لياقة الأداء

طوى الموسم الكروي الأوروبي واحدا من أجمل فصوله على مر العصور .. حتى مع هيمنة الفريق الرائع برشلونة على مقدرات الأداء والنتائج، فإن ما يظل هو تلك الدروس البليغة التي يتحدث عنها خبراء اللعبة في القارة العجوز، وبينها ما يتعلق بذلك التوازن العملي والمحسوب بدقة، والذي أوجده معظم مدربي الأندية الكبرى في اسبانيا وانكلترا وايطاليا وألمانيا، بين مستلزمات الأداء ومتطلبات اللياقة في الأداء الشامل، بحيث صار لزاما على كل فريق يريد تحقيق النتيجة المرجوة أن يبلغ أرقى درجة من هذا التوازن، وإلا فإن آماله ستتبخر قبل أن تغادر مخيلة أو عقل مدربه.اضافة اعلان
يقول الخبراء في دراسة نشرتها مجلة “تشامبيونز” التي تصدر عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إن اللياقة صارت “الدعامة الإسمنتية”، هذا إذا لم نقل “الفولاذية” التي يرتكز عليها الأداء الفني .. والأمر هنا ليس بجديد، إذ لا يمكن لأي فريق أن يؤدي واجبات معقدة متعددة إلا إذا امتلك ناصية اللياقة وراح يؤدي المباراة بوتيرة واحدة، في الأقل بوتيرة واحدة منذ انطلاق صفارة البداية وحتى يعلن الحكم خاتمة اللقاء.
برشلونة يحضر دوما كنموذج لا يضاهى أو يبارى، على هذا الصعيد .. فكثيرا ما رأينا لياقة الأداء في قمتها لدى كتيبة غوارديولا، في حين نجد أن ضعفها لدى الفرق الغريمة يؤدي حتما إلى تراجعها في ملعبها، وتقوقعها داخل مساحة صغيرة لا تتعدى ثلثها الدفاعي.. وهكذا فهي تبدأ المباراة بقوة، كما حصل لمانشستر يونايتد في النهائي الأخير، ثم سرعان ما تفقد الزمام، وتتناثر مكاسبها الأولية بمرور زمن المباراة.
اللياقة التي نعنيها، ليست نشر الجهد والحركة في كل أرجاء الملعب دونما تخطيط أو دراية.. إنها ما يسميه القيصر فرانتز بكنباور “لياقة الأداء”.. وهذا تعبير حاذق يلخص كلاما طويلا في عبارة من كلمتين.. والمعنى أن اللياقة توظف لأغراض الأداء المرسوم الذي يعرف الفريق به كيفية التحسب في الدفاع، ثم كيفية التحول إلى الهجوم بنقلة سريعة لمّاحة يرسمها المدرب وكأنه يضغط على زر معين لتحدث الانعطافة في التعامل مع المباراة.
قالها الخبراء، ومنهم بكنباور مرارا وتكرارا.. ولا بأس من التذكير بها مرة أخرى: اللياقة دعامة المهارة، قد تتغلب أهمية المهارة في بعض الأحيان، لكن اللياقة شرط مشروط في أداء الفرق القوية، لأنه الأساس في حسم النتيجة في معظم الأحيان.

[email protected]