مسؤولية جماعية

الوعي الذي تحلّت به مسيرات ذيبان والكرك، هو صورة عميقة لفهم الشارع الأردني أن الطريق المثلى لإيصال الرسالة هي التعبير السلمي الذي يحكي قصة نبض الشارع ويقدم مطالبه بشكل واضح ومباشر ومقبول، من دون تدخل من أية جهات أخرى تحاول حشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة.

اضافة اعلان

إذا حاولت جماعات سياسية وأخرى "هاوية" أن تكون جزءا من هذه المعادلة البسيطة، وخاصة تلك التي لديها أجندة داخلية ممولة من جهات خارجية، أو حاول "المتسلقون" و"الوصوليون" أن ينصبوا أنفسهم ممثلين لأي  تحرك شعبي، ولو كان عفويا بسيطاً، فإن المعادلة ستنقلب كلياً، وستضيع المطالب المعقولة، وتتبعثر الآمال المعقودة على تحقيق نتائج، وستصبح المسألة برمتها، شيئا آخر، لم يحسب حسابه.
نحن نعلم أن العالم كله يراقبنا، وأن هناك من يعيش على مصائبنا، وهناك من يتمنى المصادمات والمواجهة، فيتغذى عليها، وهناك من يرغب بشدة أن يرى الأردن يتحول مثل غيره، وأن تسيل دماء الأبرياء في طرقاته.

الحكومة لديها متسع للاطلاع على المطالب الشعبية، وتداولها بالحوار البناء، والحديث عنها عبر وسائل الإعلام وعبر اللقاءات المباشرة مع الفاعليات الشعبية، وليس تحت قبة البرلمان فقط، وما زال لديها المتابعة والإشراف على أية مسيرات سلمية أو احتجاجات شعبية، بالتخطيط والاتفاق أن تكون المؤسسات الأمنية في وضع مراقب، فالشعب يحب هذا البلد كما الحكومة وأكثر، ويعلم أن أي مساس بأمن المواطن والوطن هو جريمة تفوق بكثير حجم أي مطالب، والشعب لا يريد أن يصل أبعد من التأكد أن صوته مسموع وأن مطالبه عادلة وصحيحة وأن الحكومة تدرك ذلك إدراكا كاملاً.

"المتسلقون" يبذلون جهودا جبارة لإقناع الجماهير أنهم بحاجة إلى قيادات وشعارات. القيادات الناجحة ليست مفروضة ولا منتخبة، القيادات الناجحة تفرزها الظروف والمواقف وتظهر بطبيعتها، والجماهير ليست بحاجة لمن يوجهها، خاصة حين تتعلق مطالبها بأهداف واضحة وصريحة لا غبار عليها.

كذلك، فالحكومة قدمت مجموعة من الخطط والبرامج، والناس يريدون أن يروا التنفيذ العملي والواقعي لها، ويريدون ان يشاهدوا التغيير في كافة مناحي الحياة، ولكنهم في الوقت نفسه يعرفون أن هناك "مندسين" وهناك من يتملق النجومية الشعبية، وهناك من يحرض على العنف، ولذلك فالناس أيضاً يجب أن يراقبوا تحركها ويتأكدوا من صفاء ونقاء رغبة كل من يحاول أن يكون طرفاً،  فهذه المسيرات ليست عشائرية ولا سياسية، إنها مسؤولية جماعية تتقاسمها الحكومة والشعب الحريص على الوطن وممتلكاته.

[email protected]