"التعليم عن بُعد".. تجارب متباينة بين الجامعات الأردنية

مدخل جامعة البلقاء التطبيقية بمدينة السلط -(أرشيفية)
مدخل جامعة البلقاء التطبيقية بمدينة السلط -(أرشيفية)
تيسير النعيمات عمان– في ظل جائحة كورونا التي باغتت العالم جميعا، لم يبتعد الأردن عن محاولة امتصاص صدمة المباغتة، في مناحي الحياة كافة، وأبرزها التعليم، وفي هذا النطاق، فإن ما أصاب التعليم من توقف لم يكن مسبوقا، لذا كان التوجه إلى التعليم عن بعد، أكان جامعيا أم دون ذلك. لكن تجارب الجامعات في التعليم عن بعد؛ تباينت وخضع هذا التباين لإمكانيات كل جامعة، من بنى تحتية وقدرات الهيئات التدريسية في التعاطي مع التكنولوجيا، والتفاعل مع منصات التعلم الإلكترونية وامكانيات الطلبة، وجودة شبكة الانترنت في المناطق التي يقطنون فيها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فتباينت تجارب الجامعات في التعليم عن بعد، وفق رؤساء لها وعمداء شؤون طلبة، بينوا في أحاديث لـ"الغد"؛ أن التباين مرده لإعداد الطلبة في كل جامعة، فالجامعة التي تضم أعدادا كبيرة، واجهت صعوبات أكبر من الجامعات ذات الأعداد القليلة، بالإضافة لتفاوت امكانيات الطلبة المادية، وتأثيرها على قدراتهم في امتلاك أجهزة حاسوب للتعليم عن بعد. وبالرغم من ذلك؛ أحرزت الجامعات تقدما مقبولا في هذا النوع من التعليم، بما فيها تقييم الطلبة وإجراء امتحانات، ما أسهم بتوفير حد كبير من العدالة بينهم والحد من الغش، وفق رؤساء الجامعات. رئيس جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الدكتور مشهور الرفاعي؛ إننا نرى في كل تحد فرصة للبناء والإنجاز؛ لذا تجاوزنا ما نمر به والعالم في الجائحة، ودربنا أعضاء هيئة التدريس والطلبة على بناء الخطط المستقبلية. وأشار إلى أن عجلة إنتاج الجامعة لم تتوقف، مبينا انه ومنذ بدء الجائحة، أعددنا خطة للعمل، فجهزنا منصة للتعليم عن بعد، وهيأنا الهيئة التدريسية وطلبة الجامعة، وأخذ التعليم عن بعد مساره السلس بسرعة كبيرة. وبين الرفاعي أنه استخدم 104 مساقات تعليم إلكتروني في كلية الملك الحسين لعلوم الحوسبة، و135 مساقاً في كلية الملك عبدالله الثاني للهندسة، و217 مساقاً في كلية الملك طلال لتكنولوجيا الأعمال، وبنسب مشاركة فاقت 95 % من الطلبة. كما استجابت الجامعة لمبادرة سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، التعليم الإلكتروني الجامعي: (علِّم نفسك)، وبثت محاضراتها في المساقات الدراسية كافة، لكل طلبة الجامعات. وأكد أن الجامعة نظرت إلى التعليم عن بعد كمنعطف إستراتيجي، ليكون جزءاً أساسياً من منظومة التعليم الجامعي المستقبلي، فوضعت خططا لاعتماد تدريس مساقات عن بعد بصورة دائمة، ووظفت إمكانياتها لتذليل ما يواجهها من صعاب. ولفت إلى أنه أيضا جرى تدريس المختبرات افتراضيا، بعد اعتماد برامج إلكترونية تتواءم مع طبيعة عملها، موضحا أن المعضلة التي واجهتنا، كانت في إجراء الاختبارات الناجحة، القادرة على قياس ما حازه الطلاب من معارف ومهارات. ولفت إلى اعتماد اختبارات قادرة على قياس تلك المعارف والمهارات، عبر مراقبة الاختبارات، بعد تقسيم الطلبة لمجموعات من 20 طالبا، ومراقب لكل منها، واستخدام الكاميرات وأجهزة الصوت لمساندة المراقبة. وأشار إلى أن الجامعة نظرت بإيجابية للاستفادة من اتفاقياتها مع الجامعات العالمية في التعليم الإلكتروني، واستغلال المعلومات والبيانات، وتشجيع البحوث العلمية، وأرشفة محاضرات المساقات، وتقديم الدعم الفني للمدرسين والطلبة، والتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية لإيجاد حلول إبداعية للمشاكل، ودمج الأنظمة الفعالة في الاختبارات الإلكترونية، وتأسيس مركز وطني للتعلم الإكتروني، والتفكير بالتعليم الهجين: الصفي والإلكتروني. من جانبه؛ قال رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور عبد الله الزعبي، إن الجائحة فاجأت الجميع، ما اضطر الجامعات إلى التعليم عن بعد، برغم عدم جاهزيتها، موضحا أن جامعة البلقاء، اتجهت للتعلم الإلكتروني منذ سنوات، واعتمدته باعتماد نظام إدارة تعلم، ما يتيح للطلبة التواصل مع مدرسيهم وعقد الامتحانات وتسليم الواجبات واستعراض المراجع والمصادر الإلكترونية المساندة، للمساعدة بتوصيل المعلومة للطالب بيسر. ولفت إلى هذا النظام يتيح للمدرسين تحميل المصادر والمواد الإلكترونية، وعقد الامتحانات الإلكترونية، وتطبيق تقنيات التعلم الحديث، مشيرا الى أن الجامعة ومنذ العام 2017 حول مساقات مشتركة لمدمجة. وكانت جامعة البلقاء- وفق الزعبي-، من أوائل الجامعات الرسمية التي استحدثت مركز تكنولوجيا التعلم والتعليم، ليكون مسؤولاً عن إدامة ومتابعة التعلم والتعليم الإلكتروني في الجامعة، وتوفير الدعم الفني لكل طالب ومدرس، ورفد بكفاءات أكاديمية وإدارية، وأنشئت استديوهات لوفير بيئة مناسبة فيها لتسجيل وتصوير المحاضرات وبثها، بالإضافة لإنشاء إذاعة للجامعة. وقال إن الجامعة تخطت المرحلة الحرجة من التحول، والتي عانت خلالها جامعات عدة من تردي الخدمة والانقطاعات المتتالية، وعدم تمكن الطلبة من الوصول للمحتوى الإلكتروني، أو حتى عدم امكانية عقد محاضرات مباشرة، ما ساهم بحسب الزعبي بتيسير التحول الى التعلم الإلكتروني. وأشار الى أن الجامعة أعدت مواد تعليمية إلكترونية للطلبة بتقنية الفيديو، شملت كيفية: التعامل مع نظام التعلم الإلكتروني المعتمد، واستخدام البريد الإلكتروني الخاص بالجامعة، واستخدام منصة Microsoft Teams لحضور المحاضرات المباشرة، والتعامل مع منظومة التعلم الإلكتروني بتسليم الواجبات وتسجيل الحضور والتواصل مع المدرسين وغيرها. كما بين أنه جرى عقد دورات تدريبية لأعضاء الهيئة التدريسية، وأنه جرى تدريب مدرسين على أنظمة التعلم الإلكتروني عن طريق خبراء فرنسيين وبريطانيين وألمان، كما عقد مركز العلوم والتكنولوجيا، عدة دورات شملت التعليم عن بعد، ونظام التعليم الإلكتروني وكيفية عقد محاضرات مباشرة متزامنة، وتسجيل محاضرات بشكل غير متزامن. كما اشتملت الدورات تدريبا في مجال عقد الامتحانات الإلكترونية وكيفية إعداد بنوك الأسئلة، وآليات رصد العلامات من خلال نظام التعلم الإلكتروني. وقد التحق في هذه الدورات ما يزيد على 1000 عضو هيئة تدريس، من كافة كليات الجامعة. واستحدثت آلية لمتابعة أداء المدرسين، وأصدرت تعليمات خاصة بإعداد الامتحانات الإلكترونية، ونفذت امتحاناتها إلكترونيا، ولضمان نزاهتها ألزمت مدرسيها بإعداد بنوك أسئلة لكل مادة. وأكد الزعبي أن الجامعة ألزمت المدرسين بعقد محاضرات مباشرة واعتماد منصة Microsoft Teams وتقنية Big Blue Button للتدريس، ووفرت حزم إنترنت للطلبة لضمان دخولهم إلى التعليم الإلكتروني، وطرحت عطاء لشراء ألف حاسوب لوحي لتوفير الأجهزة المناسبة لأعضاء هيئة التدريس وأمنت محاضرات مسجلة على موقع التعلم الإلكتروني، وأعدت أدلة وأفلام فيديو لكيفية إعداد المدرس للمادة التعليمية الإلكترونية ولاستخدام الطالب والمدرس لنظام التعليم الإلكتروني. رئيس جامعة عمان العربية الدكتور محمد الوديان، اكد ان الجائحة لم تفاجئ الجامعة لوجود لجنة مخاطر وخطط، أحد محاورها؛ الاستمرار في العملية التعليمية والإدارية، فور حدوث أي إغلاقات، لافتا الى أنها بدأت بالفعل مع بداية الفصل الدراسي الثاني وعبر مركز التعليم الإلكتروني فيها بتطبيق وتفعيل تعليمات المساقات المدمجة للكليات كافة. وبين الوديان أن الجامعة؛ تمتلك أنظمة لإدارة التعليم عن بعد، ووفرت إمكانية الوصول للمحاضرات المسجلة في حال لم يتمكن الطالب من حضور المحاضرة أو أراد حضورها مرة أخرى. واضاف انه جرى إعطاء المحاضرات كما تضمنها البرنامج الدراسي وبنسبة تنفيذ 100 % في الحادي والعشرين من آذار( مارس) 2020، بنسبة حضور وصلت في بعض الأسابيع الى 95 %، لافتا إلى أن عدد رسائل الماجستير التي نوقشت عن بعد وصل الى 79 في الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي. وبين الوديان ان مركز التعليم في الجامعة، عقدت دورات تدريبية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة، تناولت الدورات مواضيع مثل استخدام أنظمة التعليم الإلكتروني، واستخدام منصة زووم، وكيفية تطوير المحتوى الإلكتروني للمواد الدراسية، وكيفية تجهيز وإدارة الامتحانات الإلكترونية. كما تم تأهيل مدربين كضباط ارتباط في الكليات لتقديم الدعم لزملائهم وبهذه الاجراءات أصبح كافة أعضاء هيئة التدريس مؤهلين لخوض غمار هذه التجربة بنجاح. وأكد اهتمام الجامعة بتدريب أعضاء هيئة التدريس وضباط الارتباط والطلبة، وكان مركز التعليم يوفر دائما فيديوهات تعليمية مبسطة وواضحة حول الأمور التي تحتاج لتدريب ومهارة. وبالنسبة للطلاب توافرت خطوط ساخنة للدعم الفني ومعالجة المشاكل على المستويات كافة، إذ وفرت خطوطا ساخنة وضباط ارتباط للتواصل مع الجامعة (تعليم إلكتروني، تسجيل، دائرة مالية، ضباط ارتباط للكليات لخدمة وحل مشاكل أعضاء هيئة التدريس والطلاب). وأكد أن الجامعة ستستمر بإعطاء مساقات مدمجة تنظمها التعليمات الصادرة عن هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، لأننا نعتقد بأن الدمج بين التعليم التقليدي والإلكتروني أصبح ضرورة لا بد منها، لما له من إيجابيات كثيرة. كما أن الجامعة في صدد دراسة وتنفيذ برامج تعليم عن بعد في الفترة المقبلة. وحول التقييم أكد أنه جرى التركيز على إعطاء وزن أكبر للوظائف في توزيع العلامات، والتأكيد على الحضور والغياب للطلاب يوميا، وعبر تقارير يومية وأسبوعية؛ تجمع وترسل للعمداء ورئيس الجامعة ووزارة التعليم العالي. عميد شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القطاطشة قال إن الجائحة شكلت إرباكاً لمنظومة القيم للعالم أجمع، وانه يمكن القول إن العالم قبل كورونا لن يكون كما كان في المستقبل المتوسط. وبين القطاطشة؛ ان التأثير الأكبر من هذه الجائحة كان على الاقتصاد والتعليم، وهنا نتحدث عن التعليم وعن تعامل الأردن مع التكيف السريع مع قطاع التعليم على مستوى الجامعات التي فرغت قاعاتها وممراتها ومختبراتها من الطلبة، ولجأنا مباشرة الى الخيار الوحيد الذي أمامنا، استمرار عملية التعلم عن بعد. واعتبر القطاطشة أن تقييم هذه التجربة الإلزامية (التعليم عن بعد) على الجميع يجعلنا نقول إنها ناجحة إلى حد ما. وكانت الجامعة الأردنية والتي يدرس فيها نحو 50 ألف طالب، قد بدأت مسبقاً للإعداد للتعلم عن بعد انسجاماً مع الاستراتيجية الوطنية للدولة وفق القطاطشة. واشار الى انها وقبل الجائحة كانت تدرس 15 ٪ من بعض المواد الاختيارية ومتطلبات الجامعة ضمن التعليم المدمج، والذي كان ناجحا 95 ٪. ويرى القطاطشة أن اهم الصعوبات التي تعاملت معها الجامعة، هي عدم توافر أجهزة مع قطاع كبير من الطلبة ما أدى لاستخدام التلفونات الذكية التي لا تؤدي إلى النسبة المطلوبة من التعليم، ومن الصعوبات كذلك عدم تعاون شركات الاتصالات الثلاث مع هذه الأزمة وذلك بالتعاون في توفير حزم للطلبة في المناطق النائية، ومن الصعوبات وجود بعض أعضاء هيئة التدريس من ليس لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع منصات التعليم المختلفة. وأكد أن هذه الأزمة قد أعطت الجامعات والجامعة الأردنية على وجه الخصوص الدافعية المتقدمة، للوصول الى تطوير منصاتها الإلكترونية.اضافة اعلان