السيسي في عامه الأول

يحتفل السيسي في 30  (حزيران) يونيو بتوليه السلطة عمليا، وهو يحتفل اليوم بهذه المناسبة وهو يتولى رسميا مقاليد السلطة في مصر بعد أن ظل رئيسها غير المتوج منذ الانقلاب المموه بصورة ثورة شبابية حملت اسم "تمرد". يحق له أن يحتفل لأنه الشخصية المركزية في الدولة العميقة التي تمكنت من تجميع خيوط الدولة العميقة والانقضاض على ثورة 25 يناير وبنفس الأدوات الثورية: الشباب والميادين والإعلام.اضافة اعلان
بعد عام اكتمل نصر السيسي، فبعد الانتصار الدموي على الإخوان والقوى الحليفة لهم في ميدان رابعة قضى على كل حلفائه الذين خدعهم، الدكتور محمد البرادعي الذي أمن القبول له من القوى الغربية، الحركات الشبابية الثورية مثل 6 أبريل التي أمنت قبولا له لدى قطاع مهم من القوى الثورية، حزب النور الذي أعطاه شرعية لدى بعض الشارع الإسلامي، حازم الببلاوي الشخصية الأكاديمية المرموقة التي فتحت له أبوابا مع المؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية ونخبا مصرية وعربية. باسم يوسف أكثر الشخصيات الإعلامية حضورا وتأثيرا والتي شوهت صورة الرئيس المنتخب محمد مرسي وتحالفاته، وأخيرا وليس آخرا الروائي علاء الأسواني الذي أنزل في إحدى مقالاته جمال عبدالناصر من السماء دعما للسيسي.
في الواقع لم يستطع السيسي أن يقلد شخصية عبدالناصر ولا حتى السادات ومبارك، فأولئك جميعا تمكنوا من خلع البزة العسكرية والتعامل مع الدولة والمجتمع وفق عقلية قائد الأمة أو رئيس الدولة. وهم يعلمون أن الدولة والمجتمع يختلفان تماما عن الجيش سواء كان سرية صغيرة أم فيلقا. في الجيش سمع وطاعة وتراتبية تحسم العلاقة بين الجندي والضابط؛ فأنت إما أن تؤدي التحية وتنفذ الأمر وإما أن تتلقى التحية وتصدر الأمر. وفق عقلية الآمر والمأمور يتعامل السيسي مع مصر دولة ومجتمعا، وهو ما جعله يخفق بوقت أسرع مما يتوقع.
كان السيسي محظوظا بحلفائه، لكنه بطش بهم وبسرعة. وهو الآن وحده المسؤول الأول والآخر عن مصر ولذا يتوقع منه أن يحل مشاكلها وبسرعة. لغايات التحليل سننسى الديمقراطية والمجازر وأحكام الإعدام وثورة يناير الموؤودة .. فقط لنركز بعد عام على الاقتصاد أبو المشاكل في مصر. في برنامجه الانتخابي قدم حلا فضيحة لمشكلة البطالة والطاقة، سيارات بيع الخضار ولمبات التوفير! بعد توليه السلطة تحدث عن التبرع وبدأ بنصف راتبه! وهذه فضيحة أكبر كثيرا. فمرسي سبقه في التبرع بمرتبه ولم يقدمه باعتباره حلا، لكن مؤشرات الاقتصاد كلها في عهد مرسي كانت أفضل من الاستثمار والمشاريع الكبرى وصولا للسياحة.
الدول لا تقوم على التبرع، ورجال الأعمال لا يتبرعون للدولة، كان يمكن أن يكمل تجربة مرسي في تحصيل الضرائب المتراكمة على رجال الأعمال واسترداد الأموال المنهوبة.
لكنه متحالف مع رجال الأعمال عن طريق "القضاء الشامخ" الذي يبرئ نجلي مبارك وغيرهما من تهم الفساد هو من يحكم بالإعدام بالجملة بدون أدلة وبدون سماع دفاع. في حل معضلة الاقتصاد وفق نظرية "التبرع" قدم جيش مصر مليارا بعد رفع ميزانيته أضعاف المبلغ المتبرع به، ورجال الأعمال سيتبرعون بنفس الطريقة، يتبرع بعشر المبالغ المتهرب منها ضريبيا!
أثارت نظرية التبرعات حفيظة خبراء الاقتصاد، بقدر ما تسببت بالمرارة لدى المواطن المصري الذي يجد نفسه بعد عام من الانقلاب في ظرف اقتصادي أسوأ مما كان عليه في عهد الثورة والرئيس المنتخب، ومن آزروا الانقلاب يجدون أنفسهم قد ضحوا بحريتهم من أجل لقمة عيشهم فخسروا الاثنتين.