ريشة أبو شامة.. تفاصيل "بغدادية" مفعمة بالحياة

الهاوية تالا أبو ريشة أمام إحدى لوحاتها- (من المصدر)
الهاوية تالا أبو ريشة أمام إحدى لوحاتها- (من المصدر)
أحمد التميمي إربد- هوت تالا سمير أبو شامة التي تدرس تخصص معلم صف في كلية التربية بجامعة اليرموك الرسم منذ نعومة أظافرها، إلا أن الفرصة لم تتح لها لدراسة الفنون، وظل الرسم هوايتها الأولى التي لم تنقطع عنها يوماً. تقول أبو شامة، إنها تحب المدن العربية وقررت أن تبدأ مشوارها الفني برسم هذه المدن، وبدأتها بمدينة الفن بغداد السلام، واتجهت لرسم المرأة العراقية بجميع تفاصيلها. وتضيف، إنها لم تصور المرأة البغدادية في لوحاتها تصويراً حرفياً، لكنها تأمل من خلال هذه اللوحات أن يستمع المتلقي لـ “خشخشة” الأقراط “التراجي”، والعقود المتدلية. ورسمت أبو شامة المرأة العراقية البسيطة، والمترفة والمدللة، تفيض جمالاً وحيوية وحباً بوجهها المستدير، ونظرتها المتفائلة التي تتطلع إلى البعيد، وفمها الذي يخفي ابتسامة ربما لا يستخرجها سوى من يقف متأملاً لتلك اللوحات طويلاً. ورسمت المرأة البغدادية ذاهبة أو عائدة من السوق، وكانت العباءة ليلاً أسود، يشكل تضاداً جميلاً مع سماء زرقاء صافية في معظم الأحوال. وتؤكد أنها تريد من وراء تلك الرسومات التعبير عن رغبة داخلية وشعور دفين؛ بأن تكون سماء بغداد خالية من الدخان والبارود. وتعمدت أبو شامة إظهار مقدمة شعر المرأة البغدادية بني اللون وجديلة تستدل على الصدر، للتخفيف من حدة السواد الذي غلف أجزاء كثيرة من لوحاتها الصغيرة التي رسمتها. وتضيف أنها لم ترسم المرأة البغدادية منكسرة مهزومة مهزوزة، بل رسمتها شامخة واثقة، ترتدي أقراطاً ذهبية كبيرة مزخرفة تزينها خرزات فيروزية اللون. وقالت أبو شامة، “معظم لوحاتي تحتوي على ألوان لها إيحاء خاص؛ البرتقالي والأحمر للملابس، أو شرائط ربط الشعر، والفيروزي الذي يلون السماء”، مؤكدا أن اللون يبعث الراحة والطمأنينة في النفس ويرمز إلى التناغم بين العقل والعاطفة، فأحياناً نجد امرأة بغدادية بعيون جميلة ترنو إلى البعيد من خلف كف أزرق يغطي نصف وجهها وإحدى عينيها، ونصف فمها، وينتصب خلفها عدد من مآذن وقباب المساجد”. وأشارت إلى كثير من الفنانين الذين رسموا “البغداديات”، ولكل خطه وبصمته، مبينة “إلا أنني لم أرسم النسوة البغداديات يحلقن حول من حكموا العراق في سالف الأزمان، يطعمنهم، أو يسقينهم، أو يرقصن في بلاطهم لإسعادهم، بل جعلتها في كثير من الأحيان أن تعلن وتعبر عن رغباتها صراحة، وخلف النظرات تختبئ آلاف الأمنيات والأحلام والرغبات”. وأوضحت أنها رسمت المرأة البغدادية جميلة كبغداد؛ بوجهها المستدير وحاجبيها المرسومين بعناية، وعينيها الواسعتين، وفمها الأحمر الصغير، وهذا كله من معالم الجمال لدى البغداديات. ولفتت إلى أنها رسمت المرأة البغدادية في حالات نفسية متغيرة، وانفعالات متباينة، فرسمتها متفكرة ساهمة، ومتأملة ممعنة، ومغمضة العينين حالمة، تحيط بها أبواب عدة، وكل باب له لونه الخاص، وكأنها أبواب بغداد، وعليها أن تختار من أي باب تدخل. وبينت أنها جاءت بالمرأة البغدادية شامخة بين القباب والمآذن تنظر بعيداً، وكأنها رأت مخطط بغداد عندما أضاء أبو جعفر المنصور النموذج المعماري للمدينة قبل البدء بإنشائها، كما رسمت المرأة البغدادية ذات الوجه الجميل المستدير، والفم الصغير ترنو بهدوء إلى القباب والمآذن؛ وكأنها تسمع وشوشاتها. اقرأ المزيد: اضافة اعلان