قانون الانتخاب لا يكفي!

سنسلم بأن قانون الانتخاب الجديد يشكل خطوة للأمام على طريق الإصلاح السياسي، رغم أنه كان بالإمكان أفضل مما كان في مشروع القانون الذي يناقشه النواب حاليا. ورغم عديد الملاحظات، يظل القانون الجديد أفضل من قانون "الصوت الواحد"، خاصة مع تغيير شكل الدوائر لتصبح المحافظة دائرة انتخابية.اضافة اعلان
وحتى لو افترضنا أن القانون الجديد سيتطور إلى شكل أفضل، فإن قانون الانتخاب وحده لن يكون كافيا للوصول إلى مراحل سياسية متقدمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى مجلس نواب تقوده الكتل، وحكومة برلمانية، وتواجد فعال للأحزاب والقوى السياسية تحت القبة.
فالإصلاح السياسي منظومة متكاملة. ولا يمكن التعامل مع هذه المنظومة من خلال عامل واحد، وأعني قانون الانتخاب. وإذا أردنا فعلا الوصول إلى الأهداف المرجوة المذكورة أعلاه، فإن علينا القيام بخطوات حقيقية وجذرية فيما يتعلق بمجموعة من العوامل، منها على سبيل المثال، النظام الداخلي لمجلس النواب، ونظام تمويل الأحزاب، وزرع ثقافة العمل السياسي في المجتمع.
إذ مهما كانت مخرجات النظام الانتخابي، فإن تشكيل كتل حقيقية وفاعلة في مجلس النواب يحتاج إلى ضوابط واضحة ومثبتة في النظام الداخلي للمجلس، بحيث يكون صوت الكتلة وقرارها ملزمين لأعضائها، وهو ما من شأنه القضاء على ظاهرة الكتل الهلامية المبنية على المصالح الشخصية من جهة، وإعطاء وزن حقيقي لعمل الكتل من جهة أخرى.
نظام تمويل الأحزاب يجب أن يربط الدعم المالي المقدم من الدولة للحزب، بمجموعة من الشروط؛ منها المشاركة في الانتخابات، ووجود ممثلين للحزب في مجلس النواب، وذلك بدلا من النظام الحالي الذي يدعم الحزب بمبلغ مالي مقطوع من دون الأخذ بعين الاعتبار الفروقات بينها من حيث المشاركة السياسية وغيرها.
أخيرا، فإنه من غير المعقول أن نتوقع تغييرا كبيرا في سلوك المواطن الانتخابي من دون أن نعمل على تغيير ثقافته السياسية وتشجيعه على الانخراط في العمل العام. ولا يعقل أن نتوقع وصول الأحزاب إلى البرلمان وأعضاؤها تعتريهم مخاوف أمنية واجتماعية.
في المحصلة، قانون الانتخاب وحده لن يكون كافيا لإحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية، إلا إذا تم تعزيزه بعوامل أخرى تشريعية ومجتمعية. وبغير ذلك، فإن مخرجات العملية الانتخابية لن تكون مختلفة عما سبقها، وسنظل نراوح في المكان نفسه.