الأشياءُ من حولنا

تمرُ السُويعات بغمضة بينما تؤمن المُجتمعات بحتمية الارتقاء وبعدالة التطور، لا بل يُستحضر لدينا فكر الإنجاز بمُجرد الإحساس بحالة أردنية خاصة، معجونة بشعور جارف بالاستحقاق! كثيرون يُعولون على بداهة مرور الزمان وعلى حقيقة استقرار المكان، بينما يصرخ البعضُ بضرورة العمل الشاق، وهناك من يهوى التحدي وازعاج النمط ومن يُمارس الفُرجة والكثيرون بالطبع هم الذين يدعون الفَرَج. ثمة نظرية في عالم الإدارة للاقتصادي الإيطالي (باريتو) تُفيد بأن 20 % من الأحداث يُفسر شكل الـ 80 % من الأحداث الأخرى! ومن تطبيقات النظرية أن المبيعات تتأتى من 20 % فقط من تلك البضائع الرائجة، وأن الربح يحضرُ بجهد 20 % فقط من مُوظفي المبيعات، وأن النتائج تتحقق خلال 20 % من الوقت الذي يُنفقه الإنسان. وفي عالم البرمجيات لاحظت شركة (ميكروسوفت) بأن إصلاح أول 20 % من التصاميم من شأنه التنبؤ بنتائج الـ %80  من المُشكلات الحاسوبية الأخرى وهكذا. وعند الامعان بالأشياء من حولنا وبالتصاميم المُنظمة  Architectural Designسنجدُ بأن من قام بالبناء مُهندس لم يُشاهد أعمال مايكل أنجلو أو لم يتأمل بقصر الحمراء! وأن المُقاول الذي بنى المدرسة قد سبق أن فاز وبجدارة بعطاء عام لبناء السجون.اضافة اعلان
وبنفس الوقت يُوجد أيضا من الأشياء ما مضى بغمضة عين كجسر عبدون الذي زُرع أمامنا بجسارة كوردة رفعت من قيمة المشهد العام، أو مبنى المطار، وبناء مسرح هيا الثقافي، وتصاميم مسجد الملك الحُسين، والذوق الظاهر من شارع الأكاديمية الدولية، وترتيبات وسط البلد الجديدة، والأكشاك والنوافير والفخار بالورود من على الشُرفات والفنون الجديدة بالحارات، وكلها مثل شواهد على تصاميم حملت شروطها الابتدائية العالية! وعليه يُمكن الاستنتاج بأن 20 % من الأشخاص من حولنا هم أيضا من "المُحركين" Movers & Shakers أي هم مسؤولون بشكل مُباشر أو غير مُباشر عن نتائج تصاميمهم والمُتجلية لآخرين على أرض الواقع! وهي بالواقع مُعضلة لأنها نسبة قليلة تقوم برسم المسار العام، فهل الذي صمم الجسر المُهيب هو من فئة العشرين بالمائة أم من الثمانين؟ ولربما كان مُهندس موهوب من خارج السرب أو (شيء آخر)؟ وباعتقادي كما ويوجد بنظرية (باريتو) تفسير لكيفية توزيع الثروات في المُجتمعات، يُوجد بها ايضا تفسير لكيفية توزيع الكوارث! تلك التي تُنتجها نسبة الـ 20 % من القُوى المُحركة والقابضة على التخطيط والتصاميم لدينا بالفضاء العام.   

*خبيرة في قطاع الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات