بوتين ونتنياهو صداقة وتضارب مصالح في سورية

هآرتس بقلم: تسفي برئيل 24/1/2020 في المعركة في سورية فان تقسيم العمل واضح روسيا تستغل مواردها إيران تكتفي بإعادة اعمارها وإسرائيل تحظى بحرية عمل في الدولة لكن هذه الحرية يمكن أن تخلق تعلقا إسرائيليا بمصالح بوتين. "منتدى الكارثة" ضم عشرات الزعماء وكبار القادة من دول العالم الذين اجتمعوا في القدس (المحتلة)، حول الكارثة إلى موضوع هامشي. لقد غطت عليه قضية نوعاما يسسخار (إسرائيلية مسجونة بروسيا) التي تحولت إلى اختبار حاسم للعلاقات الدولية لبنيامين نتنياهو، وبالاساس قوة تأثيره على الرئيس الروسي فلادمير بوتين. هل نجحت جهوده لجعل بوتين يعفو عن يسسخار؟ هل سلسلة الزيارات المتقاربة التي اجراها في السنتين الماضيتين في روسيا ستثمر؟. يبدو أنه في كل ما يتعلق بإسرائيل فان روسيا لا تحتاج إلى هجوم سايبر من أجل أن تؤثر على الانتخابات في إسرائيل؛ يكفي اعتقال وإطلاق سراح مواطنة إسرائيلية من اجل ترجيح الكفة لصالح رئيس الحكومة. ولكن بين إسرائيل وروسيا ما زال هناك عدد من الأمور الحاسمة، والحديث لا يدور فقط عن "تحرير" المسكوبية أو تغيير سياسة الفحص في المعابر للسياح من روسيا. التنسيق العسكري في الساحة السورية هو موضوع حساس يتم علاجه بلطف شديد ويحتاج الى صيانة ثابتة. هذا من اجل أن تستطيع إسرائيل أن تناور بين عمليات الهجوم في سورية ولا تزعج طموحات روسيا في استكمال سيطرة الرئيس السوري بشار الاسد على جميع أراضي الدولة. للوهلة الأولى يبدو أن التنسيق يعمل بشكل عام بدون مشاكل، إذا لم ننظر إلى اسقاط الطائرة الروسية في 2018 بصواريخ سورية كخلل في التنسيق. بين روسيا وإسرائيل، وبينهما وبين إيران، وجد توازن متفق عليه بحسبه تستطيع إسرائيل أن تواصل مهاجمة أهداف معدة لمساعدة حزب الله، مثل قوافل الصواريخ ووسائل قتالية اخرى، من خلالها تنقل إيران السلاح. مهاجمة أهداف إيرانية في سورية اعتبر شرعيا طالما أن إسرائيل تستطيع التبرير بأن الأمر يتعلق بأهداف منها ترسل إيران سلاحا ومعدات اخرى إلى حزب الله – بشكل عام يبدو أن روسيا تفضل أن ترى في الحوار العسكري بين إسرائيل وإيران أمر لا يمسها، شريطة أن يتم تنسيق هذه الهجمات مع ضباط الارتباط في سلاح الجو الروسي الذين يوجدون في قاعدة حميميم في شمال غرب سورية. هذا التنسيق يطرح قضية تثير الفضول تمس الثقة بين سلاحي الجو الروسي والإسرائيلي، حيث أن كل هجوم منسق يكتنفه ايضا مخاطرة نقل معلومات مسبقة عن نية الهجوم بين القوات الروسية والقيادة الإيرانية وسلاح الجو السوري. مصدر إسرائيلي كان مقرب من ترتيبات التنسيق قال للصحيفة بأن خطر كهذا هو قائم حقا، ولكن الاسلوب هو أنه "إذا كانت روسيا تريد منع هجوم إسرائيلي في منطقة معينة، أو في وقت معين، هي تقول ذلك بصورة صريحة ولا تخفي ذلك"، مضيفا "بالاجمال، لقد تولد لدينا انطباع بأن روسيا لا تنوي التدخل في العمليات الإسرائيلية ضد حزب الله، وأن اعتباراتها لا تتعلق فقط بالمواجهة بين إسرائيل وإيران. ولكن ليس هناك أي ضمانة بأن الظروف ستتغير وسيتم ايجاد حل سياسي للحرب في سورية، أن لا يكون هناك انعطافة في سياسة روسيا تجاه الهجمات الاسرائيلية". تغيير اتجاه تركي الافتراض الإسرائيلي الأساسي هو أن روسيا نفسها كانت معنية بطرد إيران من الاراضي السورية، ليس فقط ماديا، بل ايضا من اجل أن تقلص هيمنة إيران على نظام الاسد. التدخل العسكري الروسي في سورية، الذي بدأ في العام 2015، لم يستهدف فقط أن يبقي في الحكم نظام مؤيد ومتعاون، بل ايضا أن تستغل الدعم العسكري من اجل الحصول على موطيء قدم في الشرق الاوسط. ولكن روسيا ورثت وضع قائم فيه ايران هي حليفة للاسد، كما أنها منحته مساعدة ودعم بمليارات الدولارات. النتيجة هي أنه في المجال السياسي روسيا اضطرت إلى أن تناور بين تركيا وإيران، من اجل أن تستكمل سيطرة الأسد في سورية. وقد استغلت حقا تفوقها على ايران وتركيا ونجحت في اقناع عدد من الدول العربية، في أن تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع النظام؛ لكن يبدو أن الانجاز الاهم يكمن في نجاحها في أن تجمع هذا الشهر في موسكو رئيس المخابرات التركي، هكان فيدان، مع نظيره السوري، علي مملوك. التقارير التي خرجت من هذا اللقاء تشير الى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين تركيا وسورية في مسألة انسحاب القوات التركية من سورية، لكن مجرد عقد اللقاء من شأنه أن يشير إلى تغيير في الاتجاه من جانب تركيا تجاه نظام الاسد. استغلال التفوق العسكري الروسي في الساحة السورية، خاصة استخدامها لسلاح الجو لديها، من اجل أن تحسم معارك محلية لصالح نظام الاسد، إلى جانب نجاحها في ترسيخ وقف اطلاق النار بين عدد من المليشيات وبين النظام، منحها رافعة قوية لسيطرة مستقبلية على الموارد الطبيعية مثل النفط والفوسفات، بحيث أن نظام الاسد يكون معتمدا على موسكو ايضا حتى بعد انتهاء الحرب. ايضا في هذا المجال يبدو بوضوح أن روسيا تنجح في مزاحمة ايران على الوصول الى مقدمة التأثير، رغم أن موسكو خلافا لطهران لا تستثمر مليارات الدولارات لتمويل النشاطات الجارية للنظام السوري. مراسيم الاسد سورية غارقة في ازمة اقتصادية آخذة في التفاقم في الفترة الأخيرة. ثمن رزمة خبز بوزن 800 غم في سورية هو 39 سنتا في محافظات الشمال، باستثناء محافظة حلب، التي تستخدم فيها الأسعار بالليرة التركية. المخابز والبقالات تجد صعوبة في متابعة وتيرة انخفاض سعر الليرة السورية مقارنة بالعملة الاجنبية، وهي تضطر الى الاستناد الى الليرة التركية والدولار كمعيار لسعر هذه السلعة الحيوية. إن انهيار سعر الليرة السورية يمس ايضا بالسلع الاساسية الاخرى التي ارتفعت اسعارها في السنة الماضية بنسبة بلغت 20 – 30 %، لا سيما بعد قرار الحكومة بأن تقلص بصورة دراماتيكية عدد السلع المسموح استيرادها من 40 الى 10 سلعة. هذه سلع مسموح لمستورديها الحصول على مخصصات بالدولار بالسعر الرسمي غير الحقيقي – حوالي 470 ليرة للدولار، في حين أنه في السوق السوداء سعر الدولار هو 1200 ليرة سورية، بعد أن كان في السنة الماضية 500 ليرة. مؤخرا فرض الاسد مرسوم جديد: تجار العملة غير المرخصين سيعاقبون بالسجن لفترة تصل الى سبع سنوات ودفع غرامة مالية كبيرة. هذا الامر خفض حقا بنسبة قليلة سعر الدولار، لكنه ضيق اكثر على قناة الشراب وافرغ الرفوف في البقالات. النتيجة اصبحت ظاهرة في شوارع دمشق والضواحي مثل السويداء في جنوب الدولة، التي فيها خرج المواطنين في مظاهرات ضد النظام وهتفوا: "أبقينا لكم السياسة فأبقوا لنا خبزنا" و"نحن نريد أن نعيش". وسائل الإعلام الرسمية تكثر الحديث عن عمليات خاصة يديرها النظام ضد من يرفعون الاسعار ويهربون البضائع أو ضد المحتالين الذين يبيعون بضائع فاسدة، لذلك فان النظام يلزم اصحاب المخابز ومحطات الوقود بوضع كاميرات في دوائر مغلقة من اجل الاشراف على الاحتكار واعمال التحايل؛ ولكن مشكوك فيه أن ينجح في اقناع الجمهور بفاعلية النظام. لأنه امام التصريحات والإعلانات عن عدد الدعاوى التي قدمت ضد المخالفين لنظام التجارة. بالنسبة لإسرائيل هذه الظروف تسمح لها بحرية عمل اوسع في سماء سورية وفقا للتفاهمات مع روسيا. والمشكلة هي أن حرية العمل هذه تخلق ارتباطا إسرائيليا بمصالح روسيا، وهذه ليست مقيدة فقط بما يجري في الساحة السورية أو بتعهد إسرائيلي بعدم المس بالأسد ونظامه.اضافة اعلان