الاستثمار في القمة

نجح الأردن في تنظيم مؤتمر القمة العربية، هذه هي النتيجة الأهم من وجهة نظري، ولا أتحدث هنا عن الجانب التنظيمي المتعلق بالترتيبات اللوجستية والإجراءات والاستقبال وما إلى ذلك، ولكن الحديث الأهم هنا عن الدبلوماسية الأردنية التي أثبتت بأنها تدار بعقلية ذكية احترافية جعلت الأردن مقبولا من الجميع وجاذبا لهم، فجميع الوفود تم تمثيلها بأعلى مستوى قيادي في بلادها، باستثناء عدد محدود من الدول التي لم يتمكن زعماؤها من الحضور، ومعظمهم لأسباب صحية، ويتبقى حالة أو حالتان خارج هذا الإطار. في المحصلة سجلت قمة عمان في البحر الميت رقما مهما في عدد ونوعية المشاركين. اضافة اعلان
أثبت الأردن أن بإمكانه لعب دور مهم في هذا الإقليم المضطرب، وهذه ميزة لا تجدها في معظم دول المنطقة التي وصل فيها الاستقطاب مداه، وبالتالي فإن هذه الميزة، مصحوبة بوجود الأردن في موقع رئاسة القمة حتى موعد انعقادها القادم، تشكل فرصة ممتازة لأن تلعب المملكة دورا في العديد من الملفات المعقدة وعلى رأسها الملف الفلسطيني والملف السوري.
التحضيرات الدبلوماسية ما قبل القمة العربية كانت بالتأكيد صعبة واحتاجت إلى جهود كبيرة قادها الملك ووزارة الخارجية، ولكن الأصعب يأتي بعد القمة، حيث لا بد من استثمار ما تحقق من رصيد إيجابي للأردن في المنطقة باتجاه "حلحلة" بعض العقد والتراكمات السلبية التي تشكلت خلال السنوات الأخيرة.
الأردن الذي يقع في عين العاصفة، والمحاط بكل أنواع التهديدات من احتلال وإرهاب وحروب، أثبت أمرين؛ أولهما قدرته على المحافظة على حالة استقرار أمني، وثانيهما قدرته على التواصل مع الجميع، يضاف اليهما أن للأردن علاقات مميزة تجمعه مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكل هذا يشكل المواصفات المطلوبة لدولة يمكن أن تكون حلقة الوصل بين الجميع.
نجاح الدبلوماسية الأردنية يجب أن ينعكس إيجابا على الوضع الأردني الداخلي، وبالتحديد في الشأن الاقتصادي، ويجب استثمار هذا النجاح بشكل سريع ومباشر والعمل على الاستفادة من الصورة الإيجابية التي تشكلت عن الأردن من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية، ولا أتحدث هنا عن أي مساعدات بل أتحدث عن جذب الاستثمارات العربية إلى الأردن باعتباره مدخلا إلى الأسواق العالمية من خلال الاتفاقيات الموقعة بينه وبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي تمنح الأردن ميزة تصدير تنافسية، وعلى الحكومة ان تتحرك فورا وفي كل الاتجاهات لاستثمار النجاحات الدبلوماسية وإقناع الدول العربية بجدوى الاستثمار في الأردن على قاعدة تحقيق مصالحهم الاقتصادية وليس على قاعدة التعاطف مع بلد محدود الموارد.
النجاح الدبلوماسي الأردني في تنظيم القمة العربية فرصة في أكثر من اتجاه، وعلينا ان نستثمرها في القادم من الأيام لتحقيق مكاسب للأردن والمنطقة، وأن لا نكتفي بما تحقق.