على هوا الريموت..!!

ثم نسأل أي أزمة أخلاق تُحيق بنا..وتدفعنا للانحدار بسرعة البرق نحو المجهول..؟!
نقضي ساعات أُمسياتنا ونحن نُقَلب الريموت..نتابع على قنوات التدفق الفضائي، برامجَ ليس لها من رائحة التلفزيون إلاَّ الابتذال والتسطيح ودفن الأولويات والتفاعل مع الفراغ الفكري والثقافي والفني والدرامي والبرامجي.اضافة اعلان
نشاهد برامج على شاكلة ما وقع تحت بصري مرغماً باسم (على شط بحر الهوى) لنتابع تشدق المذيعين و(تطبيش) اللغة حتى العامية منها، بما يجعلنا نكره عربيتنا، ثم نعيش مع (الدلع) الرجالي و(السخسخة) النسائي عند كل فقرة وقبل أي حدث وبعد كل حكاية .. نجدُ أنفسنا مًرغَمين أن نعيش (تفاهة) المشهد وابتذال الابتكارات البرامجية فننشغل..!
ننشغل مع ملايين العرب حين يضيع (شبشب) أصالة على احد مراكب التسلية والمتعة، حيث النجوم ترسو احلامهم وافكارهم وحكاياتهم على شواطئ مدن العالم، ونبقى نحن مكاننا.. على شط بحر التسمر والبلاهة.
نتساءل مع المنتجين والفنانين و(البودي غاردز) وجمهور المشاركين، ونقلق.. أين (غطس) حذاء النجمة، وهل يُعقل أن تنتهي حلقة البرنامج قبل أن يُكشف المستور ويُسدل الستار على رواية ساندريلا الشاشة المكلومة بفقدان حذائها..
نُقَلب .. ونُقَلب..!!
ثم نتوقف، لنتحسرعلى استعراض (أحلام) وهي تقص حكايتها عن رحلة الوصول الى استديو النجوم (الأيدول) على متن طائرتها الخاصة من لندن الى بيروت، وتعترينا المفاجأة في كل لحظة وحركة ونَفَسْ..
مرة في أظافرَ مطلية بالألماس، ومرات بالمجوهرات والازياء (السينية) التي لا بد وان يُذكر مصممها في سياق ما داخل (حشوة) البرنامج، وأخرى في الطلة البهية وتصميم الشعر والمكياج.. ومَن وراءهم!!.
نُتابع برنامجاً حوارياً في الجزيرة فنكتشف ان المشهد الذي يمر امام اعيننا لا يمت للحوار بصلة ولا للبرامج حتى، وانما هو (طوشة عرب) تجري امام أعيننا بأداء باهت لتُقنعنا ان هذا هو أسمى صور الرأي والرأي الآخر!!
يسقط اختيارنا أخيراً على برنامج لبناني فكرته الاساسية، مسابقة بين فريقين في طرح النكات والطُرَف (الجريئة جداً) التي تقفز عن كل حواجز وسقوف الذوق العام، نضحك مع ضحك جمهور الاستديو، ثم نكتشف اننا امام برنامج (اباحي) ضمن منظومة برامج هادمة لكل معاني العمل التلفزيوني الهادفة..
نقَلب الريموت .. فنذهب بعيداً، نرى كشرة طاغية وأداءً باهتاً، ندرك اننا عدنا الى عمان دون ان نعرف، نُغير فنسمع نشازاً، ثم في قناة اخرى، داعية يُفتي وآخر يصرخ وهو يُحرم عمل المرأة..
نعود لقناة اخبارية، نتابع اخبار القتل في العراق وسورية ولبنان وليبيا واليمن، والتحرش في مصر وتونس، وإضراب في ميناء العقبة ..
نستمع لتصريحات وزراء نُدرك انهم لا يصدقون تصريحاتهم، نصمد.. فنتابع نائباً مغربياً يقضم إصبع زميله، وآخر اردنيا يسجل رقماً قياسياً في الاخطاء اللغوية خلال نقاش موازنة، وثالث لبنانيا يتكهن بأن بلده سيعيش بلا رئيس خلال الاعوام الخمسة القادمة..
نشعر بالاختناق.. نُقفل الشاشة!!
ونعود لنسأل أنفسنا (بسذاجة) لماذا تستشري ظواهر العنف والجهل والتطرف وأزمة الاخلاق والتحرش والحرمان والأُمية وكسر القانون والاعتداء على الارصفة وإقصاء الآخر وغياب الحوار في حياتنا؟!
نتوقف عن التفكير... نموت، أحسن!!.