البطانيات ملاذ عائلات بمواجهة برد الشتاء

الأمطار- تعبيرية
الأمطار- تعبيرية
سماح بيبرس عمان - رغم انخفاض درجات الحرارة الكبير خلال اليومين الماضيين، إلا أن الخمسينية أم صالح لم تقرر إشعال "صوبة" الكاز الوحيدة "الفوجيكا" التي تمتلكها، ولاذت بالبطانيات سعيا لبعض الدفء. في بيتها الواقع في مخيم البقعة، وضعت أم صالح أغطية عدة عليها وعلى ابنها الصغير ابن الـ14 عاما الذي جلس الى جانبها، بانتظار بدء دوام مدرسته المسائي، وكانت قد جهزت إبريقا من الشاي في محاولة منها لبث الدفء في جسديهما. لا تستطيع أم صالح إشعال "الصوبة" لأنها لا تمتلك المال لشراء الكاز، وهي تنتظر حتى نهاية الشهر علها تستطيع تدبير أمورها لتأمين احتياجات أساسية كالكاز ومواد غذائية أخرى. الدخل الذي يدخل على أسرة أم صالح هو 105 دنانير شهريا "راتب ضمان" بعد وفاة زوجها، إضافة الى 20 دينارا من صندق الزكاة، و38 دينارا -بصورة غير منتظمة- من مركز البر والإحسان. لديها شاب يعمل بـ200 دينار في أحد المطاعم، لكنه لا يسهم مؤخرا في مصروف المنزل، "يا دوب يكفي حاله"، بحسب أم صالح؛ حيث إن لديه التزامات تراكمت بعد توقفه لأشهر عدة العام الماضي عن العمل بسبب إجراءات الحظر، وابنة تعمل في إحدى المدارس الكبيرة في عمان وتتقاضى 200 دينار أيضا، لكن هذا الدخل لم يعد أيضا منتظماً "فالمدرسة تؤخر رواتب موظفيها" منذ الجائحة، ولديها ابنة أخرى تخرجت حديثاً في الجامعة تبحث عن عمل منذ حوالي العام ولكن دون جدوى. حاولت أم صالح، خلال الأعوام الماضية، العمل، لكن ظروفها الصحية والاجتماعية لم تساعدها، في ظل متطلبات الحياة الكثيرة، مطالبة بتسديد "كمبيالات" بما قيمته 5 آلاف دينار تراكمت عليها خلال السنوات الأخيرة. أسرة أم صالح تعد من بين آلاف الأسر الفقيرة التي تأثرت بشكل مضاعف بالجائحة، وبات فقرها أكبر وأعمق من قبل، بحسب أرقام وإحصاءات محلية وتقارير دولية. وفي الوقت الذي كانت فيه الأرقام المحلية الرسمية تشير الى أن معدل الفقر في المملكة لدى الأردنيين يبلغ 15.7 %، للعام 2017-2018، فإن توقعات البنك الدولي تشير الى زيادة على المدى القصير في معدل الفقر الوطني بمقدار 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، ليصل الى حوالي 27 %. ويدعم ذلك ما جاءت به دراسة نشرت في آب (أغسطس) من العام الماضي صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"؛ إذ أشارت الى أن معدل دخل بعض الأسر في الأردن انخفض، وتضاعف عدد العائلات التي يقل دخلها الشهري عن 100 دينار أردني (140 دولارا) منذ انتشار جائحة كورونا. وأضافت هذه الدراسة التي جاءت حول التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأطفال والشباب الأكثر هشاشة وأولياء أمورهم في الأردن خلال جائحة كورونا، أن 28 % من العائلات لديها تمويل يكفي لأسبوعين فقط لإعالة أنفسهم، وأن 68 % من العائلات تعطلت أعمالها بسبب الجائحة. وأشارت الدراسة، التي شملت عائلات أردنية وسورية، إلى أن "28 % من الأطفال يذهبون إلى فراشهم جياعا أثناء حظر التجول، وانخفضت النسبة لتصل إلى 15 % بعد فك حظر التجول". وكان تحليل أجرته "الغد" قد كشف أن 825 ألف أردني ما يزالون يتعرضون للانزلاق إلى ما دون خط الفقر منذ العام 2017، ما قد يزيد عدد الفقراء في الأردن الذين يعيشون بأقل من 100 دينار شهريا. التحليل الذي أجرته "الغد" استند إلى احتساب نسبة الأردنيين المعرضين للفقر وقد بلغت 12.5 %، علما أن هذه الفئة غير معلنة من قبل دائرة الإحصاءات العامة، وهي تدمجها مع فئة أخرى من الفقراء المصنفين على أنهم ضمن فئة "الفقراء الأعلى إنفاقا". وللتوضيح أكثر، فإن الإحصاءات العامة تقول إن نسبة الفقر بلغت 15.7 % في العام، وقسمتهم كالآتي: 0.8 % ينفقون ما دون 43 دينارا شهريا للفرد، و8 % ينفقون بين 43 دينارا و86 دينارا شهريا للفرد، فيما دمجت الفئة الأخيرة البالغ قوامها 6.9 % التي تنفق بين 86 دينارا و100 دينار شهريا مع فئة أخرى مصنفة فوق خط الفقر. وقد توصلت "الغد" إلى احتساب نسبة المعرضين للفقر من خلال فصلهم عن الفقراء الأعلى إنفاقا الذين بلغ عددهم، كما ذكر سابقا، 6.9 % إذ تجمع الإحصاءات بين هاتين الفئتين بنسبة واحدة. وهذه النسبة التي تجمع بين فئة الفقراء الأعلى إنفاقا وبين من هم فوق خط الفقر مباشرة تبلغ 19.4 %، وعند طرح نسبة الفقراء الأعلى إنفاقا منها تصبح النسبة 12.5 %، وهم الأفراد الأردنيون المعرضون للفقر مباشرة. وهؤلاء الأفراد الذين يبلغ عددهم 825 ألف أردني (12.5 % من الأردنيين) ينفقون بين 100 و130 دينارا للفرد شهريا منذ العام 2017، فيما لا يخفى تعرضهم لضغوط اقتصادية شديدة، لا سيما خلال سنوات كورونا العجاف.

إقرأ المزيد :

اضافة اعلان