حقوق الإنسان في المناهج المدرسية: غياب أم تغييب؟

طلاب ينتظمون في الطابور الصباحي في إحدى مدارس العاصمة العام الماضي - (تصوير: محمد أبو غوش)
طلاب ينتظمون في الطابور الصباحي في إحدى مدارس العاصمة العام الماضي - (تصوير: محمد أبو غوش)

د. ذوقان عبيدات

تناولتْ هذه الدراسةُ أوضاعَ حقوقِ الإنسانِ في المناهجِ الأردنيةِ ذاتِ الصلة، وهي التربيةُ الوطنية والثقافةُ العامة والتربيةُ الاسلامية واللغةُ العربية.اضافة اعلان
تم تحليل محتوى هذه المناهج، من خلال تحليل الإطار العام والمحاور والنتاجات العامة والخاصة، كما وردت في وثائق وزارة التربية والتعليم، والمقرة من مجلس التربية والتعليم 2013، وقد وصفت الدراسة:
ما مدى استجابة المناهج الدراسية للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان؟
وما مدى التزام المناهج الدراسية بمصفوفة المدى أو التتابع، كما وردت في وثيقة الوزارة 2000 (وهي وثيقة رسمية)؟.
إذن هناك معياران للتحليل هنا:
- قائمة الحقوق المدنية والسياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق الجماعية والحقوق الإعلامية.
- مصفوفة حقوق الإنسان، التي وضعتها الوزارة لتوزيع الحقوق على المواد الدراسية والصفوف المختلفة.
أولاً: المعيار الأول، ويشمل:
1 - الحقوق المدنية والسياسية، وتشمل الحقوق الآتية: الاجتماع أو التجمع، الارتباط، الكرامة والشرف والسمعة، عدم التمييز، الحق في الجنسية والاسم، الحق في الحياة، الملكية والدين.
2 - الحقوق القانونية، وتشمل الحقوق الآتية: الالتماس، عدم الاعتقال، الكفالة، التعويض، اللجوء إلى المحاكمة والمساعدة القانونية، الحماية القانونية والمحاكمة العادلة وعدم التعذيب.
3 - الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتشمل: التعليم والتعلم، بناء العائلة، الغذاء والصحة، الأمن الاجتماعي، العمل وظروف العمل، الصحة، البيئة النظيفة.
4 - الحقوق الجماعية وتشمل حقوق: الغرباء، المهاجرين واللاجئين، الأقليات، الشعوب وتقرير المصير.
5 -الحقوق الإعلانية وهي التي تصدر بإعلان القانون، وتشمل: التنمية المستدامة، وحقوق الشعوب الأصلية قبل الاستيطان مثل الهنود الحمر، والفلسطينيين ... الخ.
ثانياً: المعيار الثاني: ويشمل مصفوفة الحقوق التي وضعتها الوزارة، وتشمل ما يأتي: حماية المهاجرين- تربية وطنية (الصف السادس)، الحماية من العنف الأسري- لغة عربية (الصف السادس)، الحرية الثقافية- لغة عربية (الصف السادس)، الالتزام بالاتقافيات الدولية- تربية وطنية (الصف السابع)، الحق في الضمان الاجتماعي- تربية وطنية (السابع)، منع التلاعب في الأجور- تربية وطنية (السابع)، الحق في التعليم المجاني- تربية وطنية (السابع)، المساواة بين الجنسين- تربية إسلامية (الصف الثامن)، احترام العلاقات الزوجية- تربية إسلامية (الثامن)، الملكية الفردية- تربية اسلامية (الثامن)، تقدير الشخصية- لغة عربية (الثامن)، حق المشاركة في الشؤون العامة- لغة عربية (الثامن)، الضمان والحماية من البطالة- لغة عربية (الثامن)، منع التعذيب-تربية وطنية (الثامن)، إدانة جرائم الحرب- تربية اسلامية (الصف التاسع)، منع العنف الاسري- تربية اسلامية (التاسع)، الحماية من الواسطة- تربية وطنية (التاسع)، اللجوء الى المحاكم- تربية وطنية (التاسع)، سرية المعلومات- تربية اسلامية (العاشر)، الحد الأدنى للاجور-تربية اسلامية (العاشر)، منع الاحتقار- تربية إسلامية (العاشر)، حماية الشيخوخة- تربية إسلامية (العاشر)، منع الواسطة- لغة عربية (العاشر)، ومنع التمييز ضد المرأة- لغة عربية (العاشر).
وقد حللت الدراسة كلاً من المواد الآتية: حقوق الانسان في الدستور الاردني، وحقوق الإنسان في قانون التربية والتعليم رقم 3 لعام 1994.
- الأطر العامة ونتاجات المناهج الخاصة لمناهج التربية الوطنية والتربية الاسلامية واللغة العربية:
- رصدت الدراسة عدد المرات التي وردت فيها حقوق الإنسان.
- عدد المرات التي ذكرت فيها كلمة حقوق أو حق بشكل صريح.
- عدد المرات التي يستنتج منها ذكر كلمات وعبارات تعكس حقوقاً وإن لم تذكر كلمة حقوق مثل، المواطنة، الحرية، الديموقراطية، التسامح، الحوار ... الخ.
وفيما يأتي عرض لأبرز نتائج هذا التحليل:
أولاً – الدستور الاردني:
 لم يذكر الدستور الاردني عبارة حقوق الانسان، ولم يشر إلى المرجعيات العربية والدولية لهذه الحقوق، ولكنه ذكر بوضوح وصراحة كلاً من الحقوق الآتية:
مادة 6/1: الاردنيون امام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العِرق أو اللغة أو الدين.
(ملاحظة – لم يذكر الاختلاف في الجنس).
مادة 6/3 : تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن امكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين. مادة 6/4: الاسرة أساس المجتمع. مادة 6/5: يحمي القانون الامومة والطفولة والشيخوخة وذوي الإعاقات.
مادة 7: 1) الحرية الشخصية مصونة. 2) كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة او حرية الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون.
مادة 8: 1) لا يجوز أن يقبض على احد او ان يوقف او يحبس او تقيّد حريته إلا وفق احكام القانون. 2) كل من يقبض عليه او يوقف او يحبس او تقيّد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الانسان. ولا يجوز تعذيبه بأي شكل أو ايذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يجوز حجزه في أماكن لا يجيزها القانون، وكل قول يصدر عن اي شخص تحت وطأة أي تعذيب أو إيذاء أو تهديد لا يعتد به.
مادة 9: 1) لا يجوز ابعاد اردني من ديار المملكة. 2) لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما او يمنع تنقله او الزامه بالاقامة في اماكن معينة إلّا وفق القانون.
مادة 10: للمساكن حرمة لا يجوز دخولها إلّا وفق القانون. مادة 11: لا يستملك ملك احد الّا للمنفعة العامة وفي مقابل تفويض عادل. مادة 12: لا تفرض فروض جدية ولا تصادر اموال الّا وفق القانون. مادة 13: لا يفرض الشغل الالزامي على احد الا في حالات اضطرارية. مادة 14: تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الاديان والعقائد ما لم تكن مخلة بالنظام العام والآداب. مادة 15: تضمن الدولة حرية الرأي والبحث والابداع وحرية الصحافة. مادة 16: للاردنيين حق الاجتماع ضمن القانون. مادة 27: العمل حق لجميع المواطنين ضمن شروط صحية.
تحليل حقوق الإنسان في الدستور:
ليس من أغراض هذه الدراسة تحليل حقوق الانسان في الدستور، ولكن نظرة فاحصة الى محتوياته تشير الى التزام قوي بمعظم حقوق الانسان، باستثناء مساواة جميع الاردنيين على تنوعهم في العرق والدين دون ذكر مساواة الجنس، والذي يحرم المرأة من حقوق مدنية واجتماعية عديدة. كما لم تذكر حقوق الطفل بشكل صريح، مع ان الحقوق المختلفة في التعلم والعمل والصحة والتغذية تشمل الاردنيين جميعا ومنهم الأطفال.
ثانياً – حقوق الإنسان في قانون التربية والتعليم:
وردت مفاهيم متعددة لحقوق الانسان في قانون التربية والتعليم، رقم 3 لعام 1994، ولكن لم يذكر أي نص مباشر او كلمة حقوق الانسان.
ففي المادة 3 من القانون وردت مفاهيم عن محاربة التعصب العنصري والطائفية، والانفتاح على الثقافة العالمية، والمساواة امام القانون، وحرية الفرد وكرامته، ومشاركته في الحياة السياسية والاجتماعية. الفقرات 5/3 ، ج/2 ، ب/9.
وتناولت المادة الرابعة مفاهيم المواطنة والديموقراطية والمشاركة (فقرات 7، 13، 19).
وفي المادة الحادية عشرة، وضمن اهداف التعليم الثانوي وردت عبارات مثل، الانفتاح على الحضارة، والاسهام فيها، والعمل بروح الفريق والبيئة، والتفاهم الدولي والسلام والحوار والتسامح ( فقرات 3، 5، 12، 17، 20، 24 ).
إن كفاية العبارات والمفاهيم الواردة في الدستور وفي قانون التربية يثير السؤال الرئيس الآتي:
هل نجحت المناهج في ترجمة مواد الدستور والقانون؟ وما مدى اهتمام هذه المناهج بحقوق الإنسان؟
وتطبيقاً للاهتمام الدولي بحقوق الإنسان ولبرامج اليونسكو عام 1993 في مجال حقوق الانسان بهدف التوعية المجتمعية، وللعقد العالمي لحقوق الانسان (1995 – 2004) الذي ركزت خلاله اليونسكو على ضرورة قيام الدول الاعضاء بتخطيط برامج وأنشطة تعليم حقوق الانسان. وتطبيقاً لتوصية المؤتمر الدولي الرابع والاربعين– اليونسكو– وتوصياته بنشر ثقافة حقوق الانسان في النظام التعليمي، وحماية هذه الحقوق من الانتهاكات. والتزاماً بدعوة الجامعة العربية في اجتماع الرياض عام 2007 في وضع خطة عربية لتعليم حقوق الانسان، استناداً الى مرجعيات دولية مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والجيلين الثاني والثالث من الحقوق السياسية والاجتماعية (2009 – 2014).
فقد قامت وزارة التربية والتعليم والتنمية السياسية والأوقاف بتشكيل لجنة أوصت بضرورة إدماج مفاهيم حقوق الانسان في المناهج، وبناء قدرات المعلمين لتدريس هذه الحقوق وتخصيص مادة مستقلة عن حقوق الانسان في كليات المجتمع والجامعات.
وتنفيذاً لتوصيات اللجنة قامت وزارة التربية بإعداد مصفوفة أفقية، تشمل مختلف المواد، وعمودية تشمل مختلف الصفوف (وزارة التربية: مشروع مصفوفة حقوق الانسان 2009)، وقد شملت المصفوفة ثلاثين حقاً رئيساً من حقوق الانسان، لتدرس في مناهج الصفوف من الرابع حتى العاشر، ومن خلال مواد التربية الوطنية واللغة العربية والتربية الاسلامية.
شملت هذه الحقوق حقوقا قانونية واجتماعية واقتصادية وسياسية وشخصية.
ويبقى السؤال: هل راعت المناهج هذه الحقوق الثلاثين؟ وهل انعكست الحقوق الواردة في مصفوفة وزارة التربية في مناهجها؟
سنتحدث في هذه الدراسة عن معرفة مدى انعكاسات حقوق الانسان ومفاهيمها المختلفة في الاطار العام للمناهج والنتاجات التعليمية والخاصة لمناهج التربية الوطنية واللغة العربية والتربية الاسلامية، ولن نتعرض الى مواد اخرى، ولا الى الكتب المدرسية.
تحليل المناهج وفق مفاهيم حقوق الإنسان:
أولاً– منهج التربية الوطنية والثقافة العامة: 1 -حقوق الانسان في المسوغات: ركزت المسوغات على الأفكار الآتية: مساعدة الطلبة في التعرف الى هويتهم، تنمية الحس الانساني والديموقراطي، تنمية المواطنة والاستقلال والحريات، معرفة الحقوق والواجبات واحترام الآخرين والانفتاح على الثقافات الأخرى.
يلاحظ أن مفاهيم حقوق الانسان قد جاءت بشكل غير صريح، مثل الحس الانساني والهوية والحرية ومعرفة الحقوق والانفتاح على الثقافات. اما حقوق الانسان بشكل صريح فلم تذكر، فقد ذكرت عبارة: معرفة الحقوق، وليس المطالبة بالحقوق. وقد تكون المعرفة طريقاً للسلوك. كما ان الحقوق جاءت مرتبطة بالواجبات.
2- النتاجات التعلمية المحورية: ركزت هذه النتاجات على المفاهيم الآتية: ممارسة قيم الحرية والديموقراطية والعدالة والتسامح، المواطنة والمشاركة الفاعلة، التحرر من التعصب والتمييز واحترام العقائد السماوية. وهذه النتاجات هي في صميم حقوق الإنسان، ولكن نظرة الى مصفوفة الحقوق، كما وضعتها الوزارة تشير الى تباين بين هذه الحقوق وحقوق المصفوفة.
فقد أشارت المصفوفة الى تنمية الحقوق الآتية: الالتزام بقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية (صف سابع)، الحق في الضمان الاجتماعي (سابع)، منع التلاعب بالأجور (سابع)، الحماية من البطالة (ثامن)، منع التعذيب (ثامن)، حق اللجوء الى المحاكم (تاسع).
إذن لم تضع الوزارة ما خططت له من حقوق في المصفوفة في المنهج الدراسي، او ان واضع المنهج لم يطلع على المصفوفة.
3 - حقوق الانسان في محاور المنهج: اشتمل المنهج على خمسة محاور بينها: الثقافة والهوية، المواطنة والديموقراطية، الادارة والتنمية البشرية. وهي محاور ذات صلة بحقوق الانسان، اذا ترجمت في النتاجات العامة والضيقة، كما سيظهر فيما يأتي.
4 - حقوق الانسان في النتاجات العامة للمحور، تكررت عبارة مثل: الموازنة بين الحقوق الواجبات في كل من (صف سادس- ص 12)، (صف سابع- ص 18)، (صف ثامن- ص 24)، (صف تاسع- ص 29)، (صف عاشر- ص 34 و35)، (صف اول ثانوي- ص 41 و42).
كما وردت عبارة: ممارسة وتطبيق مبادئ المواطنة والحرية والديموقراطية في كل من: (صف سادس- ص 14)، (صف سابع- ص 20)، (صف ثامن- ص 26)، (تاسع- ص 31)، (عاشر- ص 37)، (اول ثانوي- ص 44).
وهنا يثار سؤال حول تكرار هذه العبارات في صفوف مختلفة، وسؤال حول صلة هذه العبارات بمصفوفة حقوق الانسان التي وضعتها الوزارة؟
أترك الإجابة للقارئ أولاً، وأوضح أن المنهج ركز على الموازنة بين الحقوق والواجبات، بنص صريح، كما لا توجد علاقة بين الحقوق في المصفوفة، وما يمكن ان نصنفه على انه حقوق في المنهج.
كما يمكن إثارة سؤال: هل انعكست الحقوق على النتاجات الصفية؟ هذا ما سيتضح في الجزء الآتي:
حقوق الانسان في النتاجات العامة للصف: انعكست عبارتان لحقوق الانسان في النتاجات العامة للصف، هما: يعرف حقوق الانسان وواجباته (صفحة 14 صف سادس)، يتعرف على الديموقراطية وحقوق الانسان (صفحة 31 صف تاسع)،
وغابت اي صلة بين ما ورد في النتاجات العامة للمحور، والنتاجات الصفية العامة في بقية الصفوف والمنهج.
مع العلم ان العبارتين لا تدعوان الى الممارسة بل المعرفة، والمعرفة قد تقود الى الممارسة، وقد لا تقود، لكن المنهج لم يطلب ممارسة او المطالبة بأي حق.
حقوق الانسان في النتاجات الصفية الخاصة: وردت عبارة حقوق الانسان مرة واحدة هي: يقارن بين حقوق الانسان وواجباته في المواثيق والمرجعيات العربية وحقوق الانسان في الاسلام (صفحة 31 صف تاسع).
ثم وردت عبارات عن حقوق جزئية مثل: يبين حقوقه واجباته (صفحة 14 صف سادس)، يتعرف الحقوق والواجبات المترتبة على المواطنة (صفحة 20 صف سابع)، يمارس حقوقه بالوسائل السلمية (صفحة  21 صف سابع)، يحترم الاختلاف (صفحة 21 صف سابع)، يعمم أهمية الانفتاح على العالم (صفحة 28 صف ثامن) حق المواطن في الحصول على عمل وفق الدستور (صفحة27 صف ثامن)، احترام الثقافات والاديان (صفحة 37 صف عاشر)، حق المواطن في التعليم وفق الدستور (صفحة 38 صف عاشر)، حقه في العيش بسلام والحماية من التهديد (صفحة 45 صف ثانوي).
ومع اهمية هذه العبارات وصلتها المباشرة بحقوق الانسان، لكن يلاحظ ربط هذه الحقوق بالدستور الاردني، وليس بحقوق الانسان، وكان هناك تحفظ في الحديث عن حقوق الإنسان.
حقوق الإنسان في مصفوفة التتابع والمدى: وردت عبارة حقوق الانسان في المواثيق الدولية ولها حصة واحدة في الكتاب (صف تاسع- صفحة 51). وعبارة الحقوق والواجبات في الدستور الاردني ولها اربع حصص في الصف السادس.
وليس هناك مدى، ولا تتابع في مفاهيم حقوق الانسان، الّا اذا اعتبرنا مفاهيم حقوق الانسان في منهج التربية الوطنية.
تحدث المنهج صراحة عن المواثيق العربية والدولية في مجال حقوق الانسان مرة واحدة، بمقارنتها بحقوق الانسان في الاسلام (صفحة 31)، كما وردت عبارة الديموقراطية وحقوق الانسان مرة واحدة (صف تاسع صفحة 31)، وعبارة يتعرف حقوق الإنسان وواجباته في الدستور الاردني (صفحة 14 صف سادس).
في حين وردت عبارات واضحه وصريحة عن حوادث المرور –المشكلة الاجتماعية– ست مرات (صفحة 15، صف سادس)، اي ان التركيز الكمي على المرور، أكثر من التركيز على حقوق الانسان.
وهناك حقوق وردت في المصفوفة الرسمية 2002 لمفاهيم حقوق الانسان لم ترد اطلاقا مثل: منع التعذيب، الالتزام بقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية.
وقد خصص المنهج درسين لحقوق الانسان في كتاب التربية الوطنية والمدنية للصف العاشر، الجزء الثاني: درس بعنوان "الديموقراطية وحقوق الانسان في الاسلام- صفحة 48"، وآخر بعنوان "الحقوق الاساسية للمرأة والطفل- صفحة 52"،
وقد ركز الدرس الاول على الشورى ومقارنة بين حقوق الانسان في الاسلام ومواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، فظهر ما يأتي:
ان حقوق الانسان في المواثيق الدولية يجوز التنازل عنها، بينما حقوق الانسان في الاسلام فرائض وواجبات، لا يمكن التنازل عنها (صفحة 49، كتاب العاشر. 2 ،1) وهذه فرضية للمفكر الاسلامي د. محمد عمارة.
وان ما جاء في لوائح حقوق الانسان ومواثيقه الدولية قد نصت عليه الشريعة الاسلامية قبل اربعة عشر قرناً (صفحة 49)، ووضع الكتاب نشاطاً لإثبات أن الإسلام دعا الى حقوق الانسان قبل العهود الدولية (صفحة 50).
كما ذكر الكتاب ان الدستور الاردني لم يميز بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات (صفحة 52)، وهذه مغالطة كبيرة جدا، حيث شمل عدم التمييز بين الاردنيين ما عدا الجنس.
النتاجات العامة والخاصة لمنهج التربية الوطنية والمدنية: وردت خلالها حقوق الانسان ثلاث مرات، بشكل صريح ومباشر، بينما وردت عبارات المرور ست مرات.
 ملاحظة: هذا لم يشمل الحقوق الجزئية، مثل التعليم والعمل التي وردت مع ربطها بالدستور الأردني أو بالحقوق في الاسلام.
ثانياً: حقوق الإنسان في منهج التربية الاسلامية:
1 - المسوغات: ركزت المسوغات على اهمية التربية الاسلامية، باعتبارها الموجهة والمحركة لسلوك المسلم (ص 6)، وتتجاوز اهدافها حتى اعداد الانسان للحياة الآخرة. والتربية الاسلامية هي القاسم المشترك بين المباحث جميعها (ص 6).
وان التربية الاسلامية تؤكد ان سلوك الانسان يقاس ويحكم عليه بمقدار توافقه مع الحقائق والاحكام الشرعية وضوابطها (ص 6)، فإذا كان هذا هو المعيار للحكم على سلوك الانسان، فإننا نستطيع القول ان المعايير الاخرى، مثل القانون وسيادة القانون وحقوق الانسان، ليست من ضمن اهتمامات هذا المنهج.
2 -النتاجات التعليمية المحورية للتربية الاسلامية: ركزت النتاجات الاربعة عشر على تمثل مبادئ الاسلام والتسلح بايمان عقلي، والالتزام بأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومنها التصور الانساني للكون والحياة والانسان. اضافة الى حمل الرسالة الاسلامية العالمية ونشرها دفاعا عن مسلماتها (ص 7)، وهي نتاجات ايجابية ومطلوبة ويمكن استدلال غياب مفاهيم حقوق الانسان من هذه النتاجات.
3 -حقوق الانسان في مصفوفة المدى والتتابع: وردت عبارة "حقوق الانسان في الاسلام" مره واحدة (ص 120)، كما وردت عبارة حقوق المرأة مقرونة بواجباتها في الاسلام. ووردت عبارات عامة مثل حقوق الوالدين والاخوة والاخوات (ص 112) في مفاهيم الصف الخامس، ولا اعتقد ان لها صلة بحقوق الانسان، وكذلك حقوق الاقارب والجيران (ص 114).
اذن يمكن القول ان جميع المفاهيم الواردة في المصفوفة لم تشر الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، بل ذكرت مرة واحدة كحقوق اسلامية. فإذا عرفنا ان هذه المفاهيم هي المفردات الاساسية للمناهج المدرسية، فإننا نستدل بوضوح على غياب حقوق الانسان بشكل كامل في هذه المصفوفة.
4 -حقوق الانسان في المحاور الرئيسة: اشتملت المحاور (ص 8) على سبعة محاور هي القران وعلومه والحديث الشريف والعقيدة والسيرة النبوية والنظام الاسلامي والاخلاق الاسلامية والحضارة الاسلامية (ص 8).
ويلاحظ غياب محور خاص بحقوق الانسان من هذه العناوين الكبيرة، وربما كان السبب تركها للتفاصيل في النتاجات العامة والخاصة والضيقة.
5 - حقوق الانسان في النتاجات العامة: وردت عبارات مثل: التزام احكام الشريعة، تمثل العقيدة الاسلامية في الفكر والسلوك (صف اول اساسي- ص 12)، (صف ثاني- ص 18)، تمثل الاخلاق والآداب الاسلامية، التأسي بسيدنا محمد وتعرف سيرته بالفطرة. وتكررت في جميع الصفوف الدراسية. ولم ترد اي عبارات ذات صلة بالحقوق في المحاور الرئيسة.
6 - حقوق الانسان في النتاجات العامة للصف: ان النتاجات العامة للصف هي ترجمة للنتاجات العامة للمحور ولذلك نتوقع غيابا كليا لمفاهيم حقوق الإنسان في النتاجات الصفية العامة. الا اذا اقحمت اقحاما لا صلة له بالنتاجات العامة للمحور.
فماذا ورد عن حقوق الإنسان في النتاجات الصفية العامة؟
يلاحظ عدم ورود أي عبارات مباشرة عن الحقوق، وهذا طبيعي جدا، لأن غياب الحقوق في المحاور يعني غياب الحقوق في النتاجات العامة. لعل وزارة التربية ركزت على الحقوق في النتاجات الصفية الخاصة.
7 -حقوق الانسان في النتاجات الصفية الخاصة: لم ترد عبارات صريحة عن حقوق الانسان في النتاجات الصفية الخاصة، لكن تم استخدام تعبيرات مثل: حق المسلم على المسلم (ص 29-رابع)، يراعى حقوق الاخوة في الاسلام (ص29 -رابع)، يوضح حقوق الوالدين والاخوة والاخوات (41 -خامس)، يبين حقوق الاقارب والجيران في الاسلام (ص 57- سابع)، يقدر اهتمام الاسلام بالمرأة والعمل (ص57- سابع)، يوضح حقوق الزوجين في الاسلام (ص73- تاسع).
ويلاحظ أن هذه الحقوق هي اخلاق اسلامية لا حقوقا إنسانية عامة. كما انها عبارات تتعلق بالنتاجات الصفية الخاصة ولا يوجد لها اصل في النتاجات المحورية، والنتاجات الصفية العامة، مما يشير الى انها مجرد صدقة او استكمال سريع لنقص.
8 -افعال وعبارات تكررت كثيرا في منهج التربية الاسلامية: تكررت بعض النتاجات التي تهدف الى تشكيل شخصية الطالب. وهي واجبات على الطالب وليست حقوقا. ففي حين غابت الحقوق ركز المنهج على الواجبات الملزمة مثل:
تتمثل الآداب والأخلاق الاسلامية المقررة في حياته اليومية (45 مرة في كل الصفوف)، يتمثل بسيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وتعرف سيرته بالفطرة .. الخ ( 10 مرات)، يتأدب بالآداب والأخلاق الواردة في الأحاديث الشريفة (12 مرة)، يلزم احكام الشريعة الزاما واعيا (30 مرة). وهذه ضرورة تفرضها طبيعة المادة الاسلامية واهمية توعية الطلبه واقتناعهم بها.
9 - حقوق الانسان بين مصفوفة الوزارة ومناهجها: التزمت الوزارة في الوثيقة التي اعدتها 2002 بوضع مصفوفة لحقوق الانسان موزعة على مختلف الصفوف والمواد.
ففي مادة التربية الاسلامية احتوت المصفوفة على الحقوق الآتية: الحق في التعليم المجاني (صف 8)، المساواة بين الجنسين (صف 8)، ادانة جرائم الحرب (صف 9)، منع العنف الاسري (صف 9)، حق المشاركة (صف 9)، الحماية من الواسطة (صف 9)، حق اللجوء الى المحاكم (صف 9)، حق الانتساب الى النقابات المهنية (صف 9)، سرية المعلومات وعدم فتح المراسلات (صف 10)، استقلال الشخصية (صف 10)، ضمان الحد الادنى من الاجور (صف 10)، حق التصرف بالممتلكات (صف 10)، منع الاحتكار (صف 10)، العناية بالشيخوخة (صف 10)، منع التلاعب بالآجور    (صف 10).
ومن الواضح تماما أن جميع هذه الحقوق قد غابت عن المنهج، بشكل صريح، لكن ربما قد تكون مضمرة في بعض الاحاديث النبوية الشريفة. وربما قد تكون ظاهرة في الكتب المدرسية بشكل آكثر وضوحا. لكن أليست الكتب انعكاسا للمنهج؟
أنا أرجح أن واضعي المنهج لم يربطوا بين المصفوفة الرسمية، التي وضعوها، وبين إعداد المناهج والكتب، لتباعد الفترة بين 2002 و 2005، وجل من لا يسهو!
10 - حقوق الانسان العالمية وحقوق الانسان في الاسلام: من الواضح ان المناهج اهتمت قليلا او كثيرا بحقوق الانسان في الاسلام، ربما لاعتقادها ان هذه الحقوق سابقة لحقوق الانسان ولوائحة الحديثة .
ويلاحظ عدم التركيز في هذه المناهج لا على حقوق الانسان ولا على حقوقه في الاسلام، فالتركيز كان على الواجبات.
فلم يركز المنهج على عبارات وافعال مثل: يختار، يناقش، ينقد، يجرب، يفترض، يحاول ، يحاور... الخ، فالتركيز كان على: يتمثل، يتأسى، يلتزم ... الخ.
ومرة اخرى، إن هذه الافعال مهمة جدا لبناء الشخصية الاسلامية المتوازنة، اما غياب افعال الاختيار والتجريب، قد تكون خسارة لهذه الشخصية.
11 -حقوق الانسان في مصفوفة المفاهيم/ تربية اسلامية: خلت مصفوفة المفاهيم من أية اشارات لمفاهيم حقوق الانسان ( ص 108 – 120)، باستثناء عبارة حقوق الانسان في الاسلام (ص 120)، علماً بأن مصفوفة حقوق الانسان التي وضعتها وزارة التربية استجابة للمطالب الدولية والعربية، اشارت الى ان مادة التربية الاسلامية ستركز على:
الحق في التعليم المجاني (صف 8)، المساواة بين الجنسين (صف 8)، ادانة جرائم الحرب (صف9)، منع العنف الأسري (صف 9) الحماية من الواسطة (صف 9)، الانتساب الى النقابات (صف 10)، سرية المعلومات (صف 10)، استقلال الشخصية (صف 10)،  ضمان الحد الأدنى للأجور (صف 10)، حق التصرف بالممتلكات (صف 10)، منع الاحتكار (صف 10)، العناية بالشيخوخة (صف 10)، منع التلاعب بالاجور (صف 10).
ثالثاً: حقوق الإنسان في منهاج اللغة العربية.
1 - نصت وثيقة الوزارة – مصفوفة رسمية لمفاهيم حقوق الانسان– 2002، على ان منهاج اللغة العربية سوف يتضمن ما يأتي: الحماية من العنف الاسري (صف 6)، الحرية الثقافية (صف 6)، الحق في الملكية الفكرية (صف 8)، تقدير الشخصية (صف 8)، حق المشاركة في الشؤون العامة (صف 8)، منع الواسطة والمحسوبية (صف 10).
 2 -ولدى تحليل المنهاج بأبعاده كافة تبين ما يأتي: لم يتعرض المنهاج الى اي مفهوم من المفاهيم المذكورة في وثيقة الوزارة، ولا لتلك الواردة في الدستور او القانون او اللوائح الدولية او حقوق الانسان في الاسلام.
وهذا يعكس اللامبالاة من قبل معدي المنهاج ومؤلفي الكتب. كما يعكس مدى قدرة مجلس التربية والتعليم على القيام بعمله.
إذن غابت حقوق الإنسان كلية عن منهاج اللغة العربية.
3 - اهتم المنهاج بقيم واتجاهات في الكرم واحترام الوقت وحسن المعاملة والانضباط، وقد ذكرت كلمة الحق ثلاث مرات: الدفاع عن الحقوق (صف خامس)، قول الحق (صف 8 )، الجرأة في الحق (المرحلة الثانوية).
استنتاجات عامة:
- حاولت الوزارة الاستجابة لتوصيات اليونسكو والجامعة العربية بإدخال مفاهيم حقوق الإنسان الى المناهج. وأعدت في 2002 وثيقة لتنظيم وتوزيع عدد من حقوق الانسان على المواد الدراسية والصفوف وبذلت جهدا مهما.
- أثناء عمليات التطوير التي نفذتها الوزارة، ضعفت الصلة بين وثيقة تنظيم وتوزيع الحقوق وبين عمليات التطوير.
- هناك تحفظ من الوزارة على ذكر عبارة حقوق الانسان في المواثيق والعهود الدولية، وحتى على ذكر عبارة حقوق الانسان، وبدليل انها لم تتعرض لها إلّا اقل من خمس مرات.
- اهتمت الوزارة وبذلت جهدا كبيرا لاقناع الطالب بأن الإسلام سبق الوثائق الدولية بقرون.
- حاولت الوزارة تقليل أهمية حقوق الإنسان الدولية، حين قارنتها مع حقوق الانسان في الاسلام بقولها: "حقوق الإنسان في المواثيق الدولية يمكن التنازل عنها بعكس حقوق الإنسان في الإسلام".
-وأخيرا، فإن من المهم الاشارة الى ان عرض الحقوق في المناهج على ندرتها ارتبط بـ:
1 - الحقوق والواجبات مع ان معظم الحقوق لا ترتبط بقيام الفرد بواجب، مثل حق التعليم، المحاكمة العادلة، منع التعذيب .. الخ.
2 - عدم الاهتمام بتحفيز الطالب على المطالبة بهذه الحقوق.
3 - ضعف الجهد المبذول من المنهج لتنمية اتجاهات ايجابية نحو قضية حقوق الإنسان.
4 - غياب أي نشاط قد ينمي اتجاها نحو الحقوق.
5 -غياب أي نشاط قد ينمي مهارات مرتبطة بالحقوق.