الإمبراطورية الأميركية لا تعرف الرحمة

يديعوت أحرونوت

ايتان هابر 8/4/2012

لو أن رئيس الحكومة طلب مشورتي (ولا تقلقوا فإنه لن يطلبها) لقلت له ما يلي: انتبه إلى جميع خطوات القطيعة الاميركية مع إيران، وتابع مراحل التخطيط والتنفيذ، واحرص على تمييز الفاعلين والافعال وماذا يمكن وماذا لا يمكن، وماذا يجوز وماذا لا يجوز وكيف يكون الامر (اذا) ركعت إيران في نهاية الأمر؟. وكنت أقول له ما يلي: إنتبه إلى كل ما يحدث وتعلم جيدا لأن هذا على التقريب ايضا ما قد يحدث لك ولنا.اضافة اعلان
أنتم تسألون: متى؟. ونحن لا نعلم حقا. فعليكم ان تأخذوا في الحسبان ان الولايات المتحدة امبراطورية، وان الامبراطورية تتحرك في تثاقل وبطء. ونحن، الإسرائيليين، نفخر بقدرتنا على الارتجال وبسرعة الرد والتلقف. ولا يوجد عند الاميركيين تذاكي. أتذكر أنه ذات مرة في قاعدة القوات الخاصة لتدخل جيش الولايات المتحدة في بورت – بيرغ في كارولاينا الشمالية سألت جنرالا أميركيا: "هب أن الرئيس أمركم بالتدخل في مصر فورا مثلا. فكم ستحتاجون من الوقت لوضع أول قوة لكم في القاهرة أو حولها؟"، وفكر الجنرال طويلا وأجاب: "ثلاثة اشهر أيها السيد". فلا يوجد عند الاميركيين ارتجال. بل توجد خطط دُرج "لكل حالة" ونحن في نظرهم ايضا "حالة".
ان الرد الإسرائيلي المباشر والغريزي على هذا الامر هو على نحو عام: "نحن أفضل أصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وفي هذه الايام، في الوقت الذي تحترق فيه المنطقة كلها يحتاج الينا الاميركيون مثل الهواء للتنفس". وهذه سخافات. فامبراطورية كاميركا تُدبر أمور العالم أو يُخيل اليها أنها تفعل ذلك، لا تأخذ في الحسبان اشياء سخيفة مثل موقع دولة إسرائيل في نسيج الشرق الأوسط. وحينما يستقر رأي الاميركيين على العمل فلا شفقة عندهم.
إنهم في هذه الايام يحاولون ان يدوسوا وأن يُلقوا على الارض دولة فيها 80 مليونا من السكان، وفي مساحتها التي تبلغ مليونا وأكثر من الكيلومترات المربعة توجد موارد نفط وجيشها ضخم وحديث – فماذا تكون عندهم دولة فيها 7 ملايين يهودي طيبين واصدقاء؟ نحن اصدقاء إلى ان يقرر شخص ما في الغرفة البيضوية من البيت الابيض أنه يجب "إنهاء" الصراع الدائم الذي يثير غضب اميركا منذ سنين.
هل حان وقت هذا القرار؟ لا حتى الآن. لكن إسرائيليا من أرفع المناصب عاد في هذه الايام من زيارة لدهاليز السلطة في واشنطن يستطيع ان يُحدثنا عن مبلغ كُرههم هناك – وهذا هو التعريف لا غير – بوحي من الرئيس اوباما، لرئيس حكومة إسرائيل وكم يُحبون دولة إسرائيل. فلا يوجد اليوم في البيت الابيض ما يُقال عن نتنياهو. وسواء أكان ذلك حقا أم لا فانه لم يعد يوجد اتجار بأسهمه. والتصفيق والهتاف الذي حصل عليه في خطبته في مجلس النواب الاميركي وفي مؤتمر "ايباك" بعد ذلك لا يؤثر إلا في الجماعة اليهودية، وفي جزء منها فقط في هذه الحال.
يقولون هناك في أحاديث داخلية: "هل تريد إسرائيل ان تهاجم المنشآت الذرية في إيران وحدها؟. فليكن، ولنراها تهاجم وحدها". وهم يعلمون هناك ان نتنياهو ووزراءه سيشخصون في اليوم نفسه إلى واشنطن طالبين المساعدة كما كانت الحال في حرب يوم الغفران. وما يزال يوجد في العاصمة الاميركية من يتذكر كيف رفض رئيس الحكومة آنذاك اسحق رابين بعد تلك الحرب في محادثات فصل القوات، الاستجابة لمطالب وزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر، ومع عودة هذا الأخير إلى واشنطن استقر الرأي على "تقدير من جديد". ولم يصل أي لولب اميركي إلى إسرائيل. وكاد الجيش الإسرائيلي يستلقي على الارض وتوسلت حكومة إسرائيل من اجل انقاذها. وكل هذا فعله بها هنري كيسنجر وهو يهودي.
يتابع الاميركيون ما يجري في المناطق ومنها الخليل في هذه الايام، ويرون ويصمتون أو يرسلون بتنديد صغير كي يُسجل في الكتب. لكنهم يعرفون من تجربتهم أنه حينما يزأر الاسد الاميركي فلا يوجد أحد لا يخاف. وقد ذكرني دبلوماسي اميركي ذات مرة بصورة غير دبلوماسية على الاطلاق بأن اميركا كي تعتقل حاكم بنما نورييغا قتلت 3.500 مواطن بنمي بريء ولم تطلب حتى المعذرة. هل نقل 350 ألف شخص من يهودا والسامرة إلى ما وراء الخط الاخضر؟ قُل لي هل تعلم كم مليونا حولناهم من شقة إلى شقة؟.
هكذا الشأن عند الاميركيين. لا يوجد تذاكي، فالأمر يستغرق زمنا وهم يستعدون سلفا. وبعبارة اخرى ان اميركا تعطس. فيا أيها اليهود أعدوا المناديل.