اشتم المعلمين، فتترقى مستشارا!

بشكل حرفي، هذا ما قد يحدث!
شتم المعلمين اليوم قد يسهل حياتك العملية كثيرا. فما هو إلا وقت قليل، حتى يتم نقلك إلى رتبة مستشار في وزارة التربية والتعليم، من غير أن تفقد مسماك الوظيفي، والذي يكون عادة "مدير تربية وتعليم"، وبالتالي، لا تتبقى سوى خطوة واحدة، أو خطوتين على أبعد تقدير، تفصلك عن المسمى الأول والمنصب الأعلى: وزير.اضافة اعلان
على الأقل، هذا ما حصل منذ أيام قليلة، حين احتجّ معظم معلمي المملكة على ألفاظ "دونية" تفوه بها مدير تربية محافظة جرش "السابق-اللاحق" في حق المعلمين، واصفا إياهم بالـ"هَمَل"، فما كان من وزير التربية والتعليم الأكرم، الدكتور وجيه عويس، إلا أن قرر نقل مدير تربية جرش "الفاضل" إلى مركز الوزارة، ليعمل مستشاراً فيها، برتبة مدير تربية وتعليم، وتعيين خلف له، لـ"يحرس" المنصب إلى حين العودة المظفرة للمدير السابق.
هذا كان ردّ وزير التربية والتعليم على احتجاج عام للمعلمين، حين ثاروا في معظم المحافظات ثأرا لكرامتهم المهدورة على يد "مدير" ما يزال ينظر إلى "موقع المسؤول" بصفته منزّها ومحميا، ولا يأتيه البغي من أي جانب.
لقد جاء الردّ أشبه بالصفعة على خدود المعلمين الذين، لا أظنهم، فهموا تماما مغزى قرار السيد الوزير، وهو القرار الذي أعلى من شأن شخص نال من مكانة المعلم ورمزيته، ولا نظن أن إدارة، مهما بلغت بدائيتها، تستطيع أن تنكر الرمزية الخاصة للمعلم وعملية التعليم في حياة أي شعب، فتلك الرمزية لا بدّ أن تكون ظاهرة على جميع ما سواها.
لكنّ وزير التربية الأفخم ومدير تربيته الفذّ، ما يزالان يتعاملان مع المواطن عموما، ومع المعلمين على وجه الخصوص، بعقلية الوصاية والجبر، وهي العقلية التي تفرد نفسها في مكان قصيّ بعيد عن فهم "العامة"، ليصار إلى اتخاذ القرارات نيابة عن ضمائرنا جميعا، بما يشبه آلية عمل الأنظمة الشمولية التي "ترفع" من شأن تفكيرها، في مقابل تفكير "العوام".
في خضمّ انشغالات السيد الوزير ومديره، يبدو أنهما نسيا تماما أننا نعيش في مرحلة جديدة، تبدو عصية على فهمها، وهي مرحلة امتلاك المعلمين لقرارهم في زمن ربيع يمتد من المحيط إلى الخليج. كما أنهما نسيا أن ثمة نقابة للمعلمين جمعت أعضاءها حول لوائها لتدافع عن كرامتهم وصورتهم وحقوقهم ومكتسباتهم.
نعلم أن كرامة المعلم تم استهدافها، وبصورة منظمة، على مدار سنوات طويلة، ما أخلّ بمكانة المعلم كثيرا، وباتت صورته دونية في عيون الأجيال التي لم تشهد مجدا بناه أولئك الأوائل الذين علّمونا الحرف والغناء والشعر وحب الأوطان والانحياز للإنسانية.
لكنّنا نقول لعويس، في هذا الزمن الجديد، إنه يتوجب عليه أن يراجع قراره العقيم في مكافأة من نال من كرامة المعلم. ونقول للمعلمين أن لا يتراجعوا أبدا عن حقهم، وأن لا يرضوا بغير إرسال المعتدي إلى بيته من دون أي ألقاب أو حقائب أو مناصب.
هكذا نفهم عقوبة من "يستأسد" على المعلم.

[email protected]