بن غفير قدم خدمة كبيرة للفلسطينيين

هآرتس

جاكي خوري

إن ظهور وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، صباح أول من أمس على مدخل الحرم حصل على صدى إعلامي واسع وردود على النطاق الدولي. مع ذلك، الزيارة حتى لو استمرت لفترة زمنية محدودة جدا، إلا أنها مرت من دون أي حادثة على الأرض وبصورة سهلة من ناحية عملية. رئيس قوة يهودية، الذي كل زيارته كانت وصفة لانفجار وتصادم، دخل في هذه المرة الى باحات الحرم وهو يحمل منصب وزير الأمن القومي، بل بضع ساعات على تعيينه في الكابنت السياسي الأمني. هو تجول في باحات الحرم والتقط الصور هناك، وفي غضون ذلك استفز حماس والفلسطينيين. في الشرطة وفي محيط الوزير يمكنهم الادعاء بأن ذلك كان انتصارا تكتيكيا.اضافة اعلان
الحدث مر أيضا بهدوء رغم كل النداءات والتهديدات - سواء من السلطة الفلسطينية في رام الله أو من حماس في قطاع غزة، وحتى من رئيس المعارضة، يئير لبيد – بأن هذه الزيارة ستشعل المنطقة وستزيد سفك الدماء. صورة بن غفير، الذي تم توثيقه وهو يخرج لسانه لمعارضيه في الكنيست، يمكن أن تكون مناسبة هنا ايضا. وربما لو أن الأمر كان يتعلق به لكان سيعيد هذه اللقطة أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس في القطاع يحيى السنوار، وبالتأكيد أمام لبيد.
تفسير غياب رد الفلسطينيين في القدس لا يتعلق بالتحديد بنفس هذه العوامل. على الأرض لا يوجد للسلطة الفلسطينية، وبالتأكيد لحماس، أي بنية تحتية تنظيمية في القدس التي يمكن أن تملي جدول الاعمال العام وأن تخرج الجمهور الى الشوارع. يبدو أن هذا يمكن أن يعطي لإسرائيل أفضلية والادعاء بالسيطرة. ولكن عمليا لا توجد هنا أي أفضلية، بالعكس، لقد كانت هناك أوقات فيها التحدث مع رجال من حركة فتح في السلطة أو في القيادة الفلسطينية في شرقي القدس، هو الذي منع حدوث العنف وسفك الدماء.
السلوك في القدس في السنوات الاخيرة هو شعبي بالاساس، وهو ينمو ويتطور على الارض وغير متوقع. قضية البوابات الالكترونية على بوابات الحرم في 2017 والاحتجاج في الشيخ جراح، وحتى احداث عملية "حارس الاسوار" في 2021، التي تطورت من حدوث كثيف للشباب على درج باب العامود، اثبتت أن من يحدد النغمة في شرقي القدس غير مرتبط أبدا بقيادة سياسية لفصيل معين. هذا احتجاج يمكن أن يندلع في لحظة ويجر خلفه الجمهور بدون أي انذار أو أي توجيه من غزة أو من رام الله.
بناء على ذلك فان ما مر بهدوء أول من أمس لا يعطي أي ضمانة لما ربما سيتطور في الغد أو في المستقبل القريب. احتجاج وانتفاضة في القدس حول المسجد الأقصى سيدويان ايضا في فضاء اوسع، الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الخط الاخضر ايضا. واذا لم يكن هذا كاف، ايضا. ويكفي فحص تسلسل الردود من اجل فهم الرسالة، حكم القدس، لا سيما الحرم، ليس مثل حكم غزة وجنين. عدد القتلى في السنة الاخيرة في الضفة الغربية لم يستدع اصدار بيانات دولية بالحجم الذي كان أول من أمس.
رمزية المسجد الاقصى والقدس فإن أحدا لن ينجح في التنافس.
مع ذلك، إذا كان بن غفير والشرطة يرسمون علامات الانتصار فان هذه الزيارة، بأثر رجعي، خدمت بشكل كبير جدا الدعاية الفلسطينية، حتى لو لم تسجل أي حادثة عنف واحدة. في القيادة الفلسطينية كان يمكنهم فقط الحلم بعقد مجلس الامن خلال اسبوع من اداء حكومة نتنياهو لليمين، والحصول على الدعم العربي والإسلامي، وحتى رد أميركي يتبنى موقفهم بشأن الوضع القائم في القدس. هذا الموقف يتخذ بعد أقل من أسبوع من مصادقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة على مشروع القرار الفلسطيني الذي طالب برأي استشاري من محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن التداعيات القانونية لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وفي شرقي القدس.
في أسرائيل بالطبع يهاجمون القرار وهم يهددون بعدم التعاون، لكن في غضون أسبوع سيتعين عليهم مواجهة انعقاد مجلس الأمن وبيانات إدانة من كل العالم. بن غفير قام بزيارة الحرم ودغدغ غروره، وربما غرور بعض ناخبيه. عمليا، هو قدم خدمة مؤثرة للدعاية الفلسطينية ولمكانة الحرم في العالم العربي والإسلامي، وربما ايضا سيطالب بأحقيته في شعار "بن غفير جيد للعرب".