ترجمة فلسطين .. إلى لغات أخرى !

ربما آن الأوان أن ننتبه أن كتاباتنا العاطفية والشعرية .. والأهم السياسية بخصوص قضيتنا، على مدار كل العقود الماضية، كانت مجرد نَدبٍ  وعويل أمام المرآة !اضافة اعلان
وأن الخطاب باللغة العربية لن يجدينا بشيء، ما دام موجهاً الى قارئ عربي يُفترض بداهةً أنه في صفي .. ولا أخطط لاستقطابه لصالحي !
لقد أغفلنا مخاطبة العالَم . العالَم الحر، الذي تستطيع مظاهرة فيه ان تغير من قرار سياسي وأن تضغط لاستقالة حكومة.
نحن لسنا بصدد إقناع التونسي أو اليمني او المصري بعدالة قضيتنا، ولا نخاطب الفلسطيني حتماً لنقول له: قمنا بواجبنا العاطفي !
 تلك بوصلة مرتبكة وضعيفة. فالذي علينا مخاطبته فعلاً لا يتحدث العربية.
أنا أتابع ترجمات “ الغد “ عن الصحافة العبرية، وأعتقد ان بعض مقالات يوري افنيري وسواه أفادت الفلسطينيين لدى القارئ العبري أكثر من ألف ديوان شعر عربي “متضامن” مع الفلسطينيين . ليس وقته الآن الجدل الكلاسيكي حول اليسار الاسرائيلي .. ولكن اقرأوا على “موقع الغد” مقالة افنيري في صحيفة هآرتس عن مروان البرغوثي بعنوان “ حسب رأيي .. هو مانديلا فلسطين”.
نحن بحاجة لترجمة فلسطين، نكبتها، هجرتها، أحزانها، شهدائها، أسراها، جدارها العازل، الى لغات مؤثرة ، والى العبرية تحديداً.
نحن بحاجة لأن نؤثر في المجتمع الاسرائيلي والمجتمع الأوروبي، وليس أن نقرأ مراثينا على رؤوس بعضنا.
أنا شخصيا لو كنت أتقن العبرية لكتبتُ كل مقالاتي موجهة للذين يسكنون الآن مكاني في بيت جدي، وليس لأصدقائي العرب.
لم تعد مجدية حفلات البكاء التي نقيمها بلغتنا، وقصائدنا التي نقرأها لبعضنا، ونكتبها لكي نشعر أننا قمنا بالواجب، نحن بحاجة الى جيش من المترجمين، من شعبنا وأمتنا، جيش حقيقي بأهداف واستراتيجيات  (يمكن إحياء مركز الدراسات الفلسطينية مثلاً .. الذي كان فاعلاً في بيروت)، ووضع أهداف وبرامج عمل، لترجمة كل ما يحدث، وكل ما حدث، ونشره هناك .. في العالم الحر.
يمكن انشاء فضائية او اثنتين بلغات غير العربية، يمكن إنشاء صحف، في مواجهة السيطرة الصهيونية على الإعلام الغربي، والفلسطينيون واثرياؤهم تحديداً، قادرون على ذلك.
ثم إنها مهمة يمكن أن تقوم بها الفصائل الفلسطينية العاطلة عن العمل والقتال منذ عقود، والتي لا نعرف أين تنفق موازناتها؟ وأين تذهب اموالها !
فلماذا (ما دام الله قد كفى المؤمنين شر القتال) لا تتحول هذه الفصائل للترجمة والإعلام ونشر القضية وتعريف العالم بشكل يومي بما يحدث عندنا، ولنا.
أما كرنفالات التضامن والمؤازرة على مواقع التواصل، ما دامت باللغة العربية، فهي أيضاً كالذي يرقص في عرسه، لا تفيد، ولا معنى لها.
مشكلتنا كفلسطينيين أننا عاطفيون أكثر مما يجب، تترقرق الدموع في عيوننا  بمجرد إعلان تضامن، وبضع مظاهرات عربية، وإشعال شموع. لكن ما نحتاجه في الحقيقة هو لفت أنظار العالم، وإشغال الشارع الأوروبي والأميركي والاسرائيلي، والالحاح عليهم، بلغات كثيرة، للضغط على حكوماتهم وللتغيير في مسار سياساتها. فالفلسطينيون الآن في ربع الساعة الأخير: إما الصعود.. وإما الفناء كالهنود الحمر !
ولنتذكر أن بضعة أفلام قليلة اشتغلها فلسطينيون من الـ 48 ومن الضفة وغزة استطاعت الوصول الى مهرجان “كان” أكثر من مرة، بدليل أن العالم جاهز لتخاطبه، وسيستمع لك .. هذا إن قرَّرت أن تقاوم بحق وتتضامن بحق وأن تعرف أين تنفق مجهودك النضالي/ الإعلامي.