صفقة تركية-أميركية: التخلي عن منظومة "أس- 400" مقابل اجتياح شرق الفرات

إرغون باباهان - (أحوال تركية) 28/4/2019

قد تتحول أزمة منظومة S-400 الصاروخية الروسية إلى موضوع للمساومة على الأكراد في سورية بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، ويبدو أن الاتفاق المحتمل سيكون باتجاه تراجع تركيا عن إتمام صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، في مقابل أن تتوقف أميركا عن تقديم الدعم للأكراد في سورية، أو تسمح لتركيا بالتوغل في منطقة شرق الفرات.

  • * *
    يجري الحديث هذه الأيام عن اتجاه الولايات المتحدة الأميركية إلى قبول بعض المطالب التركية الخاصة بسورية، في مقابل أن تتنازل الأخيرة عن شراء منظومة S-400 الصاروخية من روسيا.
    وعلى الجانب الآخر، تعارض الإدارة الأميركية جلوس الأكراد مع الأسد والتفاوض معه. أما روسيا، فيبدو أنها تتحفظ في علاقتها مع الأكراد، بزعم التوصل إلى حل للوضع الحالي في إدلب.
    في ظل هذا الجو المشحون، توجَّه وفد كردي كبير إلى باريس، والتقى الرئيس الفرنسي ماكرون. وقد تابع الصحفي التركي فهيم طاشتكين هذا اللقاء الذي جرى في قصر الإليزيه، والتقى المشاركين في الجلسة.
    ناقشنا هذا الأسبوع مع الصحفي طاشتكين تفاصيل لقاء الإليزيه، والبيان الذي ألقاه رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو. وذكر طاشتكين أن داود أوغلو يتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عن الأزمة التي تمر بها تركيا في الوقت الراهن.
اضافة اعلان

وفيما يلي عرض لأهم النقاط التي تناولها لقاؤنا مع الصحفي طاشتكين:
قد تتحول أزمة منظومة S-400 الصاروخية الروسية إلى موضوع للمساومة على الأكراد في سورية بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، ويبدو أن الاتفاق المحتمل سيكون باتجاه تراجع تركيا عن إتمام صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، في مقابل أن تتوقف أميركا عن تقديم الدعم للأكراد في سورية، أو تسمح لتركيا بالتوغل في منطقة شرق الفرات.
وهناك سيناريو متشائم آخر ينتظر الأكراد؛ ففي حين تخيم الشكوك على الموقف الأميركي، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستنسحب حقاً أم لا، لم يجد الأكراد بُدّاً -هذه المرة- من طرق باب قصر الإليزيه، رغبة في الحصول على دعم دولي لموقفهم في سورية. وقد تمكنوا بالفعل من الحصول على تأكيدات فرنسية باستمرار دعم حكومة ماكرون لهم، لكن هذا يظل مقروناً كذلك بوجود الولايات المتحدة على الساحة.
في السياق نفسه، يشعر الأكراد بانزعاج كبير من احتمال أن تنضم تركيا إلى التحالف الدولي في سورية، وأن يتم إشراكها في فرض منطقة آمنة، أو منطقة عازلة هناك، وهو الأمر الذي سيجعل الأكراد أمام خيار صعب، وهو ما يجعلهم يقولون: "لن نيأس، حتى لو تخلت عنا الولايات المتحدة"؛ لأنهم يرون أن الشراكة الحالية مع الولايات المتحدة تمنعهم من التحرك على الأرض وفق خططهم الحقيقية.
في حالة حدوث تقارب بين تركيا والولايات المتحدة، لن يجد الأكراد أمامهم خياراً آخر سوى التفاوض مع دمشق، ومحاولة كسب تأييد الروس. وعلى الجانب الآخر، تفضل روسيا التزام الصمت إزاء ما يحدث؛ إذ إنها لا ترغب في اتخاذ خطوة ملموسة بشأن الأكراد قبل التوصل إلى حل لمشكلة إدلب المعقدة. أما إذا قطعت أميركا علاقتها بالأكراد، ولم تدخل روسيا بثقلها -حرصاً منها على الحفاظ على شراكتها مع تركيا- فسوف تضعف القوة التفاوضية للأكراد في تركيا.
ظهور داود أوغلو على الساحة من جديد أمر جيد، ولكن هذا لا ينفي كونه أحد أسباب الأزمة الراهنة
مما لا شك فيه أن سياسة تركيا في سورية، وفي منطقة الشرق الأوسط -على وجه التحديد- كان لها تأثير مباشر في تسميم الأجواء السياسية داخل تركيا، ونهاية عملية السلام مع الأكراد، ومع جبهة المعارضة بصفة عامة. وفي هذا الإطار، كان أحمد داود أوغلو اللاعب الرئيس في السياسة الخارجية التركية. ولذلك، لا يمكن لداود أوغلو أن يدفع عن نفسه مسؤولية التردي الموجود في الوضع الراهن على الساحة السياسية التركية، كما أن هناك الكثيرين ممن يوجهون له إصبع الاتهام من داخل تركيا وخارجها. ومع ذلك، نجح، من خلال الخطاب الذي ألقاه، في تلخيص الوضع الراهن إلى حدّ كبير.
كان الخطاب بمثابة نوع من الاعتراف والاعتراض معاً. وكان بمثابة تحضير لظهور حزب جديد ينبغي أن يكون له وجود في الداخل والخارج، بدعم من غول وعلي باباجان؛ فمن ناحية، يتمتع غول بقاعدة دعم كبيرة بين المواطنين الأتراك، ومن ناحية أخرى يحتل علي باباجان مكانة جيدة في الأوساط الاقتصادية داخل تركيا وخارجها، وبالتالي قد يجعل وجود هذين الشخصين -على وجه التحديد- الأمر أكثر صعوبة على حزب العدالة والتنمية.