ارتفاع الأسعار والنقص في مخزون الشتاء يؤخران بداية عالم الوقود ما بعد الأحفوري

سايمون هندرسون* - (ذا هيل) 6/10/2021 تراقب الولايات المتحدة باهتمام شديد ما يقوم به السعوديون والروس الذين يقودون معاً "أوبك بلس". فالسعوديون يريدون أسعاراً أعلى للنفط لتحقيق التوازن في ميزانيتهم، بينما يرغب الروس في أسعار مرتفعة للنفط، ولكنهم لا يريدون التأثير سلباً على هيمنتهم على السوق في مجال الغاز الطبيعي. وهذا الغاز الذي يشهد نقصاً فعلياً، يمكن استبداله بالنفط في أغلب الأحيان. * * * "هل تظن أن فصل الشتاء الحالي سيكون بارداً؟" أصبح هذا سؤالاً يحمل معنى مزدوجاً هذا العام. فسواء أكانت الحرارة فوق درجة التجمّد أو دونها، من المرجح بشكل متزايد أن قدرتنا على إبقاء منازلنا وأماكن عملنا دافئة ستصبح محدودة بدرجة أكبر. وقد لا يكفي ضبط منظم الحرارة، حيث قد يكون هناك نقص فعلي في الوقود وأسعار مرتفعة أيضاً. صحيح أننا نعتمد على "الترجيح" بدلاً من "التأكيد"، ولكن مع ارتفاع سعر النفط الخام في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) ليكون عند أعلى مستوياته منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 -أي أقل بقليل من 80 دولاراً للبرميل- فإن ذلك يجعل الجميع في حالة توتر. وفي هذا الصدد، تراقب الولايات المتحدة باهتمام شديد ما يقوم به السعوديون والروس. فهم يقودون معاً "أوبك بلس"، الكارتيل الذي يجمع الدول المنتجة القديمة في "أوبك" وتلك المنتجة الكبيرة من غير الأعضاء في المنظمة. وفي حين أن الحافز الاقتصادي الذي يحركها بسيط، إلا أنه يتسبب في توتر داخلي. فالسعوديون يريدون أسعاراً أعلى لتحقيق التوازن في ميزانيتهم، والتي لا تتماشى مع طموحاتهم في التحول الاقتصادي. أما الروس فيرغبون أيضاً في أسعار مرتفعة للنفط، لكنهم في معضلة يمكننا فهمها، فهم لا يريدون التأثير سلباً على هيمنتهم على السوق في مجال الغاز الطبيعي. وهذا الغاز الذي يشهد نقصاً فعلياً، والذي يمكن استبداله بالنفط في أغلب الأحيان. "أجل". هذه هي إجابتنا لأولئك الذين يسألون عما إذا كنا نثق بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو وبولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض. صحيح أنها فكرة لا تعجب الكثيرين منا، ولكنها السبب الذي ربما يدعونا إلى الأمل بأنه على الرغم من التوقعات القاتمة، فإن الأمور قد لا تسير في الطريق الذي نخشاه. وكما أشار كاتب عمود في زاوية "سُمع في الشارع" Heard on the Street في عدد صحيفة "وول ستريت جورنال" الصادر في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر): "... لا داعي للهلع في العالم الصناعي". وبالنسبة لإدارة بايدن، هذه أزمة محتملة لا ترغب في حصولها. فبعد تلقيها الانتقادات أساساً خلال الأسابيع الأخيرة لطلبها علناً من منظمة "أوبك" زيادة الإنتاج، في خطوة تتعارض مع ما يُعد صحيحاً لجميع أولئك الذين يتذكرون ارتفاع أسعار النفط في العام 1973، والطوابير الطويلة أمام محطات الوقود، فلن يسهم ذلك سوى في مفاقمة الشعور بالفوضى السياسية الناجمة عن الانسحاب من أفغانستان والعرقلة الدستورية وتراجع الشعبية في استطلاعات الرأي. ما الذي حصل للنفط الصخري والغاز الصخري والاكتفاء الذاتي الأميركي في مجال الطاقة؟ كان ذلك منذ زمن بعيد، وكان مفهوماً جرت إساءة فهمه. فمكانة الولايات المتحدة كمصدّر صافٍ لم تعادل الاستقلالية الطاقوية، وقد فقد النفط والغاز الصخري بريقهما لأن الكثير من الجهود تسببت في وقوع خسائر يرغب المستثمرون في تعويضها بدلاً من زيادتها. وعلى الرغم من النقص المحتمل في الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة خلال فصل الشتاء المقبل، إلّا أن الناقلات المملوءة بالغاز الطبيعي الأميركي المسال سوف تنطلق عبر المحيط تلبيةً لعقود الإمدادات الموقّعة مع الزبائن في أوروبا وأماكن أخرى. ربما يكون من السابق لأوانه بعض الشيء البدء في توجيه أصابع اللوم، ولكن من المرجح أن تكون المعايير على النحو الآتي: الانتقال إلى عالم الوقود ما بعد الأحفوري يحمل تحديات خاصة به، كما أن أنواع الوقود الجديدة ما تزال حلماً أكثر من كونها حقيقة. وقد عمل تكريس فكرة أن النفط والغاز، ناهيك عن الفحم، قد عفا عليها الزمن على التقليل من الاستثمارات في هذه المجالات على الرغم من أننا ما نزال في حاجة إليها. وبعبارات بسيطة، لماذا يتم الاستثمار في مشروع لن يؤتي ثماره قبل 20 عاماً من الآن بينما قد تنخفض الحاجة إلى الوقود الأحفوري بشكل كبير في غضون 10 أو 12 عاماً؟ وهل ستؤتي الجهود لتحويل الهيدروجين إلى وقود قابل للاستعمال (وأخضر) ثمارها في غضون 15 أو 20 عاماً -أو أن ذلك ربما لن يتحقق أبداً؟ لا شكّ في أن وباء فيروس كورونا "كوفيد - 19" سوف يستمر في مفاجأتنا دائماً على المدى القصير دائماً. فهل وصلنا نحن في العالم الصناعي إلى نتيجة التعايش معه؟ وهل سينطلق الاقتصاد من جديد أم لا؟ من المحتمل أن تكون التداعيات على الطلب على الطاقة كبيرة، سواء من حيث ارتفاعه أو تراجعه. في غضون ذلك، ومهما يكن ما يحدث، فإننا نعود إلى الاعتماد على تلك الكلمة التي غالباً ما تكون مثيرة للجدل: "السوق". سوف توزع السلع والخدمات حيث يوجد طلب، لقاء ثمن. أما إذا كان الناس معجبين بهذا الثمن، فهذه مسألة أخرى. وأتمنى، أنا شخصياً، أن يكون الشتاء معتدلاً (على الرغم من أن منتجعات التزلج ستخالفني الرأي بلا شك). *سايمون هندرسون: هو "زميل بيكر" في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومدير برنامج برينستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، وهو متخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في منطقة الخليج العربي. (الترجمة العربية لمعهد واشنطن).اضافة اعلان