المرأة والانتخابات مرة أخرى

انتهت الفترة المخصصة لتسجيل المرشحين، ودخلنا الآن في مرحلة الاعتراض والطعون. وللأسف، وكما كان متوقعا، انحصرت مشاركة المرأة الأردنية بهذه الانتخابات في حدودها الدنيا. فعلى الرغم من زيادة عدد المرشحات بأربعة وأربعين سيدة مقارنة بالانتخابات الماضية، وفقا لأرقام أعلنها مراقبون كما الهيئة المستقلة للانتخاب، إلا أن النسبة الإجمالية للسيدات اللاتي ترشحن لم تتجاوز 20 % من إجمالي عدد المرشحين. فنحن نتحدث عن 259 سيدة سجلن أنفسهن كمرشحات لانتخابات مجلس النواب الثامن عشر، أي بمعدل سيدة لكل قائمة تقريبا، مع التأكيد على أن هناك قوائم خلت تماما من وجود مرشحات. وهذا يعني أن النظر إلى ترشح المرأة في هذه الانتخابات بقي محصورا في أنهن مرشحات على مقاعد "الكوتا" النسائية. وتؤكد الدعاية الانتخابية لعدد من القوائم هذا الأمر؛ إذ نجد اسم السيدة في لوحات القائمة وقد كتب إلى جانب اسمها أنها مرشحة عن مقعد "الكوتا" النسائية. اضافة اعلان
تخيلوا معي أن أعلى عدد للنساء المرشحات كان في دائرة الزرقاء الأولى. هذا العدد بلغ 21 سيدة، وبما نسبته 21 % فقط من إجمالي المرشحين. وقد تم تسجيل هذا العدد نتيجة وجود قائمة نسائية كاملة. ولو لم تكن هذه القائمة موجودة، فكم سيبلغ عدد السيدات المرشحات؟ فيما سجلت معان العدد الأقل بست مرشحات فقط.
على الرغم من أن النساء يمثلن حوالي 52 % من إجمالي من يحق لهم الانتخاب في الأردن، إلا أن هذه النسبة لم تنعكس على أرض الواقع عند الترشح، فسيطر الرجال -كما العادة- على المشهد الانتخابي، سواء من حيث العدد أو حتى من حيث ما يمكن أن نسميه ترؤس وقيادة القوائم. واكتفت معظم المرشحات بأدوار ثانوية بلغت حد قبول بعضهن أن يكن مجرد "حشوة" انتخابية.
أنا شبه متأكد أنه لو لم ينص قانون الانتخاب على تخصيص خمسة عشر مقعدا للسيدات، فإننا قد نجد أنفسنا أمام انتخابات شبه خالية من العنصر النسائي. فسيطرة الرجال على المشهد الانتخابي امتداد لسيطرتهم على المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، حيث على المرأة أن تناضل بكل ما أوتيت من قوة لتضمن لنفسها دورا حتى لو كان بسيطا أو ثانويا. ولذلك نقول، مرة أخرى، إن وجود "الكوتا" النسائية ضمانة لوجود تمثيل نسائي في المجلس، حتى لو كان محدودا.
بكل الأحوال، علينا إدراك أنه لا يوجد في القانون ما يمنع أن تفوز المرشحات بجميع مقاعد مجلس النواب المائة والثلاثين، وأن "الكوتا" النسائية تضمن حدا أدنى لتمثيل السيدات من خلال تخصيص خمسة عشر مقعدا، وأن المرشحة بإمكانها المنافسة على المقاعد العادية وأن تفوز بها، فمشاركتها ليست محصورة في المقاعد المخصصة للنساء. وعلى السيدات المرشحات أن يفكرن جديا بهذا الأمر، وأن يعملن من أجل الفوز تنافسيا، فلا تكون آمالهن محدودة في خمسة عشر مقعدا فقط.