة، في ظل وجود جهود وطنية تعمل حالياً على حوكمة الترابط بين القطاعات، وتحت رئاسة وزارة التخطيط والتعاون الدولي".


ولفت الى أن "أهمية المترابطة يكمن في تنسيق الجهود وتوحيدها بشأن العمل القطاعي ما بين الوزارات، مع منع ازدواجية العمل بينها في المشاريع".


ووفق الشراكة العالمية للمياه "يحدد نهج الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والنظام البيئي الاستجابات ذات المنفعة المتبادلة، التي تعتمد على فهم أوجه التآزر بين سياسات المياه والطاقة والزراعة".


كما أنها توفر "إطارًا مستنيرًا وشفافًا لتحديد المقايضات المناسبة وأوجه التآزر التي تحافظ على سلامة النظم البيئية واستدامتها، في وقت تضع فيه حلولاً تعتمد على مستويات مختلفة من التدخلات لتحقيق الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية طويلة المدى".


وبحسب الشراكة يمكن أن يؤدي تطبيق نهج المترابطة لتحقيق ـفوائد اقتصادية، مثل تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، وتقليل المخاطر والتكاليف المرتبطة بها من الفيضانات وجفاف، وزيادة القيمة المضافة في قطاعي الزراعة والسياحة.


وتحقق كذلك المترابطة فوائد اجتماعية وبيئية، مثل تعزيز خطة التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتحسين الصحة العامة، وخلق فرص العمل، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وتحسين الحفاظ على النظم الإيكولوجية والموائل وانتعاشها.

 

اقرأ المزيد : 

مترابطة المياه والطاقة والغذاء والبيئة تحقق التنمية المستدامة