حملات انتخابية مخالفة

منذ الإعلان عن موعد الانتخابات النيابية، بدأ بعض الراغبين في الترشح التحرك معلنين نيتهم خوض السباق الانتخابي. إلى هنا لا يبدو أن هناك مشكلة، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع هو أن بعضا من هؤلاء بدأ فعلا حملته الانتخابية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. واستغل بعضهم شهر رمضان لتدشين حملته من خلال توزيع الطرود الغذائية والأموال على المواطنين، أو بشكل أكثر دقة "على الناخبين".اضافة اعلان
القانون يمنع تماما أي حملة انتخابية قبل تسجيل المرشحين. ويحدد القانون والتعليمات مدة الحملة الانتخابية، بل وسيكون هناك تحديد لسقفها المالي. كما تتناول التشريعات موضوع المخالفات في الحملات الانتخابية، ومنها توزيع الهدايا العينية والمالية. مع ذلك، لا يتردد كثيرون في مخالفة النصوص التشريعية كافة، ضاربين بها عرض الحائط، وغير قلقين من أي محاسبة أو ملاحقة قانونية.
نعلم جميعا مدى صعوبة ضبط مثل هذه المخالفات؛ فلا يوجد في القانون ما يمنع أي مواطن من توزيع المساعدات على الناس، خاصة في شهر رمضان الكريم. كما أنه لا يمكن الربط بين هذه المساعدات والحملة الانتخابية للمرشح المفترض، إلا إذا أعلن هذا المرشح أن المساعدات التي يقدمها هي فعلا جزء من حملته الانتخابية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحصل.
رغم ذلك، فإن على الجهات كافة ذات العلاقة بالعملية الانتخابية، وعلى رأسها الهيئة المستقلة للانتخاب، وبدعم من الحكومة والمجتمع المدني، القيام برصد مثل هذه الحملات، للتأكد من عدم مخالفتها للتشريعات الانتخابية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمعاقبة كل مخالف، ومحاولة الحد من هذه الظاهرة التي تعتبر شراءً غير مباشر لأصوات الناخبين.
كما تجدر الإشارة إلى أن عددا من المرشحين المفترضين بدأوا فعلا بإعلان نيتهم الترشح، من خلال إعلانات مدفوعة على بعض المواقع الإلكترونية، وإرسال رسائل نصية إلى المواطنين عبر الهاتف، وتوزيع مطبوعات تشير صراحة إلى نيتهم الترشح. كذلك، هناك نشاط واضح لعدد منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، معلنين نيتهم الترشح، بل ويطالبون بدعم الناخبين منذ الآن. وهذه مخالفات صريحة وواضحة للتشريعات الانتخابية، يجب أن لا تمر مرور الكرام.
بالإضافة إلى ذلك، بدأ بعض المرشحين المفترضين عقد اجتماعات ترويج لأنفسهم في مقرات الجمعيات والروابط العائلية، وبدأوا طرح برامجهم الانتخابية ومحاولة حشد الأصوات من الآن. ويدخل ذلك في باب الحملات الانتخابية المخالفة.
مرة أخرى أؤكد أن التعامل مع مثل هذه المخالفات ليس بالأمر السهل؛ في ظل صعوبة إثباتها. إلا أن على الهيئة المستقلة للانتخاب والمؤسسات كافة ذات العلاقة، وفي إطار فهمها للمجتمع وقدرتها على الرصد، أن تبدأ فورا حملة للتعامل مع هذه المخالفات، لوضع الأمور في نصابها، وإرسال رسالة إلى الجميع بأن القانون والتشريعات ستكون قيد التطبيق من دون هوادة. هذه الرسالة ستكون عاملا مهما في التأكيد على قدرة "الهيئة" على تنظيم انتخابات خالية من الشوائب.