لو يعرف الجمهور

تماما مثل الذي يحدث خلف الكواليس، حيث تتضافر الجهود من أجل عمل يقبله الجمهور ويُقبل عليه، يحدث ما يحدث في الملاعب وخارج أسوارها!
فالمباراة، مثل المسرحية والشريط السينمائي، تأخذ وقتا في الإعداد والتهيؤ.. وعلى هذا الطريق يتفاوت عطاء فريق العمل.. فنجد من لا يفوت الصغيرة والكبيرة من أجل أن يؤدي دوره على النحو المطلوب، كما نجد من يتعامل مع “الفريق” على أنه مجموعة تقوم في نزهة وليس عملا كبيرا يستأثر بحب الناس واهتمامهم.اضافة اعلان
الجمهور لا يشاهد إلا الثمرة التي يقرر هو صلاحيتها أو لا .. لكن الجمهور لو عاش معها في فترة البذر والسقي والرعاية، لعرف أن وراء كل عمل فني أو رياضي وقتا طويلا، وجهدا جبارا، وتفاعلات.. وربما خلافات بحكم اختلاف زاوية النظر للعمل.
وليس كمثل المدرب شخص رياضي محسود ومحبوب ومنبوذ.. لقد اجتمعت لديه الحسنات والمثالب كلها.. فهو المحسود عندما يتوفر لفريقه قدر معتبر من النجاحات والنجوم والأضواء .. وهو المحبوب عندما يفوز فريقه في مباراة.. ثم سرعان ما يصبح منبوذا ـ حتى بين أبناء مهنته ـ عندما يخفق فريقه في مباراة، وحتى لو كان هذا الإخفاق بضربة حظ ليس إلا.
لكني أريد أن أدافع عن كل مدرب في العالم .. حتى لو كان شأنه ضئيلا .. حتى القريبون من الفريق لا يعرفون مدى المعاناة التي يعيش المدربون تحت وطأتها.. ولعلنا لا نبالغ إذا أشرنا إلى إن يوما واحدا لا يمر من دون أن يقال الكثير عن المدربين وما فعلوه بفرقهم، برغم أنهم ليسوا أول من يعمل في الفريق، وهم ليسوا بآخر من يتلقى النتائج ومعها العواقب.
الجمهور الذي يعذر نجومه، ويختلق الأسباب لفشلهم في كثير من المباريات، يطرد من قاموسه فكرة البحث عن سبب واحد لفشل المدرب.. وتلك هي المشكلة الأساسية.
أما المشكلة الأخرى التي تواجه المدربين فهي أن الجمهور لا يعرف كل شيء عن كل فريق وعن كل لاعب، ولا يدرك أن أمام المدرب ثوابت ينبغي العمل وفقها حسب الأفضلية والأهمية، ومنها التزام اللاعب وحسن سيرته، ونكران ذاته، وارتفاع مستواه الفني والبدني، وجرأته في دخول كل مباراة.
ليست هذه دعوة للحصول على عطف للمدربين أو استدرار محبة الجمهور لهم؛ لأننا كمشاهدين نتفاخر بأننا لا نرحم المدربين حتى لو لم يرتكبوا الأخطاء، فنتناسى سقطات النجوم ونمسك بتلابيب مدربيهم.. لكنها محاولة للإشارة إلى جانب من العلاقة التي تربط اللاعبين بمدربيهم، وهي علاقة ينبغي أن تقوم على الاحترام والصدق والإيثار، لا أن تؤسس على مدى سعة رغبات وأهواء اللاعب أو ضيقها.