معرض "آفاق زرقاء" لنصر الله: إعادة تشكيل العناصر وفق رؤية بصرية متوثبة

معرض "آفاق زرقاء" لنصر الله: إعادة تشكيل العناصر وفق رؤية بصرية متوثبة
معرض "آفاق زرقاء" لنصر الله: إعادة تشكيل العناصر وفق رؤية بصرية متوثبة

يفتتح في جاليري دار المشرق اليوم

 

محمد جميل خضر

عمّان- يفتتح في السادسة من مساء اليوم في جاليري دار المشرق معرض الفنان التشكيلي محمد نصر الله "آفاق زرقاء".

اضافة اعلان

ويجعل نصر الله المولود في عمان العام 1963 من الأزرق واحتمالاته وتفاعلاته مع محيطه، ثيمة رئيسية في أعمال المعرض المتواصل حتى الثامن من شهر نيسان (إبريل) المقبل.

وعن تجربته الجديدة يقول نصر الله صاحب 10 معارض شخصية وعشرات المعارض الجماعية المحلية والعربية والدولية: "هذا الأزرق يخترق عالمي دائماً بألوانه وأشكاله كلما اتسع الفضاء بآفاقه وتلمَّستُ بحرية الأشياءَ، يبدأ من النهاية أو ينتهي في البداية بانتهاء لوحتي".

ويكشف بأنه "الصورة الأولى التي في ذاكرتي أيام الطفولة والشقاوة، أتذكرها عندما كنت أسكن في مخيم الوحدات، صورة بركة الماء الموجودة في حارتنا والتي كنت من خلالها كل يوم، أتأمل بعيون متلهفة علّني أمسك على صفحتها السماء الزرقاء ووجه البحر الأزرق، وكل تلك الأشياء التي كانت تتحرك على سطحها وتبعث في داخلي التأمل. وهذا ما جعلني أستعيدها ثانية مرة بعد أخرى لأصوغها من جديد باحثا ومستكشفا آفاق اللون الأزرق الذي يمتد بعيداً بلا نهاية ليلون خلايا ذاكرتي وليكون العتبة التي أقف عليها اليوم متأملاً معناها".

ويواصل نصر الله الحاصل على دبلوم فنون من المركز الثقافي الاسباني، في سياق استعراض تفاصيل علاقته بالأزرق "أذكر أيضاً واقعة أخرى حينما كنت أقذف تلك البالونات في البركة، البالونات التي كانت تشبه إلى حد كبير (الليمونة)، وهذا التأمل تحول في لوحاتي إلى كائن حي له تداعياته الجمالية الأخرى، وأضاف إليها طعماً خاصاً، لتبعث الكتلة والحركة والخطوط وهي محلّقة في أجوائها السماوية الرابضة في ذاكرتي، مانحة إياي الحرية في تأسيس المشهد وبعثه من جديد".

ويزيد في حديث مع "الغد" قائلا "كل تلك الأشياء هي التي قادتني إلى معرفة اللون الأزرق الذي هو لون السماء ولون البحر الذي أنتمي إليه في رحم هذا الفضاء البصري. وهو سر عميق أحاول التعبير عنه من خلال هذه التقنية. لأنني أحاول التعبير عنه بالروح وأنا أنقل الأحاسيس من خلال البعد الذاتي والتأملي والإنساني".

ويخلص "لهذا كان عليّ أن أتعامل مع هذه التجربة بعد أن أحسست أنها أعادتني إلى الذاكرة لأصوغ تلك الصور قريبا من الاتجاه الرمزي بكل ظواهره لاكتشاف المعنى والإيحاء به".

ويربط مستفيدا من مخزونه المعرفي "لطالما أحسست أيضاً بقوة هذا الأزرق، أذكر مقولة افلاطون الشهيرة التي تذهب إلى "أن كل المحسوسات ما هي في الواقع إلا رموز وصور لحقائق في عالم المُثل، وهنا أشير إلى أنني قد استخدمت اللون الأزرق من قبل في مراحلي السابقة ولكن كان اقرب باتجاهه إلى الحلم والواقع لنقل ألم هذا العالم الذي أنتمي إليه. لأعيد تشكيله وصياغته وتكثيفه بهذا المعنى وتحرير جماله كحالة شعرية".

ويختم "في تجربتي "آفاق زرقاء" شعرت أن اللون الأزرق أيضاً قد صار مرجعي الأساسي الذي يقودني نحو مقياس رؤية إبداعية أخرى بشكل اللوحة التي تثير إحساساً بالحركة عبر التكوين الفني البصري. ولا أريد استخدام حريتها الشكلية للتطاول على تسييس خطوطها ورموزها لأنها تبقى في ذاكرتي خزاناً للأحاسيس بكل كائناتها الجمالية التي تخلق حالات روحية بعيدة كل البعد عن المباشرة، سواء كان ذلك على مستوى الرؤية أو اللاوعي في لوحاتي، خصوصا أنني أصبحت أميل نحو الاختزال الآن في الشكل والخط واللون. إنها رموز من الأشياء المحيطة بي لكنني أجد فيها ذاتي من حيث البحث والتجريب لكي أتوصل إلى لغة موسيقية خاصة بلوحتي أيضاً، وبالمنجز الذي أعمل عليه".

ويصف البروفيسور تودور فادجيف من الأكاديمية الوطنية للفنون في العاصمة البلغارية صوفيا، تجربة نصر الله بأنها إعادة تشكيل لمفردات عالمه الخاص بعيداً عن السردية، مثل السماء والأرض والهواء والماء أو العشب بصورة بعيدة عن التشخيص، ففيها أشكال تجريدية (الإنسان وأدوات الحياة) مثل السمكة والليمونة، وهذان العنصران يشكلان رمزين لازما الإنسان منذ القدم، حيث استطاع الفنان أن ينفخ فيهما (روحاً) جديدة.

ويرى أن الفنان استطاع في أعمال معرضه الجديد أن يعيد إنتاج فلسفته للحياة والفن عبر تكوينات متوازنة بتقنية خاصة من إبداعه، "تلك التقنية تلفت الانتباه إلى الدرجة اللونية التي يصوغ فيها الفنان طاقته الإبداعية، حيث عكست درجات الأزرق للسماء والبحر انعكاس روح الفنان الحرة وحساسيته التي عكست نضوجاً ورغبة جامحة للكمال في معالجة الخط واللون والشكل".

يذكر أن نصر الله ساهم في إنجاز عدد من الملصقات حول الانتفاضة وعدد آخر من الملصقات لمنظمة العفو الدولية وحقوق الإنسان وصمم العديد من أغلفة الكتب الأدبية والفكرية.

ويقتني أعماله عدد من المؤسسات الرسمية والأهلية والأفراد في الأردن وعواصم العالم المختلفة.