الإصرار على احتلال رفح قد يكلف المحتجزين حياتهم

هآرتس
هآرتس
عاموس هرئيل

يبدو أن التنبؤات المتفائلة مرة أخرى كانت سابقة لأوانها. أيضا الجولة الحالية من المفاوضات حول صفقة المخطوفين ربما تنتهي بالفشل. الوسطاء الأميركيون يلقون التهمة بالاساس على حماس، التي رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار، يمكن أن يرد سلبا على العرض المصري الجديد. ولكن الخلاف الشديد داخل الحكومة الإسرائيلية يظهر أيضا الانتقاد الداخلي لاعتبارات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويمكن أن يسرع تفكك الائتلاف، على الأقل بالصيغة الحالية.اضافة اعلان
رد السنوار يتباطأ في هذه الاثناء. ولكن حسب معظم التقديرات هو سيكون سلبيا أو سيشمل ما فيه الكفاية من التحفظات كي يعتبر هكذا. الولايات المتحدة تؤكد على أن العرض الذي تم تقديمه لحماس سخي جدا، كما يبدو من خلال نية الضغط على السنوار كي يتنازل. مشكوك فيه أن ينجح ذلك، وبصورة غير مباشرة الادارة الأميركية تقدم لنتنياهو ادعاء دفاعيا مثاليا أمام الانتقاد الداخلي.
ايضا في هذه الحالة الاشارات التي تأتي من اسرائيل غير مشجعة. كان يمكن الفهم إلى أين تهب الرياح منذ بداية الأسبوع عندما ردت أبواق نتنياهو في وسائل الإعلام رسائل تدين الصفقة الخطيرة. رئيس الحكومة نفسه التقى في يوم الثلاثاء مع أعضاء من منتديين حريديين وطنيين لابناء عائلات مخطوفين وثكالى. في نهاية اللقاء أصدر نتنياهو، الذي لا يلتقي الآن مع عائلات المخطوفين الذين ليسوا من المصوتين لليمين، بيانا حازما حول نيته احتلال رفح.
سمفونية التقييد تستمر. بعد تصريحات حازمة للوزيرين سموتريتش وبن غفير، التي سمعت في جزء منها كتهديد مبطن لنتنياهو، انضمت صباح يوم الاربعاء الى هذه الضجة أيضا اوريت ستروك، وزيرة الاستيطان والمهمات الوطنية، وهي الشخصية المثالية للتضامن اليهودي والإنساني، وأعلنت في مقابلة مع "صوت الجيش" بأنه "لا يوجد لحكومة تلقي في سلة القمامة كل شيء من اجل إعادة 22 أو 33 مخطوفا أي حق في الوجود". 22، 33، ماذا يهم؟ (ستروك قالت دفاعا عن نفسها بأنها تهتم بحياة المخطوفين الآخرين الذين سيتم تركهم وهم ينتظرون النبضة القادمة). على أي حال، يبدو أن نتنياهو يستمع للأقوال وهو مستعد لتقييد نفسه مرتين: رفض الصفقة (التي يبدو في الأصل أن حماس ترفضها) وعرض احتلال رفح كحل لكل مشكلاته.
هذه هي المرة الأولى التي يتصرف فيها نتنياهو وشركاؤه بهذا الشكل. نفس الصفقة بصيغ مختلفة ولكن بدون أي تغيير بارز، موضوعة على الطاولة منذ ثلاثة اشهر على الاقل. العائق الرئيسي بقي على حاله. حماس تبحث عن طريق آمنة لوقف إطلاق نار كامل وطويل يضمن بقاء حكمها. الحكومة الإسرائيلية ترفض لأنه بذلك ستنتهي الحرب دون أن تحقق أهدافها المعلنة. مجال المرونة، إذا كان موجودا، يتعلق بصيغة يتم فيها ترتيب الانتقال من وقف نار مؤقت في النبضة الأولى لإطلاق سراح المخطوفين إلى اتفاق طويل المدى في النبضة القادمة. ولكن مرة تلو أخرى رئيس الحكومة يصدر تصريحات عنيفة ويقيد نشاطات طواقم المفاوضات بشكل يقلص أصلا مسبقا احتمالات النجاح. أيضا السنوار، لاعتباراته، يضع العقبات من الجانب الآخر.
حول احتلال رفح في اليمين يكررون الشعار القديم وكأن فقط الضغط العسكري هو الذي سيحقق أهداف الحرب – التفكيك المطلق لحكم حماس وقدراتها العسكرية واعادة المخطوفين. ولكن حتى الآن لم يتم اثبات هذا الادعاء. أيضا النجاح المؤثر للجيش الإسرائيلي في هزيمة كتائب حماس في شمال ووسط القطاع يفقد بالتدريج التأثير لأن حكومة نتنياهو – سموتريتش رفضت مناقشة أي عمل سياسي يستكمل الإنجاز العسكري ولم تسمح حتى بمحاولة ظهور أي بديل سلطوي في هذه المناطق. في حين أن السبب الرئيسي في موافقة حماس على صفقة المخطوفين الأولى في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. هو الضغط العسكري بالتأكيد ، ولكن يبدو أن السنوار قرر التنازل بعد ذلك عما اعتبر عبئا، وهو أكثر من 100 مخطوف معظمهم من النساء والأطفال، لأنه بقي لديه ما يكفي من المخطوفين الآخرين كورقة مساومة.
في رفح بقيت أربع كتائب لحماس، التي يبدو أنها ما تزال تعمل بشكل معقول. ومن أجل تفكيكها فإن الأمر سيستغرق أشهرا لأن الجيش الإسرائيلي سيحتاج إلى العمل من أجل تدمير شبكة الأنفاق والحصون تحت الأرض لحماس في المدينة. وبدون الاضرار بها بشكل كبير فانه لا يوجد أي تحييد حقيقي لسلسلة القيادة والسيطرة التي تشغلها حماس. في مدينة غزة، رغم المناورة البرية الواسعة والعنيفة للجيش الإسرائيلي، منظومة القيادة والسيطرة لحماس بدأت في النهوض في أعقاب انسحاب القوات. هذه جهود يجب ادارتها وصيانتها لسنوات كي تصل إلى نتائج حاسمة ولفترة طويلة. لذلك فإن احتلال رفح لن يؤدي إلى هزيمة حماس رغم أنه للوهلة الأولى إسرائيل ستستكمل بذلك احتلال كل القطاع لسبب بسيط وهو أنه طوال الحرب الجيش الإسرائيلي لا يسيطر في نفس الوقت على كل المناطق في القطاع (حتى في المناطق التي تم احتلالها العدو يمكنه مواصلة حرب العصابات).
إضافة إلى رفح هناك ايضا كتيبة ونصف لم تتضرر بشكل كبير في دير البلح والنصيرات، مخيمات اللاجئين في وسط القطاع. أيضا في الأشهر الأخيرة يبدو أن حماس نجحت في نقل مخطوفين إلى اماكن اختباء مختلفة. ولا يوجد أي سبب لتصديق أن حماس تنتظر مع جميع المخطوفين الذين بقوا، بالذات في رفح، قبيل اقتحام إسرائيل. في حين أن دخول الجيش الإسرائيلي الى منطقة مأهولة ومكتظة مع القصف الجوي، يمكن أن يكلف حياة مخطوفين آخرين كما حدث في خانيونس وغزة. هذا يمكن أن يحدث نتيجة ضربة خاطئة لإسرائيل، وربما ايضا بسبب إعدام المخطوفين، وهي الخطوة التي لم تتردد حماس في اتخاذها في السابق عندما خشي رجالها من عمليات انقاذ يقوم بها الجيش الإسرائيلي في مناطقهم.
اللهجة الحازمة التي يعظ بها وزراء ومراسلون من أجل احتلال رفح، الساخرون من بينهم يستمرون في الوعد بالنصر المطلق، تطرح سؤال هل هؤلاء لا يأخذون في الحسبان الخسائر المتوقعة في الطرف الإسرائيلي، من المخطوفين والجنود الاسرائيليين (ولا نريد التحدث عن المصابين الفلسطينيين المدنيين). التحفظ الأميركي من احتلال رفح ما يزال قائما. المتحدث بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، كرر ذلك فجر أمس أن. الإدارة الأميركية تطلب من إسرائيل تقديم ضمانات لاخلاء بسلام نحو مليون فلسطيني من المنطقة. وهذا لن يكون عملية سهلة أو قصيرة، وبعد ذلك يتعين على إسرائيل التحلي بدرجة من الحذر في استخدام النار، أكبر بكثير من الحذر الذي كان اثناء احتلال أجزاء اخرى في القطاع. وقد نشر في "نيويورك تايمز" بأن الإدارة الأميركية ستفحص فرض قيود على بيع السلاح لإسرائيل إذا قام الجيش الإسرائيلي بالدخول إلى رفح.
كالعادة الوزير غادي ايزنكوت، العضو في مجلس الحرب، يقول أمور صحيحة. ففي البيان الذي نشره أول من أمس قال إن "الكابينت حدد قبل نصف سنة أهداف الحرب، اثنان من أعضاء الكابينت يمارسان الابتزاز بالتهديدات السياسية. هذه ظاهرة خطيرة تضر بأمن إسرائيل الوطني. أنا سأكون شريكا فقط في حكومة تتخذ القرارات لاعتبارات تنبع من المصالح الوطنية لدولة إسرائيل وليس لاعتبارات سياسية". هذه أقوال واضحة. والسؤال هو هل وكيف ستترجم الى خطوات سياسية.